وتجئُ للعرافِ مرتجفَ الخطى
في الكفِّ مشنقةٌ
تداعبُ أخدعيكَ وتنتظرْ
وجوادُك المقهورُ في سخطٍ مضى
فتهيمُ في تلك الفلاةِ بلا دليلٍ غير أنَّاتِ الهوى
وتقابلُ العرّافَ في وادٍ وَعِرْ
فتخرُّ للعرّافِ تستجدي الخبرْ
(أصبحتَ سيفا من خشبْ
ماعادَ يصلحُ للطعانْ
أصبحتَ شيخا عاجزا
يستعطتفُ الأشواقَ رفقا والهوى
والشوقُ ضعفٌ وامتهانْ
أصبحتَ أمسيةً طواها العاشقانْ
أصبحتَ بركانا نَضَبْ )
وتجئُ للعرّافِ تستجدي الخبرْ
ويداهُ عازفتانِ إيقاعا غريبْ
عيناهُ تجتاحُ الخلايا والقلوبْ
شفتاهُ قُدّتْ من حجرْ
والوقتُ يمضي في سكونٍ وانتظارْ
وتظلُّ في لهفٍ تسائلُ ما النهايةُ والقرارْ
عيناك عاشقتانٍ والعشقُ انتحارْ
والشوقُ جمرٌ من سقرْ
(لو كنتَ من عامٍ مضى
قابلتَ عرافا
لأنبأهُ بما يأتي من الأحداثِ
سيفٌ في يديكَ
وكيفَ ترديهِ
وأين المستقرْ
كم كنتَ تضحكُ منهمو
واليومَ تبكي من سخافاتِ القدرْ )
وتجئُ للعرافِ تستجدي الخبرْ
والصمتُ في شفتيهِ يشعلُ في الأماني جمرَهُ
فتفوحُ رائحةُ الهوى
تعلو يخالطها البخورْ
وتمرُّ ذاكرةُ الغرامِ على العيونِ شعاعَ نورْ
وتدمدمُ الأناتُ في القلبِ الكسيرْ
رحماكَ هل من لفظةٍ
تجتاحُ ذيّاك السعيرْ
لم أنحني من قبل قطْ
وأنا أمامك أعلنُ الضعف المسيطرَ في الحنايا والشعورْ
وأنا المسربلُ بالهوى وأنا الأسيرْ
وأنا الظلامُ يريدُ نورْ
لو كان لي سيفٌ فقطْ
لقتلتُ ذا القلبَ الغريرْ
لكنني ألقيتُ سيفي من زمنْ
وأنا أمامك مستباحٌ كالوطنْ
وأنا أمامك بعض أشلاءٍ يُقال لها بشرْ
(متْ واقفا
والسيفُ في كفّيكَ يُعلنُ أنهُ
لمّا يمت يوما ولمّا يهزمِ
أو عشْ لتدهسكَ الخيولْ
متْ واقفا
ودعِ الأماني غارقاتٍ في الدمِ
أو تصبح العبد الذليلْ )
وتجئُ للعرافِ تستجدي الخبرْ
وقتٌ مضى
تتجمدُ العينانِ في عيني فيخذلني النظرْ
والصوت يخرجُ خافتا
صلبا
قويا
مقتدرْ
وأنا أُخَلّدُ بالحروفِ وأندثرْ
"لمّا تزل عيناك خاضعتانِ
للأمواجِ
للريحِ المُخَبّأ في حوانيتِ السفرْ
تتندّرانِ بلعبةِ الأفلاكِ
والأهواءِ
والشوقِ الذي
بين الجوانحِ منتشرْ
وتداعبانِ جواهرَ الأفكارِ
تكتشفانِ معنى الصدقِ
حين يمسُّ نبضَ القلبِ
يجتاحُ الفِكَرْ
لمّا تزل عيناك عاشقتينِ أزمانا أُخَرْ
وبقلبك الموجوعِ تبقى
بعضُ أحلامِ الليالي
في متاهاتِ الدروبِ
وفي غواياتِ الحُفَرْ
العشقُ أمرٌ نافذٌ والموتُ أمرْ
ودروبك الحمقاءُ تجهل أنها
إن ما نَوَتْ عشقا فللعشقِ المَفَرْ
العشقُ وهمٌ زائفٌ
والوهمُ حقٌ
والحقيقةُ أننا
نحيا على الأوهامِ حتّى نستمرْ
الناسُ سكرى بالأماني علّها
تنسى الأسى
وتهيمُ خلفَ سراب عشقٍ مرتجى
كنْ واحدا
فالعشقُ موتُك والهوى
وتعيشُ إن ماتَ البشرْ "
8/1/2003
محمد عبد الحفيظ قرنه
18 عام
مصر