الحرب
الحب ...والحرب .. و حقائب السفر.
منذ عقدين ونيف .. وهي ترافق احلامه وسفره. حيثمايقلع تنطلق، وحيثما يقر ، تستقر.أم قشعم .. تسكن حقائبه.
حين بدأ تغريبته، متمنيا رزقا كريما، موليا وجهه عن وطن رآه في عينيها الدامعتين ، صدمه البيان الأول :
مزيد من اللاجئين أدرجوا على قوائم تاريخنا.عصرته مفرزة للتفتيش
، اي شيء متفجر في ملابسه يستحق كل هذا العناء في التدقيق.
وصل بالكاد إلى نصف رغيف ، رغم أنه كان طازجا ولذيذ الطعم ، فكتب لها رسالتين ..حب ... وأمل ..، إلا أن البيان الثاني لحقه دون تردد: ... مزيد من المدن الغائرة في الدم والبارود . ومزيد من قوائم اللجوء .رسي هناك على حافة حلم تحت نخلته الأثيرة.
كانت دقات العرس كترانيم جنائزية ، لكن على أية حال ، لابد أن يفتعل شيئا من فرحة . مع كل هذه التكلفة ، لابد أن يبدى شيئا من سعادة.(صباحية مباركة يا عريس). هم بالرد، إلا أن صريخ البيان الثالث لحقه فألجمه : غزو وطرد وتشريد وخراب وضياع نصف الرغيف الٱخر. كان اسمه بارزا متألقا على أول لائحة للجوء.
وما زالت عيناها دامعتين، وقد بدا الوطن في مقلتيها، ساحة من الغبار والزحام والوجوه الحائرة، والعوز .
لمم أوراق الدرس الجديد... التفت إلى تلاميذه في الصف العاشر بعد الألف، منبها إياهم أن يغلقوا كتبهم؛ وينصتوا ،انتظارا للبيان الجديد!
فها هي (أم قشعم) ،تستعد لفاتحة خراب آخر؛ إذ راحت تفك جدائلها الخرافية ، لتبدأ رقصتها الدموية ،وغناءها العبثي في مدن الفقر ،والزيت ،والملح.
* ام قشعم : اسم للحرب عند قدماء العرب.