«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®» واقف«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°· .¸.•°®»
دار بخلدها أن تضع حدا للألم الذي يعتصرها، ونهاية للموقف الذي يقلقها.
فكرت كثيرا وهي ترى زهرات حياتها تعاني من جائحة الذبول، نظرت بنظرات مريبة إلى جسدها، لم تر فيه ما يعاب، نهدان متهدلان كعنقود العنب في عاصفة الشبق، ونتوءات مرصوصة تظهر على سرتها.
يا لها من تجاعيد ظهرت على بطنها !!! ويا لها من شعرات بيضاء تبدو على رأسها كأسنان الأسحم في الليل البهيم !!!
مزاج عكر،
فكيف ستقرر قرارها الحازم،؟؟؟ قرار تراه ‹ سهام › صعب المنال، بين ذكريات تأسرها إلى الماضي، وواقع يدفعها لقبول الهزيمة في مواقع الشباب.
تتذكر... سروال الجينز اللصيق، وكاجيت تلبس على كنزة يبرز منها ثديان يتماوجان في حركتيهما إلى الأمام، وحذاء عال ينافس في تركيبته الركبة أو نصف الساق، وحقيبة شبعانة من الأصباغ والألوان.
تتذكر جسمها البض الناعم ، وقد كان مرمى عشرات الأعين العطاش إلى رواء الجسم، ومخابئ الجسد.
تتذكر حين جلست أمام المرآة تتفرس وجهها الشاحب، وعينيها الغائرتين، وهي تخرج من دولابها حقيبة مترعة بالأصباغ التي تمارس بها طقوس العبادة الصباحية على جسدها..... ممارسة صارت مع الأيام مللة لاتفي بالغرض، ولا تعطي صورة لامرأة تتقاذفها أمواج الموضة واللباس.
لقد تجاوزت حد الانصياع للحقيقة بلا تلبيس، وخادنها الخداع حتى داهمها الطمث.
فهل ستلف على رأسها خداعا للشيب فروة من القطن المخملي ؟؟ أم ستروح إلى صالون الحلاقة لتصبغ شعرها بالسواد؟؟ أم ستتركه لحاله وهو يستقبل جحافل من البياض ؟؟
الشيب عيب ووقار !!! والحياة بدون منغصات عذاب !!!
تستقل سهام سيارتها إلى مرأب البلدية، وتستقبلها نادية بندائها عند المدخل الرئيسي،
سهام:
قرأت أمس البارحة في جريدة المساء خبرا سارا... سار ...وتذهل سهام ، توصلت المختبرات العلمية إلى علاج للشيب !!!
عقدة سهام، ونادية، وفوزية، وحنان، وأسماء كثيرة، ما يغزو رءوسهن من بياض.
وفي عمق البلدية ، تخطفك النظرة إلى مها... فتاة في مقتبل العمر، لم تعرك الحياة، ولم تعرف ويلات الكبر ، وإلى جانبها رشيدة، شمطاء بلغت سن اليأس والقعود، تبدوخانعة تخنقها ظروف نفسية وعصابية، يفوح على وجهها عنف ترسله شواظا من الخصامات والمشاكسات مع المواطنين.
تزلزلت أركان عقلها ، فصارت ذكرى مؤلمة تؤرخ للعهد القديم ،
نشرت سهام الجريدة على منضدتها، تأملت الخبر بروية، لكنها لم تجد في نفسها مساغا لقبوله، سنوات مرت وهي تحارب جيوش الشيب الفاتحين ،
أدركت أنها تخدع حقيقة حالها، وتجامل غريزتها ،
أهل سأبقى أدلس جمالي، وألبس على حالي ؟؟
ليس لي إلا الاعتراف بنهاية أحلامي.
متعة حصلت زمن افتقار الجسد للحرية والشفافية،
حرية يقرعها جموح الخيال نحو اللحظة الهاربة بين مد اللحظات الموقوفة،
لحظة يعانق فيها الجسم نداء العقل، ويفتح تضاريس الكنز المكنون بين خداع النواميس،
ناموس يدمرني بالخجل حين يغشى جسمي بلفافة من أفكار الطهر القاذفة بسيلانها على ذاتي ، علامات السؤال تنطلق في بهو الفكر،
جسم فارع....ووجه مجعد ، وقم مقشر، وبينهما أمل ذليل يعصفه الفقد في دوامه الأبدي.
ظهور، وكمون لأشباح كثيرة من الأفكار، تنتال كالزواحف على رزانة سهام ، تحيلها إلى خدر يستمد مدده من أمل البوح المرجى، ويستنشق راحته من تمائم الغد المصممة فصوصا للخلاص،
رحلة في خانة نائية، مع تهويم الوصول، تروي مساحات من جفاف الجسد في صدر يكتم خيارات عدة تتناقض في نتائجها، وتتباعد في ظهورها.
