|
فجر يطل برأسه فيعاقُ |
والبدر يشكو الأسر وهو محاقُ |
والليل يبكي .. كم تطاول عهده |
وفؤاده لسنا الضيا مشتاقُ |
والشمس حيرى .. أي فجر تمتطي |
قد تاه في خطواتها الإشراقُ |
إن الربيع غدا يراقب زهره |
خوفاً بألا تورق الأوراقُ |
والنهر يخشى أن يُـعكـَّر صفوُه |
أو أن طعم الغدر فيه يـُـراقُ |
والريح تعزف لحن خوف قادم |
فيطل من نغماتها الإشفاقُ |
فجر تداعبه المنون كأنه |
كبش إلى ساح الفداء يساقُ |
فجر حوى في ناظريه مشاهداً |
لا.. ما حواها في الحياة نطاقُ |
قد أبصرتْ عيناه حالة أمة |
مكلومة وقد اعتراها شقاقُ |
قد أبصرتْ عيناه جرحاً نازفاً |
غرقتْ ببحر دمائه الأعناقُ |
قد أبصرتْ عيناه صرحاً هاوياً |
يسري على أطرافه الإحراقُ |
صرحٌ تمايل بالصراخ تزلزلاً |
يدوي به بين اللهيب زعاقُ |
صرحٌ يبث النار فيه مخربٌ |
نادى فترفع صوته الأبواقُ |
نادى لنبذ عقيدة غراء من |
أصل النفوس لتنمحي الأخلاقُ |
نسي الطغاة بأن قبل شفاهنا |
قد وحدت رب الدنا الأعراقُ |
نسي الطغاة بأن في تاريخنا |
فجر أبيّ ماله إخفاقُ |
فجر يبث الكون نوراً مشرقاً |
ويلم جمعاً ما إليه فراقُ |
فجر أتى جبريل فيه محمداً |
ومضى به نحو السماء براقُ |
فغدت صروح الحق تعلو دونما |
خلل يشوب علوها وفتاقُ |
وغدت صروح الحق للدنيا هدى |
ضم البرية في هداه سباقُ |
فجر تسامق في السماء بضوئه |
فيلفه بين النجوم عناقُ |
فجر يخط بكل ضوء قارباً |
فيه النجاة وما لـه إغراقُ |
فجر ببدر قد أطل بنوره |
يوم احتذى قول النبي رفاقُ |
فجر على أحد أتى وبنصره |
هـُـزمت جموعٌ مالها ميثاقُ |
فجر مضى وبناظريه تآلفٌ |
وأتى ليملأ ناظريه شقاقُ |
قد أبصرتْ عيناه في جنباتنا |
صوراً يصوغ خطوطها الإخفاقُ |
قد أبصرتْ عيناه لوحة مرأة |
حبلى يعيث بسترها أفـّـاقُ |
قد أبصرتْ عيناه لوحة شيبة |
خضب المشيبَ لـه دمٌ منساقُ |
قد أبصرتْ عيناه لوحة طفلة |
فصلتْ لها أيدٍ ودكـّـتْ ساقُ |
فإذا بعين الفجر تطلق دمعة |
ويداه شُـد بساعديها وثاقُ |
من لي يفك القيد حتى أنبري |
وأزيل سحراً في العيون يـُـراقُ؟ |
من لي يفك القيد حتى أنجلي |
فتضيء من قبساتي الآفاق؟ُ |
من لي يفك القيد حتى أعتلي |
وقد اشرأبَّـتْ نحوي الأعناقُ؟ |
من لي يعيد صحائفاً كانت هنا |
فوق الربوع وما لها أوراق؟ُ |
فجر يُـسائل والعيون تلفه |
فمتى يحين لفجرنا الإطلاقًُ؟ |