|
كأننا رمم طال الرقاد بها |
قُمْ وَادْفَعِ الخَطْبَ عَنْ شـاشـانَ بالخُطَـب |
وَاسْـكُبْ مَـلاحِـمَها فـي دَمْـعِ قافِيَـةٍ |
أوْ لَـحْـنِ أغْنِـيَـةٍ في مَرْتَـعِ الطَّـرَبِ |
وَكُلُّ أَرْضٍ مِنَ القـوقـازِ مَـلْـحَـمَـةٌ |
وَكُلّ شَـعْبٍ مِـنَ القـوقـازِ ذو حَسَبِ |
مُـنْـذُ اسْـتَظَلَّتْ بِدينِ اللهِ فـي شَـمَمٍ |
فَاسْـتَوْطَـنَ العِـزّ مِنْهـا قَلْـبَ كُلِّ أَبـي |
كأنّ مـا بـات ردمـا مـن مسـاجدهـا |
أوْ بـاتَ مِـنْ أهْـلِهـا للنّـارِ كالحَـطَـبِ |
مُلُكٌ مُشـاعٌ فَلَمْ نَـأبَـهْ بِمِحْـنَـتِـهـا |
بَـل نَحْـنُ يا حُرْمَةَ الشاشانِ في وَصَبِ(1) |
كَأنّـنـا رِمَـمٌ طـالَ الرّقـادُ بِـهــا |
أوْ أنَّـنـا مِـن مَـواتِ الحسّ كَالنُّـصُـبِ |
أوأنّنـا غَـيْـرُ أحْفـادِ الألـى رَفَـعـوا |
لِلْحَـقّ ألْـوِيَـةً فـي كُلّ مُـرْتَـهَـبِ |
وَمرْبِـطُ الخَـيْـلِ مِنْ سيبَرْ إلى حَلَبِ |
ما طَـأطَـأتْ قَـفَـقـاسُ الهـامَ خاضِعَةً |
فَسَـلْ جَحافِـلَ "جِنْكيزٍ" إِذِ انْطَـلَـقَتْ |
تُعيـثُ في الأرْضِ ألْواناً مِنَ الشّـجَبِ(3) |
كَيْـفَ اضْمَحَـلََّتْ لَدى القوقـازِ ثَوْرَتُهـا |
كَما اضْمَحَلّتْ جِبالُ المَوْجِ في الحَبَـبِ(4) |
أَمْسى التـتـارُ بِديـنِ اللـهِ ألْـوِيَــةً |
وَكُـلّ أَعْـداءِ ديـنِ اللّـهِ فـي رَهَـبِ |
فالصـينُ والهِـنْـدُ كالبَلْقـانِ تَعْرِفـُهُـمْ |
وَمرْبِـطُ الخَـيْـلِ مِنْ سيبَرْ إلى حَلَبِ(5) |
وكُلَّـمـا جَـدّدَ العُـدْوانَ مُـجْـتَـرِئٌ |
ردّوهُ بِالخِـزْيِ وَالخِـذْلانِ والتّـبَـبِ(6) |
وَحَـيْـثُ ساروا رَأَيْـتَ المَجْـدَ يَتْبَعُهـُمْ |
وحَيْثُ حَـلّوا رَأيْـتَ الحَـقَّ في رَجَبِ(7) |
فاضَتْ عَلى أَرْضِ "بودابِسْـتْ" مَكارِمُهُمْ |
وَعاطِـرُ الذّكْرِ فـي المِحْـرابِ وَالقِبَـبِ |
وَسَلْ قَـديـمـاً مِنَ الثّاراتِ أَجَّـجَـهـا |
عُبّـادُ مِطْـرَقَـةٍ أَوْ حامِلـوا الصُّـلُـبِ |
إذْ أَغْرَتِ الرّوسَ أَطْماعُ قَـيـْصَـرِهِـمْ |
وهْـمْ دُروعٌ لأرْضِ العُجْـمِ والعَرَبِ(8) |
وَهُمْ مَنـاراتُ مـوسْـكو قَبْـلَ رِدّتِهـا |
وَكانَ تـاريخُـهـا مِنْ قَبْلُ كَالقَـتَبِ(9) |
كانَـت قَبـائِـلَ وَالتّقْـتيـلُ شـرْعَتُهُـا |
كَالوَحْشِ في الغابِ.. لكنْ دونَما سَـبَـبِ |
أضْـحَـت قَـيـاصِرَةً في شَـرّ مَنْـزِلَةٍ |
سـوداً وحُـمْراً وألْـواناً مِنَ النُّخَبِ(10) |
السّـلْمُ غَطْرَسَـةٌ في عُـرْفِ "بُطْرُسِهِمْ" |
والحَـرْبُ مَـجْـزَرَةٌ أوْ بَغْـي مُـغْتَصِبِ |
