أشتكي ضعف الحيلة وقلة الأنصار ، وتخلي الإخوان ، وتنكر الأيام،فكأني أعيش في هذه الدنيا تلاطمني المصائب ، وتكتنفني المصاعب ، وتحاصرني النوائب ،وأنا أخذ نفسي كل مرة بالعزيمة ، رغم ضعف البدن،ويراني الناس مبتسماً ، غير أنني ما أخلو بنفسي حتى تفيض عيناي بدمع لا أستطيع إمساكه، بل إن يتفلت مني تفلتاً لا أطيقه، و حري به أن يتفلت وقد حبسته طويلاً .
فأبيت ليلتي والهم يشاركني ، ويغالبني الأرق فأهب مفزوعاً وجوانب فؤادي يحرقها ما أجده من غدر أناس كنت أعدهم لي أصحاباً ، وما كنت أتركهم فيما يعتريهم من نوائب ومصائب ، فقد كنت أدافع عنهم دفاع الجندي عن ثغره ، وأقاتل دونهم قتال المستميت عن حصنه، وكنت أحسب مصابهم مصابي ، فلما تبدل الزمان ، وهاجمتني الإحزان بحثت عنهم فلم أجدهم ، وطلبتهم لنجدتي فلم يحركهم ما وجدوه مني من سابق الإحسان، وصدق اللسان ، فطلب عوضي عنهم من الله جل جلاله ، وأنكفأت على نفسي أبكي على مصابي الجديد ألا وهو غدر الخلان،وقد كان أعظم في صدري مما لقيت من المصائب ألواناً ، ومن الحوادث أنواعاً.ولولا رحمة الله بي لهلكت من الضيق الذي أجد، ولكن رحمته وسعت كل شيء ، فيا رب أسألك الصبر والسلوان لمن خانوا المواثيق العظام.