أرددها..
تتلون حياتي بغمام داكن مخيف في غير فصل الشتاء ، أحيانا ما في الربيع ! لا أجد لها موسما ؛ لأنها تتبدى في ساعة اكتمال القمر ، وحين أناجي روحي بتجاربي ورحلاتي ، فيطيب لها أن تشاكسني ، وهي في الحقيقة ترعبني .. لم تعلم بذلك !
أحسبها تسمرت في مكانها ، فلن تبرح موطنها الجديد ما لم تنزل مطرها العكر ، فتذيب دوحتي ، وتدمر جنتي ، وتأكل بعضي إلا أنفاسا تتألم ..
هي غمامة رمادية داكنة ، تحجب شمس أملي ، وتخترق رقة قلبي . تزحف بثقة ، أو أراها هكذا ، ترعد بنكاتها الثقيل ، تبرق بهذيانها ..
" يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
أرددها.. علِّي أجد بعض الأنس !
أرددها.. أهرب من ضيم الظلمة والوحشة..
يركبني الوهم ، أشك بكل أحلامي ، أتسمر مع غيمة حياتي كأني في غيبوبة ..
أرددها.. وربما بلا وعي.. لكن بواعث نور في القلب تتحرك ، فأتنهد !
أحيانا ما يطيب لي أن أكتب أفكارا محفزة ، أحاول أن أتذكر الأشياء التي تلهمني ، ويخفق لها قلبي ، أستحضر قوة رغبتي في حلمي ، أستشعر المعنى الذي يقول :
لا تستسلم عندما تبدو الأمور في أسوأ صورها !
يطيب لي أن أتنهد..
أرددها.. " يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
تتفتح زهور في فضاء صدري ، تغرد طيور ، ينفلق نهر صغير في زاوية قلبي.. يطيب لي أن أتنهد أكثر..
أتذكر لحظات سعادتي يوما ما ، أستحضر شوقي للمزيد ، يثب إليَّ وعدي للشمس بأن أقف إلى جنبها يوما ؛ لأفعل فعلها .. فأتنهد ، أتنفس بعمق ، تفيض دموعي الساخنة ممزوجة بشهقة ..
أرددها.. " يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
ينزل غيث قلبي ، يسامح كل ألم ، يسامح الغيمة الداكنة كذلك ، يسامح الوجوه التي أرادت أن تكون باهتة أمامي ، أسامح قبل كل شيء نفسي عندما لم تقبل الألم سابقا !
أشعر بأنني أرغب بلحظات خلوة ، أستشعر روح الحياة في ألمي ، ألتقط خيوط الحكمة ، أستغرق.. تنسكب أضواء درر في لجة السماء فوقي .. تقابل دمعتي على حافة جفنيَّ ، أستغرق.. أتأملها ، يتفجر نهر دموعي ويتدافع ، ينثني هنا وهناك في حنايا صدري .. في زوايا عقلي .. عبر منافذ جوارحي وحواسي.. أتنهد أكثر وأكثر...
أرددها.. " يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
يسكن قلبي .. يهدأ موج فكري ..
أرددها.. " يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
تبرق غيمتي الداكنة التي بدت كالحنون الآن ! ينفلق نورها ببرق ورعد ، ثم يهمي غيثها .. يهمي.. يهمي.. ويختلط بنهر دموعي ، وتعود دوحتي جنة ..
أرددها.. " يا ربِّ.. لـُـمَّ شـَعـَثَ نفسي .."
تمر رياح قلبي بالإيمان ، تزحف غيمتي الداكنة راحلة وهي تبتسم : إلى اللقاء !