|
يَا نَجمَة الليْلِ أنْتِ سَاهِرَةٌ |
مِثلي أمِنْ لوْعَةٍ ومِنْ شَجَنِ |
جَفاكِ مثلي الرُّقادُ كَيْفَ تُرى |
يَنامُ مَنْ ذاقَ لسْعَة الحزَنِ؟ |
فَلِلحَزينِ السُّهادُ يُؤْرقُهُ |
ويَنْعَمُ المُسْتَريحُ بالوَسَنِ |
يَا نَجمَة الليْلِ إنَّني رَجُلٌ |
أتاكِ يَشْكو قَساوَةَ الزَّمَنِ |
لا خِلَّ إلاّكِ سوفَ يَسْمعنِي |
ويَمْسَحُ الدَّمْعَ منْ على جَفَنِي |
فالدّهْرُ سَاقٍ قَصَدْتُ حانَتَهُ |
فصبَّ كَأسَ الضَّنى و جرَّعَنِي |
أمضي و دَرْبي الجِراحُ أحْمِلُها |
فهلْ لها من دواً يُعالجُنِي |
يَا نَجمَة الليْلِ في الفُؤادِ جَوىً |
وفي ضلوعي خلاصَة المِحَنِ |
أنا غريبٌ هنا و مُسْتَلبٌ |
برغْمِ أنِّي أعيشُ في وَطَني |
وغُربة الرُّوح..تلك فاجِعَتي |
فلَسْتُ مَنْ ذاقَ غربَة البدَنِ |
أهْلي أراهُمْ ولا أرى بِهِمُ |
حيّاً...وإنَّ الدِّيارَ كالدِّمَنِ |
لي أمَّة هدّها الزمانُ فَهِي |
تَخْرُجُ مِنْ مِحْنَةٍ إلى محَنِ |
بالأمسِ كانَتْ تُهابُ عِزَّتُها |
واليَومَ خَارَتْ بِشِدَّةِ الوهَنِ |
تحيا بلا عِزَّةٍ ولا شَرَفٍ |
تُباعُ..أو تُشْترى بلا ثمَنِ |
قدْ باعَتِ اللهَ و انحنَتْ سَفَهاً |
لكيْ تُذِلَّ الجِباهَ للوثنِ |
تشْدُو بلحنِ الأسى مرابِعُها |
يا ويحها أمتي تلَوّعُني |
فالذلُّ فيها بنى له وطناً |
وقال: يا عرْبُ بينَكُمْ سكَني |
والعِزُّ عافَ الحَياةَ قالَ لنا: |
لا خيْرَ في العَيْشِ جَهِّزوا كفَنِي |
يَا نَجمَة الليْلِ أمّتي لبسَتْ |
ثوبَ الخَنَا والهوان..والمحَنِ |
هانَتْ على الدَّهْرِ فهْوَ قاهرُهاَ |
وحُبّها في الفُؤَادِ لمْ يَهُنِ |
لا زِلْتُ أشْدُو جِراحَهَا ألماً |
كما شدا بُلْبُلٌ على فَنَنِ |
لا زلْتُ بينَ الضلوعِ أحْمِلُها |
والرِّيحُ تَعْوي ..تكادُ تُسْقِطُني |
كم ضاق غيْري بها فأهملَها |
وخانَ عهْدَ الوفا ولمْ أخُنِ |
يَا نَجمَة الليْلِ مُذ رأيتُ أنا |
ما حلَّ في أمّتي وفي وطَنِي |
وأبصرتْ أعيُني تشَرْذمَنا |
وخوضَنا العيْشَ في رُبى الفِتَنِ |
راحَتْ تُذِيبُ الفُؤادَ أمنيَة: |
يا ليتني لم أجِئْ ولم أكُنِ |
أمّا وقدْ جِئْتُ فالجِهادُ لها |
عهْدٌ سأوفي بهِ فكيفَ أنِي؟ |