|
تهاويم من الماضي |
أحقا عزمت (ي) هجرنا والتنائيا |
وعادت ليالينا ظلاما وجفوةً |
ليالي الهوى أكرمْ بـهنَّ ليــاليـا |
تقولين فارقني وغادر فؤاديا |
وعش بعذابٍ أنتَ أو مُتْ فما لِيـا |
ومـا ليَ ذنبٌ غيرَ أني حبيبتي |
خضعت خضوعاً لم يكن من صفاتيـا |
فلو كان أمري كنتُ يا أنتِ هاجراً |
ولكنّ قلبي ليس للنصح صاغيـا |
أخاطبه يا قلبُ ويحكَ ضمتني |
وللأرضِ قد خفّضتَ يا قلبُ راسيـا |
فكيف ترى يا قلبُ فيها حبيبةً |
وتغييـرُها الألوانَ فـاقَ الحرابيـا |
تحدّق أَحيانا وتضحك تارةً |
كأن من المخفيِّ عنها عذابيا |
وقد أقسمت كذْبا وقالت خديعةً |
كلاماً عجيبا غامضاً وضبابيا |
كأن لـها في مجلس الأمن سطوةً |
وتـحتاج تبريراً يـحيكُ الـمآسيا |
وكم قلتُ ذرها يا فؤادي وشأنها |
فقد أزمعت بيناً قبيحا وقاسيا |
نـهيتُكَ يا قـلبي يغرّكَ دمعـها |
دموعَ تـماسيحٍ تـجيد التباكيـا |
فردّ عليّ القلبُ:" إنـي أحبها |
وإنّي لـها عبدٌ فذرنـي وشانيا |
أغضّ عيونـي عن عيوبٍ رايتها |
وهل كانَ حبٌّ غير حبكَ رائيا |
ولستُ بطَلابٍ لها من حنانـها |
وإن كنتُ وقّـافاً عليها حنانيا |
أصون الهوى والعهد ما دمتُ باقياً |
أرجّي هواها علّـهُ أن يوافيا" |
إذن أنت يا قلبُ (و) لها لستَ لي |
فولِّ وراها تـاركاً لـيَ حاليـا |
سأحيى بلا قلبٍ بلاها بلاكـما |
فبوءا بكرهي عن خيالي تواريا" |
وكم قد تـغزلتِ بلبٍّ وصفتهِ |
عظيماً، أَمِنْ شهرين أصبح واهيا؟ |
وكنت ملاكا تستطيبين قربـهُ |
فكيف بـحقّ اللـهِ نُحّيتُ نائيا |
وكانت لي الأبوابُ تفتح دائماً |
فصارت مغاليق الرتاج أماميا |
وكنتِ قديـما تفخرين بغيرتي |
أصـرتُ أنانـيأ غليـظاً وجافـيا |
تقولينَ أحضانـي جليدٌ مـنفِّرٌ |
وكنت قديـماً رائعَ الحضنِ دافيا |
فهلْ أنتِ أنتِ تلكَ من قد عرفتها |
تفيض حنانا يغمر الروح ساميا؟ |
وهلْ أنتِ من قد عاهدتْ لا تبيعني |
ولو قطّـعوا أقـدامها والأيـاديا ؟ |
وهل أنتِ من قالت إذا ما تركتَني |
تركتُ الدُّنـى في الناسِ غيرك ما لِيا ؟ |
ولو قطَعوا جِيدي فإنـي وفِيَّةٌ |
ولو سـملوا عينيَّ ما رُمتُ ثانـيا |
حنانَيكِ أنتِ بئسَ ما تحكمينه |
فعودي لحكم الحبِّ والعدلِ قاضيا |
فإني الـذي صيّرتُ ريقَكِ بلسماً |
جَنِـيّا يداوي علّة القلبِ شافـيا |
ومن شفتيكِ صغت للرّوضِ ورده |
فجاءَ جـميلَ اللونِ أحـمرَ قانــيا |
وغيريَ من أهدى إلى الروضِ عطرَهُ |
بـما قد بثـثـتِ من أريجِكِ زاكيا؟ |
