أيا حبيباً !
قد تكون المرة الأخيرة التي أناديك فيها : يا حبيباً ! فلا زلت أعيش التكذيب ؛ أحبيب باعني ؟! و ما اشترى ؟!
لو كنت اشتريت بروحي روحاً جديدة تحبك أكثر .. فمرحى !
أعلم عن نفسي أني لا زلت مكاني أقف حيث تركتني خلفك ؛ أحبك حباً لا يخجل من الظهور أمام العلن خافضاً جناح الذل من الود ! و لكن لي نفس كبيرة تأبى أن تنضم إلى صف من أحببتَ و هجرتَ !
ثم أسلي نفسي أني صدقتك الود – و الله – حد اليقين بالظفر على كل من عرفتَ و من لم تعرف ، حد الثبات أمام كل سجال ؛ من أوفى ممن !
كلما ضاقت نفسي من نفسي التي تحب حباً لا يعرف التغيّر و لا التبدّل مع نوازل الغدر و الخداع أجد الراحة و السكينة أنها مشاعر حبي المجدولة مع شرايين فؤادي ؛ فلا موت لها إلا بموت نبضي .
هي حقيقة نفسي لا حقيقة ارتباطي بك ، و خاصة صفاتي فلا علاقة لها بأن تحبني أو تهجرني ، فلا يزعجك أنيني و لا تزعجك آهات روحي ، فالحب عندي لصيق أخلاقي لا رهين حبك !
لعل حقيقة الود الساكن جوارحي تهديك الراحة – لو كنت متعباً – فلا ترتقب خوفاً صعود سهام الود و نزولها ترافقاً مع حظي منك و فيك ! لست أنتظر منك الود وداً و لا الحب حباً و لا الحنين أشواقاً .
و سعيدة أنا أني نلت من ربي نعمة البرد و اليقين ، و كل الرضا أني أعرف من الحب ذلك الوجه المضيء الذي أنار جوانب نفسي فنامت قريرة العين .
لست أنظر اليوم إليك إلا في موطنين ؛ حبيب لم أحتفظ له إلا بالحب و لا شيء غير الحب ، و إنسان أشفق عليه كل الإشفاق لعوزه ، و لا يحزنك قولي الأخير ، فقد عهدت علي صريح القول و لن أخفيك يوماً كما لم أخفك سرائري .
أما أني أحتفظ لك بكل الحب و لا شيء غيره فو الله إنه ليكفيك و يكفي ذريتك من بعدك لو طالته يدك و أيديهم ، و أعتذر أن النوازل محت بواقي العلائق من نفسي لك ، و أقول النوازل كفاً عن تمزيق نفسي كلما قلتُ لك : خنتَ و غدرتَ !
و أما الإشفاق فو الله أني لأجدك أعظم الناس عوزاً لرحمة ربك يا فؤادي ، إن كنتَ قطعتَ وريدك بيدك أو قطعه غيرك .. فأنت تنازع الحياة رمقاً ... فليرحمك ربي رحمة واسعة .
فأي مذاق للحب ذقته ؟!
كنت أشتهي لك ذاك المذاق الذي لا مرارة بعد ، و كنت أرجو لك من طعمه حياة خالدة لشديد علائقها ببرد اليقين أن الله ثالثنا يا روحاً اصطفيتها لروحي الزوج !
فمتى تذوقها ؟!
أحبك ؛ فرجوت لك النعيم بالرضا يوم تنظر العين في العين أنت السكن و السكينة ، أو شعرت يوماً بهذا ؟! نعم ؛ قد شعرت به يوم جمعنا الله على مائدة واحدة و المودة و الرحمة مسكنها القلب و بريقها صفحة العين ! و الله إن لحظة ترضى فيها عن ذاتك و روحك لهي النعيم في الدنيا .
قبل أن تمر الأيام سريعاً ليزول بمرورها الوصل و تزول الصلات سمحت لنفسي أن تحدثك عن الحب بلا وجل و بلا خجل ، لأثبت لها أني ما عرفت الكره و لن أعرفه ، بل لأثبت لها أنها أحبت فصدقت و نالت برد اليقين ، و لتمنحك أواخر أحرفي بعض ما منحتك سابقاً من عطرها فتنتشي ، لتغسل عينيك – إن بقي حنين – بدموع الوداع لها ، فما يكون لحرفي بعد أن يتباهى بزيارة مكتبك ، و لا الوصول إلى دارك .
لكني أطمع مع هذا ألا يجد حرفي لديك إلا ما كنت أرجوه أن يجد ، ثرثرة امرأة تعرف الحب لسان صدق و به تتحدث ، و لا ترجو من ورائه إلا أن تذوق بعض حلاوة ما تذوق ، لعلك تغفو بين يده فتنسى مرارة أيامك .
حبيبتك ليس إلا .