من حكايات الدم والمجد والدموع.
قصة قصيرة بقلمي
شظايا.
الوطن مشتعل بالنضال.
الحرب تجتاح المدن ، والحقول، وطائرات العدو تضرب المصانع، وقناطر المياه، والسواقي، و تفزع الطيور في أعشاشها ، والصغار في أسرتهم.
&&&
الهتاف يعلو في ساحة مدرستنا الابتدائية، نموت نموت ويحيا الوطن.
(يا شباب الغد المأمول، أنتم مستقبل هذه الأمة، بل نحيا, ونحيا ,ليحيا الوطن.)
$$$$
أرى علم البلاد مرفرفا، ترتفع صاريته تشق الفضاء،الأناشيد تهز أركان مبنى المجمع المدرسي العتيق، الذي اعتاد أن يكون مقرا لجنود الاحتلال البريطاني البغيض.
&&&&
الشوارع أمامي ،تعج بحافلات وشاحنات ، تحمل المهاجرين من مدن خط النار ، كما تحمل بقايا أثاث وذكريات، وأطفالا يحتضنون دمى صغيرة باعتزاز شديد.
&&&
التففنا في فناء المدرسة حول زميلنا المهاجرالصغير، يحكي لنا باكيا أنه كان ممسكا بيد أمه ، حين انطلقا خارج البيت ،راكضين مع الجموع المفزوعة،في شوارع السويس، هربا من قصف عشوائي مجنون من طائرات ومدفعية عدو غاصب غشوم، قصف حقود شمل البشر والشجر والحجر.
&&&
كان زميلنا المهاجر الصغير، يسرد حكايته بدموع حارة ، شقت مجراها في وجنتيه ، وكيف أنه أفاق ،فإذا به ما زال ممسكا بكف أدمية دون جسد، كان قد انتزعته بعيدا شظايا عابرة، وتحولت أمه إلى أشلاء في سحابات الدخان الكثيف.
&&&
أذكر ، كم احتضنا ذلك المهاجر الحبيب ، وضممناه بيننا.
كانت حكاياه كلما تجمعنا حوله ، تفجر في صدورنا براكين غضب.
&&&
لم أكن أدرك مغزى احتفاظ زميلنا هذا في جيب بنطاله، بتلك القطعة الفولاذية السوداء ،غير المنتظمة ، الحادة الحواف. وما كان يسمح لنا بغير النظر إليها ،دون أن نلامسها.