معشر السادة الاعزاء ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى اي نقطة أو إلى اي حد يمكن أن تحيلنا وطأة الشعور بالغربة النفسية داخل المحيط الاجتماعي الذي نحيا فيه ؟؟؟
سؤال مطاطي ، والإجابة عليه قد لا تتسع لها صفحة أو صفحتان بل لربما لا تسعها فصول .....
كان هذا السؤال يلح علي دوما وأنا اتابع مسرحية شاهد ما شفش حاجة .... لا أدري ما كُنه هذا العمق السحيق الذي تحيلني إليه تلكم المسرحية ...
ألأنها ساخرة مثلا ولأنها تعتمد على كوميديا الموقف العفوي .... لمَ لا .... قد يكون ذاك ....
ولكن الاجابة اكبر من ذلك .....
اذكر أن مدرسا لنا - رحمه الله واحسن اليه - كان هذا المدرس متخصص في مبحث الانسانيات والفلسفة .... وكان دوما يردد عبارة ما زال وقعها نديا في أذنيّ حتى اللحظة ..... كان يقول :
" اعلموا ايها الطلبة أن مشكلة الشباب العربي في القرن العشرين مشكلة ذات أبعاد فكرية وسلوكية .... إن الشباب العربي مزعزع الثقة واهن الإيمان بنفسه وقدراته ..... والحل أنهم محتاجون لجرعات منتظمة من بناء الثقة بالنفس ... لأنهم غالبا يحسون بقرارة انفسهم بان ثمة محيطات وجزر تفصلهم عن واقعهم الذي لا يتفق ونفسياتهم " انتهى كلامه
الان وبعد مرور كل هذه السنوات الطويلة أقول في قرارة نفسي : صدقنت أيها المعلم الجليل ، إنك بالفعل قرأت الواقع قراءة صحيحة .
معشر السادة :
لنعد الى الموضوع
كثير منا يا سادة بل السواد الاعظم قد تابع مسرحية شاهد ما شفش حاجة ...وكثير منا لم يتوقف عند المشكلة التي تطرحها هذه المسرحية .....فأغلبنا قد يتابعها كي يسري عن نفسه ... وليقهقه على مواقف سرحان عبدالبصير .....
إن القضية التي تطرحها هذه المسرحية هي قضية الاف بل ملايين من البشر ... إنها تتناول جانبا سلبيا يمس طبقة واسعة من الشباب المهزوز الذي يتلمس موطيء قدم له في هذا المجتمع الذي يكاد يغص بالسباع والذئاب من بني البشر ..... !!
إنه ولا شك يصارع وحشا في الظلام ..... وما أكثرها الوحوش هذه الايام !!!!!!
والمعظلة ان هؤلاء المهزوزين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمعات العربية .... أن تكون طيبا فهذا أمر حسن ... اما أن تكون طيبا وساذجا إلى أقصى درجات السذاجة فهذه هي الطامة الكبرى بعينها
حاولت أن اقرأ المسرحية قراءة ناقدة لأن فكرتها استهوتني ... وإليكم ما افضت اليه قراءتي :
طبعا كلنا يعلم بان المسرحية تدور حول ممثل بسيط ساذج يعمل في أحد برامج الاطفال في التلفزيون ، ولسوء حظه - ولربما لحسن حظه كما سيأتي بعد - تحدث جريمة قتل في الطابق العلوي من العمارة التي يسكنها ... تحديدا في الشقة التي تعلو شقته مباشرة .. هذه الجريمة تذهب ضحيتها راقصة " عنايات ابو سنة " .
تتجه اصابع الاتهام نحو سرحان عبدالبصير هذا الممثل البسيط .... لوجود بعض الادلة التي تدينه ولو ظاهريا ... وتبدأ بعد ذلك رحلة العذاب في التحقيقات والمحكمة ... فيبدأ مسار شخصية البطل " سرحان " بأخذ منحنى جديد .... إنه يكتشف نتيجة الظروف التي حصلت معه أنه انسان يعيش على هامش الحياة .... إنه إنسان يضع نظارة سوداء على عينيه ..... ولهذا يتحرك خط الأحداث باتجاه آخر ويبدأ الصراع الداخلي للشخصية ... شخصية سرحان ....
هذا ملخص سريع لمضمون المسرحية لمن كان قد نسيها منكم .... ولأني مؤمن -شخصيا - بأن لغة الصورة تغني في أحيان كثيرة عن لغة الكلام ... فلذلك سأدع الصورة هي التي تتكلم ...
وحرصت على وضع تعليق في ذيل كل صورة .... والصور المنتقاة روعي فيها خط تطور الشخصية ويبدأ تقريبا من النصف الثاني للمسرحية
والآن الى الصور