|
درب الأحزان |
يا نازِحونَ صُـروفُ الدهرِ تَصْحَبُكمْ |
عَكّا ويافـا دُمـوعٌ فـي محاجِرِكُـمْ |
والدارُ والحقلُ والزيتونُ في الرُّطُبِ |
وفي مسـامِعِكُـمْ أصْـداءُ مَأذَنَــةٍ |
الليـلُ أسْـكتـهـا والفجْـرُ لَمْ يـؤبِ |
ناءتْ ظهورُكُمُ مِن حَمْلِ خَيْمَـتِـكُـمْ |
ومسـجدٍ بِنِطـاقِ الحُـزْنِ مُعْـتَصِـبِ |
الغَـدْرُ شَـرَّدَكُمْ والغدرُ يَتْبَـعُـكُـمْ |
والغـدرُ مَوعِـدُكُـمْ في كـلّ مُغْتَـرَبِ |
و"دَيْرُ ياسـينَ" لِلأجيـالِ شـاهِـدة |
ٌما مَيَّـزوا بيْـنَ شَـيخٍ طاعِنٍ وَصَبـي |
فَما نَقولُ بِـ "إيـلـولٍ" وقد ذُبِحِـتْ |
فيـهِ المروءاتُ رغمَ الدّيـنِ والنّسَـبِ |
و"تلّـةِ الزعتَـرِ" الحمراءِ إذ فَتَحَـتْ |
بأرضِ لُبْـنـانَ بـابَ الفَتْـكِ والسَّـلَبِ |
"حصـارُ بيروتَ" لا ننْسـى فظائِعَـهُ |
ولا الشُّـهودَ مِـنَ الأعْـوانِ والنّخَـبِ |
ويومُ "صبْـرا وشـاتيلا" يُذَكِّـرنـا |
بيومِ فـاضَ دَمُ الأقْصـى إلى الرُّكِـبِ |
"حربُ الخيامِ"..وَما انفَضّـتْ مَآتِمُنـا |
تُـراكِـمُ الجـرحَ فوقَ الجرحِ والنّـدَبِ |
زَفّـوا المذابحَ أعْـراسـاً لِمُغْتَصِـبٍ |
والمهْـرُ أرضٌ تُعانـي عُهْـرَ مُغْتَصِبِ |
والقتلُ مِنْ قُبُـلٍ والقتـلُ مـن دُبـرٍ |
لا فَـرْقَ بيـنَ ذوي القُـربى ومُعْـتَقِبِ |
وكمْ شَـريدٍ رَحـى المأسـاةِ موطِنُهُ |
وأهْــلُـهُ مِـزَقٌ أو ذِلَّـةٌ وَسَــبـي |
ذاقَ القيـودَ بأرضِ العُـرْبِ قاطِبَـةً |
وذنبُـهُ أنّـهُ فـي الأهْل كالغُـرُب |
والمسْـلمـونَ غَـدَوا مليارِ مُضطَهَدٍ |
في قبْضَـةِ الظلْـمِ والتّزييفِ والخَلَـبِ |
فَمَزِّقِ الإِثْـمَ في الرايـاتِ خافِـقَـةً |
بألْـفِ لَـونٍ مِـنَ التدجيـلِ مُجْتَـلَـبِ |
وفي الخيانـاتِ إذ يَأتـي بَوائِقَـهـا |
أهـلُ الكَبـائـرِعَمْـداً غيْـرَ مُحْتَجِـبِ |
وأَسْمِعِ الخائـنَ الغـدّارَ ما هَـدَرَتْ |
بِـهِ الحناجِـرُ والأحجـارُ في الكُـثُـبِ |
"اللهُ أكـبـرُ".. والإخلاصُ رائِـدُنـا |
مَـنْ كـانَ مُعتصِـمـاً بِاللهِ لَـمْ يَخِـب |
درب الجهاد |
يا مَنْ تَكَـرَّمْـتَ بِالإسْـراءِ مُعجِزةً |
فضلٌ مِـنَ اللهِ فَالأمْـلاكُ سـاجِـدَةٌ |
وصَـفْوةُ الخلقِ صَـفٌّ خلـفَ خيْرِ نَبي |
فضلٌ أتى خاتمَ الرُّسْـل الكِرامِ علـى |
ظهـرِ البُراقِ وتحتَ العَـرْشِ لَمْ يُـرِب |
فضلٌ تَوارَثَـهُ الأخْيـارُ مُنْـتَـقِـلا |
يُوِحّــدُ اللهَ فـي الأكْـوانِ والكُـتُـبِ |
والعهـدُ في ليلـةِ المعراجِ يغمُرُنـا |