وتنطلق سهام في وليمتها إلى مائدة الوعظ، بتصميم يفسح الأمل للذات المنتحرة بين الطين والروح، وتنبثق منها إرادات تحيل السؤال متاهة لا تستحق العصف والنفوح،
توليفة متشاكسة متناثرة تعطي مساحة للتفسير المحدود .
محاضرات الشيخ خالد ، بصوته المتهدج، ونخيره الممزوج بالبكاء، يحيل آلافا من الرغبات إلى دول منكوبة، ورمادات مخبوءة ،
تترنح سهام بين هذه الأفكار ،... شعار مهدئ ، وخطاب مسكت ، وسعار التوحش يخبو ويظهر ، والشيخ خالد بمشيته المتصقعة ، ومنظره البهي ، يستنبت أحلاما جديدة ، ويعيد التراكيب بصورة أخرى ، ويبرز القناعات الموحية بالتنفس والرجاء .
صدفة جميلة،
تتنهد فيها سهام بين يدي الشيخ أحمد، ونظراته تختزلها في مواطن متوترة في عقله، متمازجة في باطنه، وهي تحكي عن سبب أوبتها.
شيخنا، إني خشيت العقاب، وخفت من العذاب، فهل سيغفر لي ؟؟؟
ويطلق الشيخ صوتا ثرا بالأمل،
أرجوا أن لا يكون في الأمر بأس،
إنني أخاف شيخنا من أودية جهنم وعقاربها،
لا تراعي، إن رحمت الله واسعة،
ويسترسل الشيخ أحمد في تعداد منتجعات التوبة، وكأنه يستفتح قلبها بأفكار لينة الملمس، سهلة المأخذ، تيسر طريق الهداية، لكنها مركبة من تعقيد لا يضعها محل التطبيق.
رحلة عنيدة،
تناقش سهام، في عراكها الممتد إلى نادية وفوزية في أوقات العمل أفكارا جمة، وهي لا تفتر عن دمدمات تفسر عمق تغيرها في مواقف الحياة، سبحة في مخدع مكتبها، وكتاب مقدس مطروح على ملفاتها المكدسة، وحين تخلو في موقع عملها تملؤه قراءة ودعاءا على المجتمع، إنه كافر منحرف منحل!!!!، فهل يستحق دعاء الرحمة أم آلام الشقاء ؟؟؟
جسم حر تخترقه سهام الغواية، يهرب إلى السرير، يضع علامة المرور على مئات من زغاريد الجسد،
تلمسه في طقوس الاختراق،
تتذكر الشيخ أحمد، تسترجع كلمات وعظه، لكنها لم تستطع أن تستجيب لنداء العقل ، وهو يتعارك في فسيفساء الحقيقة ، مع الوجود، مع العاطفة، مع البساطة، مع الشظايا، أفكار لم تقنع العاطفة، لم تهدأ من لوعتها، لم تقدر أن تضع قيدا على الحركات الباطنية،
صراع بين الغواية والهداية،
ظنت سهام أن الفكر حاسم، وقراره حازم، وحين وقعت في مرح الحقيقة، أصيبت بالانفصام، تهذي، تلوح بقيم أخرى، ترى الوجود كوابيس مفزعة،
وتغط في نومها، وتذهل للرؤية،
جنون تصارعه، وتيهان في جزيرة الصمت، وهي ترى يد الشيخ أحمد يلامس بردها جبهتها وحواشي وجهها، يتمتم بقراءات تبادرها بالتتبع والاسترسال،
رصيد من الحفظ يتبعه زفير يخرجه صدر الشيخ أحمد نحنحة وبكاء،
قلب يخفق، ويد ترتعش، وروح هائمة، وواقع وبيء، والخداع آلة الحذاق !!!!
سياحة في بحر الوهم، وتشييد للخطل ، وتستغرق السفن في جريها ، لتقطع لجج البحر القائم على أهداب الحقيقة ، سياج موقوف بين الفكرة الواضحة ، واليقين المضطهد ، والحقيقة الغائبة ، وبين الكلمة المصلصلة ، والفكرة المجلجلة ، والشعارات الجوفاء ،
تابعت صدى قلبه بصراع ارتجفت أعلامه، وأدينت حروفه، وأهينت قوانينه،
نظريات يابسة كالتين المجفف توضع على الرفوف ، تقلم ظفر الواقع ، تصوره نشازا، تحكيه خرابا، تظنها قامت بالإجهاظ ، وتنتفض الحقيقة من وراء الركام، لتحكم بحكمها الجائر ،
عبادة الجسد في محراب الروح على بساط اللذة، فهل خدع الوهم الشيخ أحمد ؟؟؟ أم خادع بهذا الإيهام ؟؟؟ وهل تصح توبته على يد سهام ؟؟؟
أسرار قريبة الغوص، بعيدة الغور، توغلت في التكتم، يسيل بها لعاب الحقيقة على الصفحات المكتوبة بوشم الذات المكلومة في فضاء اللذة، صك اللهب يفشو سره في موسم الغواية ، تفرزه عقول لا تعرف إلا السديم !!!!................