ومن دون شعري كيفَ للبدرِ أن يُرى |
بشُـبّاككِ الفضّيّ للنورِ راجيـا ؟ |
وهل كان هذا الليلُ أسوَدَ فاحـماً |
بدونِ كسائي ايّاهُ شعركِ ضافيا |
وكسوتُـهُ طولاً كشعركِ ضـافياً |
ما كنتُ أحسبُني أطيلُ عـذابيا |
هل كنت تسطيعينَ دون قصائدي |
تهدين قرص الشمسِ وهْجَكِِ حاميا |
ومن قالَ غيري الله زَيّنَ كـونَهُ |
بعُشْرَيْنِ من حسنٍ وأنـتِ ثـَمانيا |
وأودعكِ الرحـمنُ آياتِ روعةٍ |
وكلّفني وحدي من الخلْقِ تــاليا |
أردّدها عند الـمنام وحالِمـاً |
وأصحو طوالَ اليومِ للآيِ قاريـا |
وهلْ كانَ إنسانٌ بدونِ عواطفي |
يصوغ من الضّحْكاتِ لـحنا راقيا |
وهل كان هذا الصّدرُ دونيَ حاوياً |
بدلا من الصُّمِّ الصفاحِ الحـانيا |
أُصَيْبَعُكِ المجروحُ هل كان يُفتدى |
بقلبٍ سوى قلـبي يفدّيهِ غاليـا |
ولكنني والله يعلمُ أنني |
أحاورُ صوّاناً برأسكِ قاسيا |
عييتُ بهِ كم ذا أحاولُ جاهدا |
غليـظا كسور الصّينِ فظّاً وعاتـيا |
------------------------------------- |
بكيتُ وما تبكينَ ما تسمعينني |
وتبتلُّ من سفحِ الدموعِ ملابسي |
كما كنتِ إذ ترجين مني التدانيا |
فيا عجبي أين الوفا وعهودنا |
وقد أصبح الإسـمان أسما ثنائِيا |
وقد خفق القلبانِ خفقاً موحّداً |
وقد خلّلت منكِ البنانُ بــنانيا |
وقد نهلت روحي عطوراً بثثتها |
كما عبَّ من ذاك الاريجِ ردائيـا |
(إذا مرَّ سيفٌ بيننا لم نكن نرى |
دماءَكِ قد اجرى ضُحىً أم دمائيا) |
وعزفٍ عزفناهُ وحيداً منغَماً |
جميلاُ كصوتِ النايِ خفضاً وعالِـيا |
وماءٍ شربتُ مثلَ ما تذكرينهُ |
لو انّي على لَوْحٍ أعادَ حيــاتيا |
فهلْ يا حياتي قد ذوت كلُّ وردةٍ |
وكلُّ عهودِ الحبِّ ماتت ورائيا |
وهلْ غادرتْ كلُّ العصافير حقلنا |
فلم يبقَ إلا البـومُ والبينُ ناعيا |
رجوتُكِ مرّاتٍ تصونين حبّنـا |
فليسَ لخلقٍ منكِ حـقٌّ كما لِيا |
وليسَ لشخصٍ أن يشمّ ورودنا |
وليس لخلقٍ أن يُرى في ظلالِيا |
فهذي رياضي من عيوني سقيتُها |
وأسبغَ ألواناً عليها خيـاليا |
وهذي دروبـي عبّدتها جوانحي |
كما داعبت أسْلاً حساناً شفاهيا |
وأقسمُ بالرحمن لستُ بـحاقدٍ |
وإن جاشَ غيظُ النفسِ بالقولِ قاسيا |
سفحتُ دموعَ العينِ في كلِّ ساعةٍ |
وفارقَ عيني نورُها من بُكائيا |
سأبكي الهوى يا أنتِ ما عشتُ مخلِصاُ |
وأبكيكِ يا أنتِ طوالاً ليالـيا |
وعهداً أضمُّ الطيفَ منكِ على النّوى |
قنوعاً بهذا الطيفِ للغدْرِ ناسيا |