"لينـيـنُ" مِـنْ بَعْدُ وَ"سْـتالينُ" يَتْبَعُهُ |
وَمِنْ وَرائِـهِما " بوتـيــن" كالعَـقِبِ |
والشّـرّ شَـرٌُ فَلَـمْ يُبْـدِلْ طَريـقَـتَـهُ |
وَالغَـيّ غَـيٌّ فَلَـمْ يَرْشُـدْ وَلَمْ يَـثُـبِ |
لا دينَ حَضَّـرَهُمْ.. لا مَـجْـد كَرَّمَـهُـمْ |
لا حَـقَّ يَعْرِفُـهُـمْ فـي أي مُـنْـتـَدَبِ |
قَـومٌ عَلى عَتْـبَـةِ التاريـخِ ذِكْـرُهُـمُ |
بَلْ عَـفّ عَنْ ذِكْرِهِمْ مِنْ شِدّةِ التّغَـبِ(11) |
دانـوا كَـمـا دانَ للإسْـلام عـالَمُهُـمْ |
وَشُـرْعَـةُ اللَـهِ أَنْـوارٌ لِمُـكْـتَـسِـبِ |
إِذَ أَقْـبَـلَ الهَـدْيُ مِنْ قوقازَ يَطْلُبُـهُـمْ |
فَاسْـتَكْبَروا مُـؤْثِـرينَ العَيْشَ في نَكَـبِ |
وَرُبَّ سـاعٍ إلـى الخَيْـراتِ مُصْـطَبِـراُ |
وَجـاهِلٍ رَدَّ مـا يُـهْــدى بِلا تَـعَـبِ |
فَلا اسْـتَقامـوا عَـلى ديـنٍ وَلا خُـلُقٍ |
وَلا اسْـتَجابـوا وَجُلُّ النّاسِ فـي رَغَبِ |
إِلا لَفـيـفـاً مِـنَ الأحْـرارِ في بَـلَـدٍ |
يَسودُهُ السّـبْيُ فَالأحْرارُ كالـغُـرُبِ(12)ِ |
سـاروا فَـأَمْـلَـوْا عَلى التاريخِ سُرْعَتَهُمْ |
شـاشـانُ ياثَورَةً لَمْ تَـخْـبُ شُـعْلَتُهـا |
أَنْـتِ الوَصِيَّــةُ وَالتـاريـخُ سـائِلُنـا |
عَـنِ الوَصِيَّـةِ وَالأدْمـاءِ في الكُـثُـبِ |
وَعَـنْ شَـهيـدٍ يُلاقـي في ثَـراكِ أّخاً |
فَعانَـقَ الجرْحُ جُـرْحاً عاطِـرَ السَّـكَبِ |
وعَـن جِـهـادِ الصّحابِ الفاتِحينَ عَلـى |
"أَبْـوابِ" قوقازَ وَالطاغوتُ في رُعُبِ(13) |
كانـوا الطلائِـعَ مـن عَهْدِ النّـبُـوَّةِ لَم |
ْتُشْـرِقْ عَلى مِثْلِهِمْ شَـمْسٌ وَلَمْ تَـغـِبِ |
أيّـامَ كانَ الجِهـادُ الحَـقُّ مَـرْكَبَـهُـمْ |
فَالخَيْـلُ كَالريـحِ وَالأضْلاعُ كَاليَـلَبِ(14) |
سـاروا فَأَمْـلَـوْا عَلى التاريخِ سُرْعَتَهُمْ |
وَالعَـزْمَ وَالجِـدَّ بَـعْـدَ الهَـزْلِ وَاللَعِبِ |
أَحْـفادَ شـامِـلَ إِنْ كانَـتْ مَآثِـرُكُـم |
لَمْ تُـنـْقِـذِ الرّوسَ مِنْ كُفْرِ وَلا ثَـلَـبِ |
فَلْيَشْــهَدِ القَيْصَـرُ المَغْـرورُ أَنَّ لَـهُم |
في أَرْضِ شامِلَ ما شـاؤوا مِنَ التَّـبّـبِ |
فـلا الطـائِـراتُ وَلا الغـاراتُ فاجِـرَةً |
تُـنْـجي الغُزاةَ غَـداً مِنْ شَـرِّ مُنْقَلَـبِ |
وَلا الشّـماتَـةُ في غَـرْبٍ يُزَيّـنُـهـا |
بِزُخْـرُفِ القَـوْلِ أَوْ بـادٍ مِنَ الكَــذِبِ |
هِـيَ التّجـارَةُ.. وَالإنْسـانُ سِـلْعَتُهُـمْ |
وَكُـلُّ حَـقٍّ سَـمـاوِيٍّ وَمُـكْـتَسَـبِ |
