يمثّل التدين السطحي والتدين العميق نهجين متناقضين، ولكل منهما آثاره الخاصة على الأفراد والمجتمعات.
يتجلّى التدين السطحي في الارتباط بالعبادات والشعائر دون فهم عميق أو استيعاب للمعتقدات والغايات الأساسية. فتجد العديد من الأفراد يواظبون على العبادات بشكل آلي، دون النظر إلى المغزى أو المعنى الكامن وراءها، ظانين أنّ المواظبة هي الهدف الأول والأخير ، وبذلك يحصل لديهم شعور زائف بأنهم أفراد مقبولون أو لديهم امتياز خاص عند الله. وهو ربما ما يدفع ببعضهم إلى التكبر والغطرسة والتعالي على خلق الله.
إحدى السمات الرئيسية للتدين السطحي هي عدم وجود تحوّل شخصي، فبعض الأفراد ينخرطون في الأنشطة الدينية بسبب العادة أو الضغط الاجتماعي أو القبول داخل مجتمعهم. ..هذا الشكل من التدين يجعل الأولوية للمظاهر الخارجية على التطور الداخلي وتهذيب النفس. وقد أشار الشيخ محمد الغزالي إلى هذه النقطة في كتابه " كيف نفهم الإسلام" وهو يتحدث عن الفجوة بين العبادات والأخلاق.
وفي المقابل، يتميز التدين العميق بالارتباط الحقيقي بالمعتقدات والعبادات ، فهذا النوع تجد أفراده يختبرون ارتباطًا روحيًا عميقًا وإحساسًا بالهدف ، لأنهم يعون جيدا أن التدين لا يقتصر على الشعائر فقط، بل يتعلق أيضًا باستيعاب مجموعة من القيم والمبادئ التي تؤدي بالفرد إلى تجربة روحية تهذيبية للنفس ومعالِجة لأمراض الذات.
إنّ التدين العميق هو الذي ينتج لدى صاحبه الشعور بالسلام والوفاء والنزاهة الأخلاقية، وينعكس على المجتمع بازدهار العلاقات ونضجها وسلامتها من الأحقاد والسوابق والخلفيات.
إننا لم نجْن من التدين السطحي إلا النفاق الاجتماعي والكذب والغش في التجارة ومختلف المعاملات وقسوة القلوب وجفافها وقلة التراحم والاهتمامات السطحية..
ما أحوجنا إلى حياة روحية ذات معنى وذات عمق من أجل مجتمع يتمتع بأخلاق عالية تحقيقا لمقصد البعثة النبوية الأساسي حيث قال ص " إنما بعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق".