سلام الـلـه عليكم
الأخ الفاضل الاديب والناقد الكبير محمود الغيطاني
لقد تابعت دراستك النقدية "عمارة يعقوبيان... مصر المهترئة تحتضر " منذ اللحظات الاولى لظهورها , وكنت اتأنى للمساهمة والمشاركة في النقاش , على الرغم من التحفيز القوي , الذي كان يدفعني للمشاركة , خاصة بعد ان رأيت النقاشات الراقية , للدراسة النقدية , والمحاور النقاشية التي تجري على هامش الدراسة .
لابد لي من العودة اولا للدراسة النقدية , وفي ذاكرتي نقاشات سابقة مع الناقد الكبير الاستاذ محمود الغيطاني , على هامش دراسات نقدية سابقة , والتي فهمت منها , على ان الناقد السينمائي او الناقد للعمل الفني بصورة عامة , ليس طرفا في معادلة العمل , بل هو العين المجهرية المتبصّرة التي ترينا المساحات والجزئيات والخلفيات , لهذا العمل , بسلبياتها وايجابياتها , وهو الميزان العدل , الذي يعطينا التقييم الصحيح , للقيمة الفنية والادبية للعمل , كما انه بما لديه من تجرد في الحكم , وما لديه من رؤية فنية وادبية , هوضمانة التطوير والارتقاء بالعمل الفني , وفي دراستك النقدية , لفيلم عمارة يعقوبيان , رأيت هذه القيم واضحة جلية , ابتداء من مراجعة دور السيناريست في العمل السينمائي , راسما المناحي الفنية لهذا الدور , بشكل مفصّل , ثم انتقلت الى ما قدمه السيناريست وحيد حامد , في فيلم عمارة يعقوبيان , ورأيت نقدك الواضح , للطريقة التي استخدمها وحيد حامد , في النقل الحرفي للنص الادبي , الى العمل السينمائي , فلم يقدم اللمسات الفنية المطلوبة منه , ثم تطرقت بدراستك النقدية , الى توجيه الضوء , على ما اراده مخرج الفيلم مروان حامد , من اظهار للتغير الحاد في بنية المجتمع , ومدى الخراب الذي لحق ببنية هذا المجتمع , من خلال التركيز على العمارة الرمز , والمقاطع المسموعة , عن المراحل التاريخية , حيث يتم تلمس الاثر المأسوي الذي احدثته الثورة , ثم المراحل التي تبعتها , في بنية المجتمع , ولعل التقنية المتوازية للفيلم , نجحت في تقديم صور مختلفة , تفضح اخلل والمشاكل , وساركّز هنا على المحاور الجنسية التي وظفها الفيلم ,
لاظهار دور الخلل الاقتصادي , في بنية المجتمع , والذي انعكس بخلل اخلاقي واجتماعي ونفسي , جرى التركيز عليه , بمشاهد " بثينة (هند صبري ) ومنها حوارها مع والدتها , وهي بعض المشاهد التي اثارت الضجة , في أن الفيلم يقدم مشاهد جنسية فاضحة , وانا اشخصيا لاارى ذلك , لان هذه المشاهد والحوارات , لم تأتي افتعالا ودسا وحشرا , بغرض اظهار مشاهد ولوحات جنسية , بل جاءت وفق توظيف فني عفوي , لابراز حجم المشكلة , ويتم نفس التوظيف في مشاهد طه الشاذلي ( محمد إمام ) , حيث يقود الخلل الاقتصادي والفساد الاداري , الشاب الى حالة انسحاب مجتمعية , ثم اتباع فكر تشددي , ويجسد الفيلم مأساة حقيقية , ترتكبها اجهزة القمع , وهي حالة متكررة كما نعلم , في انظمة القمع , حيث يتم الاعتداء جنسيا على الموقوفين , او افراد عائلاتهم , وهذا ما حدث لـ"طه الشاذلي " , الذي تدفعه الرغبة في الانتقام الى قتل الضابط الذي قام بالاعتداء الجنسي عليه , ثم في مشاهد "عبد ربه"( باسم سمرة ) , حيث يعاود الفيلم فضح الخلل الاقتصادي والاخلاقي والمجتمعي , فيظهر لنا كيف يضطر عبد ربه , الى علاقة مثلية شائنة , مع " حاتم " (خالد الصاوي ) .
واعتقد ان الدراسة النقدية , جاءت موفقة الى حد كبير , وتدل على حرفية لافتة , ورؤية حادة متبصّرة , ولابد لي من العودة الى الدراسة مرة اخرى , لاقرأ الجوانب الاخرى للدراسة , والاهم من ذلك المشاركة , في المحاور النقاشية المطروحة على هامش الدراسة , بوجود الاساتذة الكبار : الاديب المفكر الدكتور البحتري , والاديبة القاصة صابرين الصباغ , والشاعر والمفكر الدكتور سمير العمري , بالاضافة الى الناقد الكبير الاستاذ محمود الغيطاني , واسجل بقوة اعجابي الشديد بهذه الحوارات والنقاشات الراقية .
اخوكم
السمان