يحيى السماوي
فَتَّشْتُ في قاموسِ ذاكرتي . .
نَخَلْتُ الأبجديةَ . . .
غُصْتُ في كتبِ البلاغةِ والبيانِ . . .
بحثتُ في دُرَرِ الكلامِ . . .
فما رجعتُ بغيرِ يأسي من طريفي والتليدْ !
ماذا أُسَمّي هندْ؟
هندٌ ضحكةٌ عذراءُ ما مرَّتْ على شفةٍ . . .
وقافيةٌ مُخَضَّبَةٌ بدمعِ الوجدِ . . .
أغنيةٌ تُرتِّلُها الحمامةُ . . .
وردةٌ كانت بمفردِها الحديقةَ . . .
صولجانُ العشقِ في الزمنِ الجديدْ
وأنا الشهيدُ الحيُّ . . .
سادنُها
وحارسُ بابِ حجرتِها العنيدْ
وأنا طريدُ الجنةِ المحكومُ بالعَطَشِ المؤبَّدِ
والمكوثِ وراءَ سورِ الوصلِ
أحمل صخرةَ الحرمانِ في الوادي السعيدْ
وأنا أريدُ . . . .
ولا أُريدْ
موتاً يليقُ بدمعِ هندٍ . . .
أنْ أخُرَّ مُضَرَّجاً بالوجدِ
بين هديلِ مبسمِها
ووردِ فمٍ وجيدْ
هندٌ زفيرُ الياسمينَ . . .
شهيقُ جنّاتٍ . .
بخورُ صباحِ عيدْ
ويمامةٌ ضوئيَّةٌ
حَطَّتْ على شبّاكِ قافيتي
فَزَغْرَدَتِ السطورُ
وفاضَ دمعُ الشعرِ من مُقَلِ القصيدْ
وأنا أريدُ . . . .
ولا أُريدْ
بحراً " خليليّاً "
يليقُ بِلَهْوِ أشرعةِ الحريرِ الأسودِ الغَجَريِّ . . .
بحراً هادئاً يهفو لزورقِها . .
أريدُ . . . ولا أريدْ
جُرْحاً يليقُ بدفءِ راحتها . .
تُمَسِّدني فأشفى . .
ثمَّ أجرحني
فتمسح بالوشاحِ دمي
فأَرْحَقُ عطرَ بيدرِها النهيدْ
وأنا أريدُ . . . .
ولا أُريدْ
عشقاً أُجَنُّ بهِ . . فَتَعْقِلُني . .
ضَياعاً في حقولِ المَنِّ والسلوى
يُريحُ بها حقيبة عمرِهِ
الصبُّ الشريدْ
ماذا أُسّميها؟
الخرافَةُ؟
مرةً ضحكتْ
فأمطرتِ السماءُ الفُلَّ والنعناعَ
صارَ الشوكُ ورداً . . .
عدتُ طفلاً
تَسْتحثُّ خطايَ أسرابُ العصافيرِ . .
الفراشاتُ . .
المدينةُ كلها ركضتْ معي . .
حتى الرصيفُ الصخرُ شاركنا النشيدْ
وأنا أريدُ . . . .
ولا أُريدْ
جرحاً أموتُ به . .
لأُولدَ في هواها من جديدْ !
ماذا أُسِّميها؟
الحقيقةُ؟
عاتَبَتْني مرةً
فاغْتاظت الأنهارُ من حقلي . .
وخاصَمَ ليلتي القنديلُ . . .
أصْحَرَتِ البساتينُ . .
استحالَ العشبُ في عينيَّ دَغْلاً . .
نَكَّسَتْ أغصانَها الأشجارُ . .
واكتهل الندى . .
فأنا أريدُ . . ولا أريدْ
عَطَشاً يجِفُّ دمي بهِ
لِتَزِقَّ لي نَسَغاً
فَيَلْبَسُ حُلَّةَ النبضِ الوريدْ
وأنا أريدُ . .
ولا أريدْ
كوخاً على سَعَةِ الهوى
لا كنزَ "ٌقارونٍ"
ولا أملاكَ " هرون الرشيدْ"