جاء في "المدخل إلى تحليل النص": (الترفيل زيادة سبب خفيف على وتد مجموع بعد مدَ، وبه فاعلن - ب -، تصبح فاعلاتن - ب - - ، متفاعلن ب ب - ب -، تصبح متفاعلاتن ب ب - ب - - .
التذييل: زيادة حرف ساكن على وتد مجموع بعد مدَ، ............
التسبيغ: زيادة حرف ساكن على سبب خفيف بعد مدّ ............). [ص: 212 - 213].
قلتُ:
قول مؤلفي كتاب "المدخل إلى تحليل النص": (بعد مدّ) لعله وهم وقع منهم، وظاهر كلامهم يشير إلى الألف التي تظهر في كتابة التفعيلة بعد أن تقع عليه علّة من علل الزيادة الثلاث، فمثلا:
فاعلن تصبح بالترفيل فاعلاتن، والألف هنا ليست سوى نون ساكنة قلبت ألفاً؛ لتحسين اللفظ، والأصل هو: فاعلنْتن.
وفاعلن بالتذييل تصير إلى: فاعلان، والأصل فيها: فاعلنْنْ، فنقلت إلى: فاعلانْ؛ لتحسين اللفظ فحسب.
وهنا مبحث مهم:
اختار الخليل بن أحمد للتفاعيل ما اختاره في بنية الكلمة في علم الصرف، فجعل (فعل) الفاء والعين واللام هي أساس بناء التفاعيل، وأضاف إلى ذَلك من الحُروف الزَّوائد سَبعة، وهي: الألف، والياء، والواو، والسِّين، والتاء، والنُّون، والميم.
وجمعت في قولهم: "لمعتْ سيوفنا"، ويقال لها أحرفِ التفاعيل أو حروف التفعيل، أو حروف التقطيع.
وإذا وقع على التفعيلة (الجزء) تغيير من زحاف وعلَّة، يطرأ على بنْيتِها تغيير لفظي، فإذا كان مألوفا ترك كما هو،مثل (مَفَاعِيلُنْ) و(فَعُولُنْ) إذا دخلهما القبضُ، يصبحان (مَفَاعِلُنْ) و(فَعُولُ) فيبقيان كما هما من دون تحويل أونقلٍ.
وكذلك (فَاعِلُنْ) إذا دخلها الخبنُ، فتكون (فَعِلُنْ)، ومثلها (فَاعِلَاتُنْ) إذا خُبِنتْ تُترك على شكلها الجديد: «فَعِلَاتُنْ»، وكذلك إذا دخلها الكف (فاعلاتُ) فلا تنقل.
أمَّا إذا كان لفظ التفعيلة (الجزء) بعد التغيير غيرَ مألوفٍ أو ثقيلا؛ فيُنْقل إلى لفظٍ مألوف تحسيناً اللفظ، بشرط أن يحتوي هذا اللفظ المنقول إليه الحروف الثلاثة الأساس (فَـ عَـ ل) التي يقال لها حروف الوزن.
ومن أسباب النقل والتحويل:
(1) أنْ يَسْقُط أَحدُ أحروف الوَزن (فعل)، بتغيير يطرأ من زحافٍ وعلل. مثل الحذف في مفاعيلن فتصبح (مفاعي)، فليس بها اللام، فتنقل إلى (فعولن). و(متفاعلن) إذا وقع بها الحذذ تصير إلى (متَفا) وليس بها العين ولا اللام، فتنقل إلى (فَعَلُن). و(فعولن) إذا خرمت صارت (عولن) فليس بها الفاء، فتنقل (فَعْلُنْ).
(2) ألَّا يسقط حرف من حروف الوزن الثلاثة، ولكنْ يُسْتثقَل النُّطق بهِ، مثل (فاعلاتن) تصبح بالحذف (فاعلا) فتنقل إلى (فاعلن).
و(مَفْعُولَاتُ) إذَا دَخلها الكشْفُ أوالكَسْفُ، فَتصيرُ (مَفْعُولَا) فتنقل إلى (مَفْعُولُنْ)، أو دخله الكشفُ والطيُّ معًا فَيصيرُ (مَفْعُلا) فينقل إلى (فَاعِلُنْ).
(3) أن يستوجب التغيير الوقوف على ساكن غير النون، مع وجود حروف الوزن، فإذا قطعت (فاعلُنْ) أصبحت (فاعلْ)، فتنقل إلى (فَعْلُنْ). وفاعلاتن إذا دخلها القصر أصبحت (فاعلاتْ)، فتنقل إلى (فاعلان). وهذا قريب من التفسير الثاني.
قال ابن جني في الخصائص عن منهج الخليل صاحب العروض: (ألا ترى أن الخليل لما رتَّب أمر أجزاء العروض المزاحفة، فأوقع للزحاف مثالًا مكان مثالٍ عدل عن الأول المألوف الوزن إلى آخر مثله في كونه مألوفًا، وهجر ما كان بقَّتْه صنعة الزحاف من الجزء المزاحف مما١ كان خارجًا عن أمثلة لغتهم.
وذلك أنه لما طوى "مُسْ تَفْ عِلُنْ " فصار إلى "مُسْ تَعِلُن " ثناه إلى مثال معروف وهو "مفتعلن" لما كره "مُسْتَعِلُنْ" إذ كان غير مألوف ولا مستعمل. وكذلك لما ثرم "فَعُولُنْ" فصار إلى "عُولُ" وهو مثال غير معروف عدله إلى "فَعْلُ". وكذلك لما خبل "مُسْتَفْعِلُنْ" فصار إلى "مُتَعِلُنْ" فاستنكر ما بقي منه جعل خالفة الجزء "فَعَلَتُنْ" ليكون ما صيِّر إليه مثالًا مألوفًا، كما كان ما انصرف عنه مثالًا مألوفًا. ويؤكد ذلك عندك أن الزحاف إذا عرض في موضع فكان ما يبقى بعد إيقاعه مثالًا معروفًا لم يستبدل به غيره. وذلك كقبضه "مفاعلين" إذا صار إلى "مفاعلن", وككفه أيضًا لما صار إلى "مفاعيل", فلما كان ما بقي عليه الجزء بعد زحافه مثالًا غير مستنكر أقرَّه على صورته ولم يتجشَّم تصوير مثال آخر "غيره" عوضًا منه, وإنما أخذ الخليل بهذا لأنه أحزم وبالصنعة أشبه.). [مج 2 / 69].