|
يا هامساً بحنينِ العشـقِ في الشامِ |
والزهرِ في كُـثُـبٍ جَذْلى وآكـامِ |
وصادحـاً بصدى الأمواجِ في بردى |
يسري بربوةِ واديها وفي الهـام(1) |
أشـعلتَ في كبدي أشـواقَ مغتربٍ |
هَـبّـتْ لتضرمَ ناراً أيّ إضــرامِ |
وما سَـلَوْتُ ولكنْ عشـتُ مبتسِماً |
أُخفي جِراحـيَ عـن تجريحِ لـوّام |
دمشقُ ما حجبَ الترحـالُ طلعتَـها |
عن عينِ مرتحلٍ كالطـيــرِ هَـوّامِ |
هيَ الأنيسُ إذا ما طالَ بي سَـهري |
وقاسـيونَ يحيّـي البـدرَ قُدّامـي |
والعطرُ يعبقُ منْ أزهارِ غوطتِهــا |
مُقَبّـلاً وَجَنـاتِ المشمشِ الشامـي |
والوردُ غـارَ لمرأى الأقحوانِ بهـا |
يختـالُ بيـنَ رُباها رافِـعَ الهـامِ |
والموجُ يرقُصُ والألحانُ تصحَبُــهُ |
عَبْرَ الجداولِ تسقي العاشـقَ الظامي |
ياصاحِ أعشقُ كـلّ العاشـقينَ لهـا |
ولستُ أعشق دونَ الشـامِ أحلامـي |
لئـنْ نكـأتَ جِراحـاً لا أضمّدُهــا |
فقدْ رضيـتُ رضى العشّاقِ إيـلامي |
أطلقْ سهامَكَ.. نبضُ القـلبِ يطلُبُهـا |
ما عـادَ يَشـغلُهُ شُـغلي بأوهامـي |
كم ذا رأيـتُ وراءَ الأفْـقِ حارَتَنــا |
والشمسَ تسـكبُ نـوراً بعد إِظْـلامِ |
حتى إذا غربتْ شمسُ السـنين ولَـمْ |
تـتـركْ لعينـيَ إلاّ دمعـيَ الدامـي |
عادَ الظـلامُ مَعَ التـرحالِ أصحبُــهُ |
واغتـالَ بعدَ مشـيبِ الرأسِ أحلامي |
تشْـكو الجفونُ سُـهاداً والسهادُ أبى |
إلاّ إضـافــةَ أسـقـامٍ لأسـقـامي |
حـرٌّ يشـرّدُهُ الإجـرامُ عـنْ وطَـنٍ |
ما كـانَ جرْمُـهُ إلاّ رفـضَ إجـرامِ |
والأهـلُ فيـه ضحايا غربةٍ فُرِضـتْ |
علـى الديـارِ بإرهــابٍ وإرغــامِ |
حكّامُها كوحـوشِ الغـابِ خسّـتُهُـمْ |
بـلْ دونَ ذاكَ.. فهُـمْ أكــوامُ آثـامِ |
والناسُ مرتحِـلٌ قَسْـراً ومُضطـهَـدٌ |
مَـعَ المَدامِـعِ يَشْـكو جَـوْرَ ظُـلاّمِ |
هيهـاتَ نفـقِـدُ آمـالا تُحـرّرُنــا |
منْ كلّ ذي صَـلَـفٍ للخيــرِ هَـدّامِ |
ولا نجـاةَ لطــاغــوتٍ وطغمَـتِـهِ |
منْ دَعــوةٍ كُتٍمَتْ في صَـدْرِ أيتــامِ |
وصحـوةٍ رسـمتْ دربَ الرمـاةِ فهلْ |
ينجـو الطغاةُ وربُّ العزّةِ الرامـي(2) |
سَـلْ مسـجدَ الأمويّيـنَ الذي عُقٍدتْ |
فيـهِ العـهـودُ بـرايــاتٍ وأعـلامِ |
وقاسـيونِ تسـامى فوقَ محنتِنـــا |
كالحـقّ يحضُـنُهُ تاريخُنـا السـامي |
بالتّبْرِ في صفحـاتِ المجـدِ يذكرُنـا |
بالصدقِ سَـطّـرَها أصـحابُ أقـلامِ |
يا شـامُ معذرةً أنْ فاضَ بي شَـجَني |
ما أخمـدتْ لَهَبَ الأشجانِ أعْوامـي |
يا شـامُ معـذِرَةً لمْ أشْـكُ منْ ألَـمٍ |
لولا مُصـابـكِ هانَـتْ كـلّ آلامـي |
هيهـاتَ أعشـقُ بعدَ الشـامِ مُغْتَرَباً |
أنّـى الحيـاةُ بـلا روحٍ لأجْســامِ |
وما عـرفتُ لغيـرِ الشـامِ منْ وَلَهٍ |
إلاّ لمكّـةَ مِـنْ حُبّـي لإسـلامـي |
وفي المدينةِ مَـنْ أرجـو شـفاعَتَهُ |
والقدسُ تسـألُ عـنْ عزمٍ وإقـدامِ |
يا شامُ لا تَسَـلي عـنْ قلبِ مغتربٍ |
أحيا على أمَـلٍ فـي القلبِ بَسّـامِ |
أحيــا أردّدُ للأيّـامِ مَـوْعِــدَةً |
غـداً أعـودُ.. وخانَ الوعدُ أيامي |