فَـلا يَغُـرَّكَ ما كـادوا وَما مَـكَـروا |
سَـيُزْهَـقُ الباطِلُ المَغْـرورُ فَارْتَـقِـبِ |
وَقُـمْ وَجـاهِدْ .. فَدَرْبُ النّصْـرِ تَعْرِفُهُ |
وَوَعْـدُ رَبّكَ فَـوْقَ الشَّــكِّ وَالرِّيَـبِ |
نَخْشـى المَنايـا.. فَياشـاشانُ مَعْذِرَةً |
أَحْرارَ شـاشـانَ إِنْ نَجْـزَعْ فَمَعْذِرَةً |
نَخْشـى القَذائِـفَ.. تَلْقاهـا أَضالِعُكُم |
نَخْشى القَنابِـلَ.. مِلْءَ الجَوِّ في صَبَبِ |
نَخْشـى.. وَنَرْقُبُ عَنْ بُعْـدٍ مَواجِعَكُمْ |
إِذْ ماجَ حَوْلَـكُمُ الأَجْـنادُ في لَجَـبِ |
وَيَخْـفِـقُ القَلْبُ إِجٍلالاً.. فَيَخْنِـقُـهُ |
هذا التَّنـائي كَسِـجْنٍ حَوْلَ مُرْتَـقِبِ |
وَنَخْفِضُ الهامَ إِكْـبـاراُ.. فَيُثْـقِلُـهُ |
عَجْـزٌ تَبَدَّى بِلا سِـتْـرٍ وَلا حُجُـبِ |
وَلِلْحَيـاءِ عَـلـى أَبْصـارِنـا أَثَـرٌ |
مِنَ الهَـوانِ وَجَوْرِ الأهْـلِ وَالغُـرُبِ |
شـاشـانُ كَمْ ذا تَغَنَّـيْنـا بِوَحْدَتِنـا |
فَكُلُّـنا مِنْ هُدى الرّحْمـنِ في نَسَـبِ |
فَكَيْـفَ يَغْزوكِ شَـرُّ النّاسِ مِنْ قُبُلٍ |
وَيَنْشُـرونَ خَراباً غَيْـرَ مُحْـتَجِـبِ |
وَنَحْنُ عَنْـكِ وَعَـنْ أَهْليكِ في شُـغُلٍ |
وَإِنْ تّمادَوْا.. أَطَلْـنا الصّبْـرَ في دَأَبِ |
نَخْشـى المَنايـا.. فَياشـاشانُ مَعْذِرَةً |
نَهْوى الخُنوعَ بِلا خَطْبٍ وَفي الخُطَُبِ(16) |
فَالوَهْـنُ مِنْ حُـبِّ دُنْيانـا يُخَذِّلـُنـا |
وَالهُونُ في فَمِنا كَالسّـلْسَـلِ العَـذِبِ |
وَإِنْ قَعَدْنـا.. فَقَـد سارَتْ مَواكِبُكُـمْ |
لِلْحُسْنَيَيْـنِ.. فَبِئْسَ العَيْشُ مِـنْ أَرَبِ |
عَلـى جِـراحٍ.. أَيادينـا تُمَزِّقُهـا |
شـاشـانُ يا أَرْضَ ثَوراتٍ تُشَـرِّفُنـا |
وَقَـدْ تَلاقَـتْ عَلى الشّكْوى فَواجِعُنـا |
وَما جَرى مِنْ دَمِ الأحْرارِ في الشُّعَبِ(17) |
وَلا نَكـادُ نَـرى البَأْسـاءَ مُـدْبِـرَةً |
إِلا وَتُقْبِـلُ أُخْرى في دُجى السُّـحُبِ |
وَكَـمْ تَحـارُ مَآقيـنـا بِأَدْمُـعِـهـا |
بَيْـنَ الرّزايا.. وَجُـلُّ الأَهْلِ في الكُرَبِ |
أَفـي الجَزائِرِ.. أَمْ في الصّينِ نَذْرِفُها؟ |
في ساحَةِ الحَرْبِ أَمْ في ساحَةِ الحَرَبِ؟(18) |
عَلـى جِـراحٍ.. أَيادينـا تُمَزِّقُهــا |
أم ما تُمَـزِّقُـهُ الأحْـقـادُ بِالصّـلُبِ |
وَكَـمْ رَثاءٍ نَظَـمْنـا في نَوائـِبِنـا |
حَتى اسْـتَطَبْنا الرّثاءَ المُرَّ في النُّوَبِ |
وكَـمْ تَبَنَّـى أَسى البَلْقـانِ مُجْتَهِـدٌ |
وَقام يَـجْـزِمُ بِالتّسليـمِ مِنْ كَثَـبِ |
