يديك أو خلفك. يشدني ثقل حقائبي إلى الأرض. أقاوم، وانا اركض كبطة عرجاء من رصيف إلى آخر. أين اختفى الحمالون عني؟
(عليك أن تحمل أثقالك وحدك).
ذلك الآخر القابع في عمق ضلوعي يلقي إلي بنصائحه وحكمه التي لا تنتهي!
(٨)
يصفر القطار آذنا ببدء الرحلة.. يتراكض المسافرون والحمالون والأمتعة.. يستقر كل في مقعده، او فوق رفه العلوي كل ذلك في انتظام رياضي حسابي دقيق.. ووفق رقمك الرسمي على وجه التذكرة انتظارا للمفتش، ينظر إليك ثم الى التذكرة ثم يشفع ذلك بكلمة طيبة. توصل بالسلامة.
(قليلون هم من يفعلون ذلك.)
مرة اخرى، ذلك الآخر القابع في عمق ضلوعي يلقي إلي بانتقاداته اللاذعة التي لا تنتهي لواقعنا الجميل!
(٩)
اركض مع الراكضين..
“تعلن إدارة المحطة عن قيام قطار الصعيد الفخم من فوق رصيف نمرة 5”
يشدني ثقل أمتعتي إلى الأرض.. أحاول الركض كبطة عرجاء.
الكبرى لهدايا الأسرة والعائلة، والوسطى لملابسي وأدوات زينتي، أحذيتي ونعلي، والصغرى على كتفي النحيل؛ لطعام رحلتي وكتاب للتصفح وزجاجة ماء أظن انها مثلجة وأتمنى ان تظل كذلك ولو لنصف مسافة الرحلة!
(١٠)
القطارات تقبع فوق الأرصفة.. كل إلى اتجاه، والصخب سيد المكان.. والوجوه تركض والحمالون والأمتعة.
شدني شباك قطار شعبي مررت به، عليه وجه طفلة تبدو في غاية السعادة أن جلست إلى حافة الشباك، مادة كفها الصغيرة تلقي إلى بالسلام!!
تلعثمت خطاي في حقائبي، ولكنني تمكنت من لمس أطراف أصابعها الغضة الصغيرة، وقطارها الشعبي يحرك عجلاته ببطء آذنا بالرحيل.