كنا نجلس متجاورين..يفصل بيننا سياج من الاختلاف..كنت أنظر اليه من حين الى آخر..
وهو يغط فى النوم..ممسكاً بهذا الكتاب ..كأنه يلتحف به..وجعلت أتذكر..وأنا أقاوم الذكرى..
كيف اتخذته صديقاً..لا أدرى ..انه ملتصق بى كاسمى منذ وعيت..اننى أحبه..ولكن هناك
قدراً من المشاعر الغريبة أكنها له..و حاولت عبثاً تحديد مشاعرى تجاهه..فلم أجد سوى
ضحكات ودموع وجدال وشجار و غضب وألم..وقائمة لا تنتهى من المشاعر الانسانية التى
ضمتنا معاً..وطالت نظرتى اليه وأنا أسأل نفسى..كيف اتخذته صديقاً..
انتبهت على حركة السنارة بيدى..وصحت بصوت لم أعرفه..انها سمكة..اول سمكة اليوم..
فانتفض من نومه..والسباب يتساقط من كلماته..يلعننى انا والسمك والبحر..وعندما رآها بين
يدى..يبرق جلدها تحت خيوط الشمس..
قال:متوحش........
قلت:بل بطل.. انك تغار..
قال:ايها القاتل انك تروى شهوة القتل فى نفسك بهذا..
قلت:انك جننت..لقد أحل الله لنا هذا..هل كل صائدى الاسماك بنظرك قتلة..ان منطقك
مقلوب كتفكيرك..
قال:انت تعلم انى آكل ما أحله الله..ولكنى لا اصطاد ..لا أقتل..
قلت:نعم ..انت تستفيد من ثمار الجريمة فقط....!!!
قال:انك تعلم اتك لن تأكلها..ستتفاخر بها أمام الاهل والاصدقاء..وبعدها تلقيها..افعل الان
و دعها تعيش
قلت:ان ارضاء شهوة الانتصار يماثل ارصاء شهوة الجوع..انها غرائز انسانية يا عزيزى الانسان
وحتى لا تحزن..سنأكلها معاً..
قال:انك تحتال على مخلوق ضعيف..لتثبت لنفسك انك الاقوى
قلت: ليس احتيالاً ..وانما انا فقط اصطاد..لماذا تفلسف كل شىء..؟؟
نظر الى طويلا ..ولاذ بالصمت ..وأغمض عينيه ..حتى ظننت انه ..مات.. فاذا به يقول فجأة:
تخيل نفسك مشوياً..محشواً بخليط من اللحم والمكسرات..راقداًفوق طبق كبير
من الارز ..على مائدة أحد الديناصورات..ماذا سيكون شعورك..؟؟
وهنا ..فى هذه اللحظة بالذات..تمنيت ان اكون ديناصوراً..لأطأه بقدمى ..وأسحقه ..
و مضيت أسأل نفسى من جديد.. كيف اتخذته صديقاً..لا أدرى..