يقال أن سمكة الزينة الصغيرة تفقد ذاكرتها كل ثوان ثلاث
أترى؟ هو المستحيل !!
أترى تلك السمكة الصغيرة؟
ترفل بألوانها البراقة ، تسبح في بحر صغير مسور بألواح الزجاج؟
انظر إليها جيدا وتتبع حركاتها .ها هي تسبح مسرعة في بحرها المفترض باتجاه هدف قد
يكون ذرة من طعام .. ولكنها تتوقف فجأة وتغير اتجاهها وتسبح نحو الجدار الزجاجي فترتطم به بقوة.
ها هي تستدير باتجاه آخر
هي هكذا دائما..تفقد ذاكرتها في لحظات ، لتبدأ الحياة بذاكرة سخيفة جديدة
هي حتى لا تدرك أن بحرها هذا ليس بحرا
وربما لو وعت ذاكرتها هذا لقضت من توها
أتدري؟؟
لقد أهدتك هذه السمكة البائسة ذاكرتها
لكن ،
أنا لي ذاكرة حبلى
تحمل في أحشائها التاريخ والجغرافيا
الناس وكافة المخلوقات ،
النهاروالليل
وتعاقب الفصول
الزمان والمكان
الظلال والألوان
عرفتَ لمَ هو مستحيل لقاؤنا؟
لأنه ببساطة
لقاء الضديْن
لقاء القطبين !!!!
لقد عشتُ في مدينة
أو قرية
وربما أعيش في بيت شعر ( تعصف الأرياح فيه )
في صحراء ممتدة تلفّع كتفيْ أوطاني
إلا أنني مهما أختلفت الأماكن و تباعدت الأزمنة
أعرف اسمي
واسم أبي
وجدي وجده.!!
ودون أن أراها
أعرفها برتقالة بيتنا هناك
وزيتونة دار عمي
وبيدر خال أمي
أعرف شهر نضج اللوز والبرتقال
وموعد قطاف الزيتون
ومواسم الحصاد
وأنت ؟!
ماذا تعرف؟
ماذا تذكر؟
لقد عشت في كيبوتز
أو مستوطنة في أحسن الأحوال
لكنك نادرا ما تعرف اسم أبيك
ربما تعرف اسم أمك
وكفى
ربما تنسى اسمك
ومن أين أتيت
وأي البلاد سكنت
وأي اللغات نطقت
وأي الحدود قطعت
وأي البحار عبرت
لتصل إلى هنا حيث الذاكرة تقيم
لتنسى من جديد
أي الناس ذبحت وقتلت وقهرت
واي البيوت قحمت ونهبت وسلبت
مسموح لي
أن أنسى مرة وإلى الأبد
أن هناك احتمالا للقاء
وأن هناك وجودا لسلام .
____
حنان الاغا
5-10-2006