فَأَسْـكَرَتْنـا مَـراثينـا التي جَعَلَتْ |
بَلْقـانَ أَنْدَلُسـا فـي خَمْرَةِ الأَدَبِ(19) |
وَإِنْ صَحَوْنا.. جَعَلْنـا اليَأْسَ دَيْدَنَنا |
في مَهْجَعِ الذّلِ لا نَقْوى عَلى طَـلَبِ |
إِنْ يَزْرَعِ المَوتَ في كَشْميرَ غاصِبُها |
يَحْصِـدْ نَواحاً فَلَمْ يَأْبَـهْ بِمُنْـتَحِـبِ |
أَوْ يَنْـكَأِ الجُرْحَ في الصّومالِ مُجْتَرِمٌ |
قَدْ ضَمَّـدَتْـهُ قَـوافينـا عَلَى النّّدَبِ |
وفي فِلَسْـطيـنَ لَمْ تَنْضُبْ قَرائِحُنـا |
أَسـىً وَحُزْنـاً عَلى مَوْؤودَةِ العَـرَبِ |
نُهْـدي الضّحـايـا بَيانـاتٍ مُدَبَجَـةً |
والغاصِـبيـنَ.. وَلاءَ الـودِّ وَالحَدَبِ |
فيهـا الشّهيدُ عَلى إِثْرِ الشّـهيدِ.. إِذا |
رَوَتْ دِماهَ حِمـى الأَقْصـى بِمُخْتَضَبِ |
ثارَتْ مَنابِـرُنـا كَالأُسْـدِ زَمْـجَـرَةً |
ثارَتْ مَشـاعِرُنـا بِالفَخْرِ وَالغَضَـبِ |
نُذْكي الحَماسَ لَهيبـاً في قَصائِـدِنـا |
وَالأَهْلُ وَالدّينُ وَالإِنْسـانُ في اللَّّهَـبِ |
وَالنّثْـرُ كَالشّـعْرِ لَمْ يَهْزِمْ بَلاغَتَـنـا |
فَأَضْرَمَـتْ جَذْوَةَ الأَحْـلامِ كَالشُّـهُبِ |
واخَجْـلَتاهُ مِنَ الأَقْلام ِ.. قَدْ شَـرِبَتْ |
مِدادَهــا مِنْ دَمٍ حُـرٍّ.. وَلَمْ تَتُـب |
لَمْ يُغْـنِ قَـوْلٌ عَنِ الأَفْـعالِ فَاسْـتَجِـبًِ |
يا صاحِ مَعْـذِرَةً إِنْ كُنْـتَ ذا قَـلَـمٍ |
وَما شَكَوْتُ سِوى التّخْذيلِ عَنْ هَدَفٍ |
وَما شَـكَوْتُ سِوى التّدْجيلِ في الكُتُبِ |
مَنْ يَنْشُـرِ اليَأْسَ يَفْتَحْ بابَ مَصْرَعِنا |
وَلَنْ يَشـيدَ لَنا صَـرْحاً ذَوُو الرِّيَـبِ |
وَخَيْـرُ دَرْبٍ إِلـى إِحْيـاءِ مُنْـدَثِـرٍ |
مِنَ العـَزائِـمِ دَرْبُ الصّدْقِ لا الكَذِبِ |
فَأَطْلِـقِ الأَمَلَ المَحْبوسَ وَامْضِ بِنـا |
رَغْمَ الشّـدائِدِ وَالتّيْئيسِ وَالخَـلَبِ(20) |
وَانْظُـرْ إِلى قَبَسٍ مِنْ نورِ صَحْوَتِنـا |
في كُـلِّ قَلْـبٍ دَعا الرّحْمنَ مُحْتَسِبِ |
نـورٌ تَهادى إِلى الآفاقِ يَغْمُـرُهـا |
هَدياً وَعِلْمـاً كَما أَعْطاهُ خَيْـرُ نَبـي |
ديـنٌ تَسامى فَفيهِ الشّرْعُ مُؤْتَـلِـقٌ |
وَالعَدْلُ يُنْصِـفُ وَالإحْسانُ لَمْ يَغِـبِ |
مَواكِـبُ الحَـقّ لِلْعَـلْيـاءِ ماضِيَـةٌ |
وّالهَدْيُ مَقْصَدُها فـي العالَـمِ الرّحِبِ |
وَمـا الجِهـادُ إِذا ما رُمْـتَ ذِرْوَتَهُ |
إِلا بِنَفـْسٍ وَمـالٍ دونَمـا رَهَــبِ |
فَقَـدْ عَلِمْتَ كَمـا القـُرْآنُ عَلَّمَـنـا |
لَمْ يُغْـنِ قَوْلٌ عَنِ الأَفْعالِ فَاسْـتَجِـبِ |