حدث في بلدي
الأرض تبسم لخطا الانتظار ، تورق بزهور الأفق نور بصيرة ، ساحة البلد تذرف عليها الدموع عطفا وشوقا لرؤية أعضاء الوفد ........ العيون يكحلها مرود الصبر ، كل شيء يوحي بحركة غير طبيعية ، تخرج الكلمات حائرة ،مضطربة ،متسارعة الحروف لتصهر المعاني بحرارة الاستقبال ، الأغاريد تنطلق مضمخة بآهات أنين ،
تطفر من عيون الترقب لحلول الضيوف ، زينة تتصدرها صور ارتفعت بأكف المستقبلين ، سمقت على عكاز شيخ وكرسي خلود ، والقلوب بلغت الحناجر ترقبا ، ارتفعت سدة المجد عالية وراية النصرة لجيش العسرة خفاقة بقلوب العطف والواجب ، والأفئدة واجفة تنبض بحركة خفقت معها صدور الكلمات ، والأمهات يمضغن أنات اللقاء بأفواه رتعت بها جمرات كمد ، الأولاد يجولون على غير هدى ، بساحة الخيال ، يدرون عن القادم بصورة محمد الدرة وهدى علي ........مآسي الماضي والحاضر ترتسم بريشة الحقد على محياهم ، تخطوا أعناق الفن ليجعلوا لوحة المستقبل تشرق بابتسامة الحضور .... السدود لا معنى لها .. وحراب الغدر لن تطال رقابهم وصدورهم ، فالآتي يؤرق عيون الغدر بزجاج الصمود ....
كل شيء على صفيح لهفة ووله تتكحل منه بمراود السمو عيون الشرف ، أرواح ساومها المجد فاكتست بردة العزة .... لا شيء يوحي بالضجر ..أو يرتدي قناع الزيف ...
الرجال يحملون فناجين الترحيب بأيدي ندت الجود بطل الخيال ، القهوة العربية تصدح على شفاه الفناجين بأهلا وسهلا .. ينظر الرجال إلى أفق اللقاء ، سيارات تعبر البوابة الرئيسة للبلد ........أجهزة الهواتف تخلل صمت الانتظار بكلمة ملتهبة شرفا .........جاؤوا .....وصلواااااااااااااا، تنطلق أغاريد البهجة من أفواه نسوة حرائر .....تبتهل القلوب بأدعية تضج منها قلوب البراءة ......تاريخ يمر شريط واقع مأساة أمة شربت أسن التراجع فتكدرت صفو المشارب .......... يرتسم التاريخ بين يقظة حاضر وخيال يسهد على رموشه غول المستقبل .....
دموع تبلل لحى الرجال ........وجدود الخجل تصبغ بحمرة الرجاء ،
ساحة البلد تعج بأصناف من أهل البلد ... ينسون بعض متاعب الحياة .... زينة بسيطة أقيمت على عجل تتوسط قلب الساحة ..... تصل سيارة الوفد ، يتسابق الأولاد لنيل شرف رؤية الضيوف ..........
يترجل أعضاء الوفد مكللين بغار الصمود ، تطفر عبرات الرجال قبل جمرات النسوة دموع حيف ، تتلقفها خدود ولحى ..........
يصعد المنبر الضيوف محاطين بقلوب ضجت من أنينها أركان الحقيقة ......
أم محمد يرحب بها ..........المتحدث يتهدج صوته بين كل حرف زفرة ظلم ....
أم محمد تقف بخجل الجهر وفصيح القصد مرتجلة كلمة تدعو الناس للصبر .....
خنساء العصر (زوجة الشهيد الرنتيسي ) العبارات تصعد من خندق الثبات مهر تحد لناب غل ، التفاؤل يعيد رسم صفوفه ، كلمات نور تشق ظلمة اليأس بحرف الحق .....
بحركة لا يستطيع القلم رسمها تتعطل جميع أصابع النسوة وأعناق العذارى ونحور الفتيات من زينة حلي ...........لا يوجد مكان لوضع الحلي إلا ناصية الوجدان ....تراكمت المصوغات على طاولة النقاء ،،،،،
الرجال يتسابقون من يرمي أولا ما يحمله من نقود .......... لا مكان لمرجف أو بخيل ....
تفرغ الجيوب ... وتتعرى البيوت من كل المفارش ،
صفائح الزيت والأدوات الكهربائية تتجمع تلال واجب ....
كلنا لفلسطين ...........صيحات نسوة وأهازيج رجال ............
أم محمد ترى والدموع تشهد .......
الزمن يتوانى عن مدار الساعة ،
امرأة تنزل متثاقلة الخطا ، لمرض ألم بها .......من على سطح أحد البيوت ....تشق الجموع برجاء لم يسمع ، تصل تنزع كل ما كنزته من خواتم ......وحلي ......
وفي اليوم التالي تنتقل لرحمة الله .........
رجل يمر من الساحة ينعقد لسانه من المفاجآة لم يدرك إلا وقوع مصيبة كبيرة .... يخطو حذرا ........يسأل فلا يجاب ......لا أحد يعرف الحروف ، لغة الجود بكل ما يملك المرء هي السائدة .........يتعرف الحقيقة ...........يتساءل بصوت مرتفع .......يا ناس ....الآن وصلت من السعودية ولا أملك نقودا سورية هل تقبلون ريالات ...........
لا يجاب .........يفتح جيوب رحلته السنوية يفرغ محتوياتها .........يقسم بالله إنه وضع كل ما جمع .........يقام على عجل مزاد لبيع التبرعات العينية .........
يصل ثمن صفيحة الزيت إلى رقم ألف دولار .........وروحة السقف إلى أكثر من ذلك ثم يعاد المزاد على ما استرجع طوعا ممن اشترى ........
كوفية رجل تباع بمئة دولار تقريبا ..........
صيحات النخوة تتزاحم فوق ألسنة الناس .........
أم محمد تستضاف في أحد البيوت ........تتحلق نسوة البلد حولها ، يرمين كل ما يملكن من أساور وخواتم ..............
يشق الصفوف .....طفل يحمل عشرة ليرات سورية .....أم محمد ينادي
يصل إليها يبكي بحرقة تتشح بثياب القهر البريء .............خذي هذا مصروفي ....
تقسم أم محمد إنها ما مست عين تبرع لكنها ستقبل منه لأن تبرعه يساوي فطرة ونقاء كل ما جمع ..............شرفا ........
الأولاد يسرعون بالعودة لمنازلهم يكسرون جدران محصلات نقودهم .....يعودون لرميها بلا أسف على طاولة الفداء .......كلنا لفلسطين ............
ــــــــــــــ
حدث هذا في بصر الحرير ـ
الواقعة بواقعية ......... كما جرت .............
من يقهر شعبا يتصاغر السمو تحت أفق جوده .