|
تمَرَّدَ فيَّ الشوق |
تمَرَّدَ فيَّ الشوقُ. فاجتاز بي الحَدَّا |
وأوسعني صَلبا وشِعْرا وأدمُعا |
وأرقني حتى رجوتُ له البُعْدا |
فقلبيَ متبولٌ و حزنيَ صارخٌ |
كما الرعدُ زآرٌ إذا لمحَ الرُبْدا |
تضاجعني الأرزاءُ من كلِّ جانبٍ |
وتجلدني اللأواء ُمن وصلها جَلْدا |
فهذي دروبُ العشقِ يَلمعُ برقُها |
و هذي غيومُ الدمعِ وفد ٌ تلا وفدا |
فما ليَ . لو حاولتُ منأى لبعدها |
ولستُ أرى عن غيِّها اليومَ مُرْتَدا |
فلا تعذلاني يا خليليَ في الأسى |
وقد عُلِّقَ القلبُ المتيمُ ما أودى |
ولا تكثرا نصحي فما لي حاجة ٌ |
ببذلكم النُصحَ الذي يقطعُ الوِدَّا |
فلله دري حين أرجو وِصِالَها |
و أعلمُ أني هالكٌ في الهوى وَجْدَا |
ولله دري حين أرجو نوالَها |
وقد علمتْ نفسي بنكرانِها العَهْدا |
فلستُ بمن يهوي بهامةِ صِدْقِهِ |
فإن كذبتْ في الوعدِ لم أُخْلِفِ الوَعْدا |
وإن كان أحرى بالمتيمَِّ هجرها |
وأحرى بها أنْ تستفيقَ و تَرْتَدَّا |
وأحرى بمثلي أن يشيِّعَ وَصْلَها |
و قد أوْمَأتْ للهجرِ وارتأتِ الصَدَّا ؟؟ |
فليس يطولُ الليلُ كفَّ صباحِهِ |
وليس لثغرِ الجزرِ أنْ يلثمَ المَـدَّا |
و لكنه القلبُ الذي ليس يرعوي |
إذا رامَ ما يبغيه- لو لم يَصِلْ- أسدى |
فإقدامُه يُزْري بذا اللبِّ والحشا |
كما النارُ تُخْزي في حشاشتِها الوَرْدا |
واحجامُ هذا العقل يزري بوصلِها |
فيبني- ويفري القلبُ- من دونِها السدَّا |
فلله هذا العشقُ كيْفَ رياحُه |
تهبُّ فتسبي - من بشاشتها- الصَلْدا |
ويتبعها ريحٌ تهيِّجُ ما خَطَتْ |
عليه وتُصْلي قلبَ معتادِها وَقَْدا |
كأني به كالقطرِ يطلبُهُ الفتى |
هطولا فلمَّا اشتدَّ في وصلهِ أردى |
فيا ليت شعري لو صددتُ هبوبَها |
من الساعةِ الأولى ولم أعْرِفِ السُهْدا |
ولكنها الأقدارُ ليس لبطشِها |
مردٌ يُعيـذ ُ العبدَ من وصلهِ القصْدا |
فأواه ما أقسى على النفسِ حُبّها |
وما أوجعَ الهجرَ الذي يوقظُ النِّدَّا |
فأعظمُ ما أخشاه عيشي بوصلها |
و أعظمُ ما أخشاه أنْ أبْلُغَ الضِدَّا !! |
فلا تعذلوا المشتاقَ في فرطِ وصلِه |
ولا تعذلوا المشتاقَ إنْ أظهَرَ الزُهْدا |
فليس يُحسُّ النارَ كالمُصطلي بها |
وليس يعانيها فتى ً آثرَ البَرْدا |
محمد الحسين الزمزمي |
رجال ألمع |