كتاب وكلمة نقد
نقش في عيون موسي
بقلم / د. حسين على محمد
تدور قصص أحمد محمد عبده حول الهموم السياسية والاجتماعية والنفسية التي يعاني منها الانسان المصري العربي وهي هموم تخرج من الذاتي الخاص إلي القومي العام.
وتضم المجموعة "نقش في عيون موسي" محاور ثلاثة هي قصص الانتفاضة وقصص الحرب وقصص المهمشين يصور الكاتب خيار الجهاد والمقاومة من خلال مفارقة تصويرية. ففي قصة "أنا امة وحدي" يقارب الواقع من خلال لغة مكثفة تصور ذلك الواقع من خلال مشاهد متضادة تكشف عن البطولة المفتقدة في واقع يلهث وراء صور خادعة..لا تقوموا من أمام التلفاز. فبعد فيلم صلاح الدين. سوف تشاهدون فتيات تتقصعن لإبراز كلمة الكوكاكولا. وبعد اعلان الكولا اعادة لماتش ودي.. "انتصر" فيه فريق عربي علي إسرائيل!!
بعدها تشاهدون فيلم "أبوزيد الهلالي" فأي ود مع الغاصب المحتل؟
لعل الكاتب افتعل هذا الانتصار في "اللعب" لتفريغ الشحنة الانفعالية التي يعاني منها.
وفي قصة "الوليمة" وهي تصور مأساة حرب 1967 والتي تحوي مفارقة ضخمة بين تصور الجنود الذين يظنون أنهم "المكلفون بالقاء اسرائيل في البحر.." وبين اياديهم المكبلة وأرجلهم المقيدة حتي يفاجئهم العدو ويفك فيودهم ويقتادهم أسري في عربات مظلمة واذا كان الكاتب قد صور قوات حزيران علي أنها قدمت للعدو كوليمة سهلة في مجموعته نقش في عيون موسي. فهو نفسه الذي عالج هذه القضية في مجموعته الأولي الجدار السابع في قصة أسماها "الشلل" فكانت الوليمة بالحبال والقيود وكان الشلل بالتخبط والعشوائية في القرارات والأوامر.
أما في قصة "نقش في عيون موسي" فالكاتب يعالج استحالة التطبيع مع العدو ففي لقطة موحية وموثرة يرينا حجم أطماع بني صهيون علي لسان رجل جاء كسائح إلي منطقة عيون موسي المعروفة والتي كانت إحدي قلاعهم الحصينة.
تحركوا.. ابتعدوا عنا قليلا.. أخذوا لهم ركنا قال رجل منهم: عيون موسي: اياكم أن يمر عليكم الاسم كأنه عنوان في جورنال كانت أقوي تحصينات جيش الدفاع. اغتصبوها منا في يوم كيبور الأغبر "لاحظ كلمة اغتصبوها" ثم قال لطفل كان معهم: نهر النيل.. هل تعرفه؟ انه قريب من هنا فقال الطفل وأين الفرات يا أبي؟
وفي قصة "جندي مجهول" يقول لسان حال ذلك الجندي: ".. ولو أنهم أعادوا تركيب البصمة. سيجدونها من شراقي أرض القمح.. ولو أنهم أعادوا تركيب البشرة. سيجدونها من طمي النيل أما الملامح والتقاطيع فهي تشكيلة من كيزان الذرة علي حبات باذنجان علي بلحات نقرتها العصافير في سباطة معلقة في نخلة حياني".
فهذا التعبير لا يساق الا من تجربة فنية صادقة لقاص ممتزج بذرات تراب هذا الوطن ولا نعتقد ان عجالة كهذه. من الممكن ان تغطي الجو العام لأكثر من خمس وعشرين قصة. ان قصص أحمد عبده تنبيء عن قاص مقتدر يضيف إلي القصة المصرية صوتاً متميزاً وجديداً.
د. حسين علي محمد الزقازيق
نقلا عن جريدة الجمهورية