مِـنْ سِـدرةِ المنتهـى باِلفضلِ فَاكْتَسِبِ |
ورَدِّدِ العَـهْـدَ فَالأقْصـى يُخَـلِّـدُهُ |
وصـوتُ أحمَـدَ في المحرابِ والقُبَـبِ |
وارفـعْ نِـداءَكَ في أرضٍ مُكَـرَّمَـةٍ |
بكـلّ وَحـيٍ مِـنَ العَلْيـاءِ مُكْتَـتَـبِ |
أرضٌ تبارَكَ مَنْ في الذكْـرِ بارَكَهـا |
واللهُ يَحْـرُسُـها مِـنْ أقْـدَمِ الحِقَـبِ |
لمْ ينقُـضِ العهـدَ فيها أيُّ مُرتَكِـسٍ |
إلاّ وذاقَ وَبـالَ الإثْـمِ مِـن كَــثَـبِ |
دارَ الزمانُ وعادوا حسْـبَ مَوْعِدِهِـمْ |
إلـى هَـلاكٍ –وَأَيْـمِ اللهِ- مُقْــتَـرِبِ |
هَبَّـتْ فِلَسْـطينُ بالتكبـيـرِ ثائِـرَةً |
وهَبَّ ألفُ "صَلاحٍ" مِن ثَرى التُّـرَبِ |
وَرَدَّدَتْ صَـوْتَ تاريـخٍ يُسـائِلُـنـا |
عَـنِ المَمـالِكِ والتيجـانِ والصُّـلُـبِ |
كمْ قـامَ للباطِـلِ المَغـرورِ مِنْ دُوَلٍ |
تَبَـدَّدَت كـفُـقـاعاتٍ مِـنَ الحَـبَـبِ |
سَرى النداءُ إلى التحريـرِ فاشْـتَعَلَتْ |
حِجـارَةُ الأرضِ.. كلِّ الأرضِ بِالغَضَـبِ |
فَكُـلّ طـفـلٍ وَليـدٍ ثائِـرٌ بَـطَـلٌ |
يَـرمي الغُـزاةَ بِسـجّيلٍ مِنَ الحَصَـبِ |
وإذْ بِغَـزَّةَ إِعْـصـارٌ وَ زَلْـزَلَـةٌ |
وإذ بنـابُـلْسَ بُركـانٌ مِـنَ اللَّـهَـبِ |
وإذ بأضـلعِ أهْـلِ القُدسِ صـامِدَةٌ |
حَـولَ المساجِـدِ سَـدّاً غيْرَ مُنْثَـقِـبِ |
وإذ بحيفا كَـ " أمِّ النّورِ" أو صَفَدٍ |
بالكبـريـاءِ تَحَـدَّتْ كُـلَّ مُـرْتَـهَـبِ |
فَفي السّـواحِلِ أغْـلالٌ مُحَـطَّـمَـةٌ |
وفي الجليـلِ وفي الوادي وفي النَّقَـبِ |
حقُّ الحياةِ إِبـاءُ النّفسِ في شَـمَـمٍ |
والنفسُ تعظمُ ما اسْـتَعْلَتْ على الرَّغَبِ |
والموتُ – رغمَ غرورِ العبدِ في نِعَمٍ- |
لِلعيْـنِ أدنـى مِـنَ الأجفـانِ والهـُدُبِ |
والذلّ يظهـرُ في الهاماتِ ما خَنَعَـتْ |
فَابْيَـضّ فيها صَغارُ العيشِ في النَّصَـبِ |
وأينَ هُـمْ مِنْ شَـهيـدٍ خالِـدٍ أبَـداً |
واللهُ يَـرْزُقُـهُ مِـنْ كُـلِّ مُـرْتَـغَـبِ |
و"اللهْ أكبـرُ" في أرضـي تُـرَدِّدُهـا |
روحُ الشّـهيدِ مَعَ الأحْجارِ في الهِضَـبِ |
وما رويـتُ ولكنَّ الشّـهيـدّ رَوى |
مَـلاحِـمَ الحـقِّ أنْـواراً لِكُـلِّ أَبـي |
فَـفي فِلَسْـطيـنَ أحْـرارٌ عَمالِقَـةٌ |
في ظُلمـةِ اليأسِ والتّيْئيـسِ كَالشُّـهُبِ |
وفي فلسـطيـنَ جَنّـاتٌ مُفَـتَّـحَةٌ |
لِبـاذِلٍ نفسَـهُ فـي اللهِ مُحْـتَـسِـبِ |
وفي فلسـطينَ إسْـلامٌ يهيـبُ بِنـا |
ذاكَ الطّـريقُ إلى التّحريـرِ فَاسْـتَجِبِ |