فضائيات محمدية ...لملايين العميان
لولا يتعلم رجال الاعلام اليوم من الصيغة المحمدية التي نجح من خلالها الرسول في ارساء مبادىء سماوية يكون هو فيها وسيطا" ناضجا" ناصحا" لديه مايقوله للناس وهو بشر مثلهم واقصى امنياته .... أن يؤمنوا معه بفكرته .
والله اني لاتحسر وانا اشاهد هذا الصخب والضجيج الاعلامي عندما يهل علينا شهر رمضان والفضائيات في أشد حالات الاستنفار في ماراثون التسابق لتقديم كل ما هو مثير، للإتيان على كثير من التفاهات والترهات وهم يصورونها لنا على أنها من لزوميات رمضان، في حين أنها لاتهبنا سوى الاستخفاف بعقول المتلقي وربما الإسفاف وفيه مافيه من خدش الحياء وإفسادٍ للذوق العام في الأيام الاعتيادية فضلا" عن أيام رمضان الكريم .
قال لي محدثي ان ماترجوه وتتمناه من وعي الاعلاميين لواجبهم الشرعي لايدرك الا بانفاق وأغداق الاموال وبذل همم الرجال
قلت له لا يااخي لدينا في رسولنا الرحيم .,.. الاسوة المثلى ,, كان فقيرا" ولم يكن عنده جيش من المذيعين , لكنه رجل مدرك ببصيرته وان كان يقف وحيدا" امام الكون .. وهو وحده الذي يدين بدينٍ جديد، بينما الدنيا كلها: أهله، وعشيرته، وبلده، وأمته، والفُرس، والروم، والهند، والصين، وكل شعوب الأرض لا يرون ما يرى، ولا يشعرون له بوجود حتى ونحن نتلوا آيات الاسراء نقف مليا" امام حديث مخالفيه وحجتهم .. (لولا نزّ ل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ...) ألأسراء الاية
واقول في نفسي انه عليه السلام بذل طاقة جبارة لاقناع هؤلاء بانه رجل عظيم ولكن لا على طريقتهم هم بل انه عظيم لأنه لايملك قوةٍ ولاسلاح، إلا قوة العزيمة وصلابة الإيمان، يقف واثقا" أمام عالمٍ تُدعّمه قوة العدد والعدّة، وتؤازره رواسب عقيدةٍ قديمة شبّ عليها وورثت عن الأسلاف ، عظيما" لانه أجاد في عرض خطابه وتوجيهاته في مبدأ الرحمة واللاأكراه مع هؤلاء القساة , فهل فطنتم الى قساوة وضراوة المواجهة مابين الرحيم محمد وكبراء قريش وهم سدنة القوة أذ كانوا يقاتلون من أبى وعصى... ولم يملك محمد معهم سوى الكلمة التي تحمل ... فكرة
والفكرة تملك قوة ... التغيير.... فرأيناها حركت الجبال عن مواضعها وادخلت واخرجت شعوبا" وقبائل الى الحضيرة الانسانية , ولو كان ارتفاع ذلك الصوت المحمدي الضعيف كما نحن اليوم نرفع اصواتنا في اعلامنا لنخبر العالم عنا قائلين وملزمين وصائحين ومرتلين بطريقة السرد السطحي لارثنا الغني بالحكمة , ولانعرف كيف نفاعل آذان من ينصت لنا مع قلبه , والقلب هو المحتوى الامثل للطاقة الروحية لديننا الحنيف , هل حقا" نحن لانملك رؤية في فضائياتنا سوى دعوة الاخرين ... ؟ ( أن أُترك أيُها العالم دينك القديم واتبعني)..فاقول ليت الامر كان كذلك وليس عجبا" ان يكون الصدى لصوتنا أن لا جواب عليه إلا سخريةً طويلة وقهقهةً عريضة..
لقد مات الرسول الرحيم وهذا العالم أجمعه يجثو عند قدميه منكّساً كل اسلحته، وقد انقلب من سخر من دعوته الى خاشع ومن رفع سيفه مقاتلا" له الى سيف يذود عن رسالته كحامي وجندي لله تعالى وفعله كأنه صلاةً عميقة، ولم نسأل انفسنا كيف ربح هذا الرسول الرحيم الموقعةوما وسائله في دعوته ؟ فاقول جازما" : أن حكمة الله تعالى لاتريدنا في نشر دينه ومنهجه بين البشر إلا بالوسائل البشرية.. فلا يفرض الدين فرضاً على الناس كما تفرض عليهم الاقدار والأمطار والأعمار؛ ان متاعب من يدعو مثل هكذا خطاب انه يتكلم عن النور مع اناس عميان لن يجدي معهم الكلام لوحده ويبالغ في الصياح مع جمع من الطرشان .
وإنما يؤثر فيهم الفعل والمثل كما أثبت لهم عليه الصلاة والسلام انه لا يسعى إلى مال ولا إلى ملك؛ وبقي عليه الصلاة والسلام فقيراً، يشبع يوماً ويجوع أياماً وقالها بوضوح حين اجتمع به كبراء أمته وعرضوا عليه صفقتهم، ووعدوه أن يُنصّبوه عليهم ملكاً، على شرط أن يتركهم على دين آبائهم، فرفض المال والمجد والسلطان، وأبى إلا منهجه ,أن يؤمنوا معه ... بالفكرة ... ولان الفكرة ترسم للغد طريقا" احلى وأجدى فتجعل الارض مكانا" امثل لنحيا فوقها , فقد بدأ كثير من الناس يجلسون إليه ويصغون إلى كلامه.. وهنا كان السر لقوته وواقعية امنياته .
فإن أمضى سلاحٍ في يد رجلٍ يريد أن يقارع شر البشر هو أن يواجه البشر بيدٍ خاليةٍ من أغراض البشر ...فمحمد انسان رحمته مستنبطة من ربنا الرحيم ولو انه كان فظا" غليظ القلب لانفض الناس من حوله !!!
هل توافقونني الان اننا بحاجة الى فضائيات تعمل بالطاقة والصيغة المحمدية لا الى ببغاوات تردد ما تلقنته من كتبٍ تراثية حملت لأمتنا من الغثّ الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه فكانت مجتهدة وهي تعرض علينا كيف انقسمت الامة الى شيع وفرق وملل , وتناست عرض ...الفكرة ...، الملتصقة بالتغيير لتجعل من ملايين العميان يبصرون فيخرجون من ظلماتهم الى... النور
(( أو من كان ميتا" فاحييناه ... ))