|
عزفتْ ترانيمَ النُّـهَى ألحـانُها |
وتَماوجتْ في شَدْوِها أشجـانُها |
أرخـتْ جُروحُ النفسِ حُمْرَ شفاهها |
وأطلَّ مـلءَ ثُغًُورها حِرْمانُها |
وبكتْ عيونُ القلبِ حُــرْقةَ راقِصٍ |
فوقَ اللهيبِ يُمِـدُّهُ خَـزَّانُها |
وشفــاهُ ورْدٍ ذابـلٍ متوسِّدٍ |
أوراقَََه صُفْــراً بـدتْ أكفـانُها |
لَفَحَتْ وُجوهَ السَّهْلِ آن ظهيرةٍ |
شُهُبُ الهَجـيرِ تُميتُـهُ نيرانُهــا |
وسَرَى دَبيبُ الشَّوقِ يحْفرُ نهجه |
في مهجـتي فيخـونهـا كتمـانُها |
وتسرَّبتْ من محجري دِيَمٌ وَسـا |
لتْ تستحِثُّ رجالَهـا رُكْبانُها |
والصدرُ تحتَ جبالِ رملِ شجونِهِ |
والرُّوحُ تَخنـقُ حِسَّها أحـزانُها |
وسرابُ حَرٍّ قدْ تَراءى في المَدى |
تَشْوي خيـالَ رسومهِ ألوانُــها |
بفلاةِ بيـدٍ حلّقَتْ بسَمـائها |
بيضُ القطا وتَـلاعَبَتْ غِـزْلانُهـا |
وأطـلَّ بالأفق البعيـدِ بواحـةٍ |
نخـلٌ تغـازل نبتَـهُ غُـدْرانُـها |
بـانتْ قُرى تلك الرُّبوعِ كَلَوْحةٍ |
وَمَضَى يُخَطِّطُ رسْمَـها فَنَّـانُها |
لَعِبَ الحنينُ بريشةٍ مـَـلأتْ خيا |
لي روعةً يَسْبي الْحِجـا إتْقـانُها |
إنـي أحنُّ لقريتـي ولِمائهـا |
بـين الشعـاب ترافدت وديـانُها |
ولسـوقها ولبئـرها ولغيـدها |
ولِجـامـعٍ يـرتـادهُ فتيـانُها |
وخـريفها وشتـائِها وربيعـها |
ومصيفهـا إذْ تـزدهي شُطْآنُها |
ولأمَّـةٍ مسحتْ دمـوع أذِلَّـةٍ |
لاذوا بِهـا فأعـزَّهم عِـرفـانُها |
لاحتْ لِعَينِْي في السُّهولِ مَعـالمٌ |
بين الْمُـروجِ تَمـاثَلتْ أركـانُها |
وتجَسَّـدَتْ فبدتْ كأَبْهجِ رَوْضَـةٍ |
غَنَّـاءَ تنشُرُ عطْـرَها أفْنـانُها |
من باسـقٍ داني القطـوفِ ومُزْهرٍ |
وظليلـةٍ معْروشـةٍ أغصـانُها |
حلّى زهُـورَ الجلَّنـار حيـاؤها |
إذْ لاعَبَتْ ريـحَ الرُّبَـى تيجاتُها |
حَكْيُ السَّواقي العذبُ داعَبَ همْسُهُ |
سَمعَ الخمائلِ فانْتشَى رُمَّـانُها |
وَعَلَى الغُصونِ شـدا الهزارُ بحكمةٍ |
بين الطيـور كـأنهُ لُقْمـانُها |
وبسـاح تلك الدار ساقُ جُميْزَةٍ |
يَجْـري ويَمْرَحُ حولهُ صبيـانُها |
ماالدَّارُ دامَ سرورها وحُبـورها |
فَلَحَرَّمـا اشْتَكَتِ البِلَى جُـدرانُها |
يبكي الجمادُ مُصابَ فُرْقَةِ أهلـهِ |
ومِنَ الْمساجِدِ ما بكتْ حِيطَـانُها |
عرفتْ تَهَجُّـدَ أهلِها بِصَـلاتِهِمْ |
واليوم يسْكُنُ حِصْنَـها رهبـانُها |