على مرّ التاريخ ، كان لإعفاء اللحية أهمية ثقافية واجتماعية ودينية في مجتمعات مختلفة ، حيث ارتبطت بمعان كثيرة : الحكمة والقوة والسلطة وحتى إثبات التميز عن الأنثى..
كان هذا التقليد متجذرًا بعمق في الثقافة العربية قبل الإسلام وكان يُنظر إليه على أنه رمز للذكورة والكرامة والحكمة.
اختلفت الأهمية والرمزية المرتبطة باللحية عبر المجتمعات والفترات الزمنية المختلفة. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
• المصريون القدماء: في مصر القديمة ، كانت اللحى تُعتبر رمزًا للكرامة والمكانة والإله ، و كان يتم تصوير الفراعنة والآلهة بها للتأكيد على سلطتهم وقوتهم.
•الإغريق القدماء: في اليونان القديمة ، كانت اللحى رمزًا للحكمة والرجولة والذكورة. غالبا ما احتفظ الفلاسفة والعلماء والشخصيات البارزة بلحى طويلة كدليل على الاجتهاد والبحث والتفكير.
• الفايكنج: في الثقافات الإسكندنافية ، كانت اللحى ذات قيمة عالية ، وكان يُنظر إلى شعر الوجه على أنه علامة على الشرف والذكورة والقوة، وكان يُصوَّر الإله الإسكندنافي "أودين" بلحية طويلة كثيفة.
• السيخية: في السيخية تعتبر اللحية مقدسة وهبة طبيعية من الله. يتم تشجيع رجال السيخ على عدم قص شعرهم ، بما في ذلك شعر الوجه ، كطريقة لقبول واحترام إرادة الخالق.
• المسيحية الأرثوذكسية: في التقاليد المسيحية الأرثوذكسية ، يطلق الرجال اللحى كدليل على التقوى والالتزام بالعادات الدينية.
بعد ظهور الإسلام استمر العرب في إعفاء لحاهم باعتبارها عادة وليست عبادة يثاب عليها الإنسان، وقد أكّد هذا شيخ الأزهر الشريف سابقا محمود شلتوت رحمه وتبعه معظم علماء الأزهر لاحقا، يقول الشيخ شلتوت في الفتاوى " والحَقُّ أن أمر اللباس والهيئات الشخصية -ومنها اللحية- من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة..".
ومثله الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه: "أصول الفقه" حيث اختار أن إطلاق اللحية من أمور العادات وليس من قبيل الشرعيات.
كما اختارت دار الإفتاء المصرية هذا القول القوي حيث جاء في موقعها الرسمي " المختار للفتوى أن اللحية من أمور العادات وليست من قبيل الأمور الشرعية التي يُقصد منها التعبد، وهذا معتمد مذهب الشافعية؛ وهي من الفروع الفقهية التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء، والقاعدة في ذلك: "أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما الإنكار في المجمع على حرمته" .