لستَ بغافل عن فلتات التعبير لكن النفس البشرية طبعها الغفلة والنسيان وكذلك الشعراء خاصة في المطالع وتكون أكثر وضوحاً في مطالع القصائد التي انطلقت بعد تأثر العاطفة مثل قصيدة امرئ القيس التي مطلعها :
ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي.......
وبعد وصف الطلل البالي يدخل في غرض القصيدة :
أَلا زَعَمَت بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني
كَبِرتُ وَأَن لا يُحسِنُ اللَهوَ أَمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ
وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ
بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها
كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
ثم يواصل في سرد هذه المغامرة الغرامية ويتبعها بأمثالها.
قالت له بسباسة أنت شيخ كبير لاتصلح للحب واللهو فثارت ثائرته لأن شخصيته من نوع الشخصيات التي تحب وتعشق المغامرات الغرامية والتفاخر والتغني بها.
لاحظ كلمة : الطلل البالي في المطلع هو يتحدث عن الأطلال ويصفها ونفسه تتحدث عنه لأنه لما كبر هجره الفتيات وصار كالطلل البالي الذي هجره أهله ولذلك كرر الاستفهام :
أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي
وَهَل يَعِمَن إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ
قَليلُ الهمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ
الواو التي في عجز المطلع للاستدراك والاعتراض على ألا عم صباحاً..... والاستدراك والاعتراض في كلام استدراك واعتراض في النفس.
ثم ذكر هذه الصفات : السعادة والخلود وقلة الهموم فهو حزين وكثير الهموم لأن الشباب لايخلد.
ثم لم يعطف هذه الصفات على بعض لأنها لشخص أو شيء واحد وتدور حول معنى واحد مثل أن تقول زيد شاعر فصيح بليغ يسحرك شعره.
والله أعلم