|
بغدادُ إن تبكي فأنتِ بُكائي |
و الدّمعُ حرَّ بنابضِ الأحياء |
سالَت على خدِّ الترابِ رفيقتي |
و النارُ في صدري و في أحشائي |
مقهورةُ و سخينةً آلامها |
تبكي ويظميها خريرُ الماء |
و جريحةٌ ترتاحُ فوق جروحها |
تغفو من الإعياءِ في إعياء |
سحبُ المساءِ كأنها مصبوغةٌ |
ساحاتها و صخورها بدمائي |
و الشَّمسُ أبدَت في الدَّمار مشاهداً |
ترتاعُ من آثارها الظلماء |
و خيولُها قد طاردَت أحزانها |
تطوي بهيمَ اللَّيلِ في إستحياء |
رقصتْ على التنورِ يلسعُها الأسى |
تبكي و يشجيها نشيج بكائي |
مخفورة فوق التراب تفيضُ في |
عيني فترقصُ من عميقِ رثائي |
بغداد تلك الروحُ قد فارقتها |
و رثيتُ نفسي ساكناُ برحائي |
"نضب الفراتُ و كان بحراُ زاخراً" |
يرتاحُ فوق جماجم الأعداءِ |
و بكت عيونُ المزنِ آذنة بما |
يأتي من الأحداثِ و الضراء |
"الصدر للبحتري" |
------------------------- |
طفلٌ أقامَ اللَّيلَ يركعُ باكياً |
يا ويله من ظلمةِ الأقذاء |
كبدٌ على زفراتِه الحرّى بكى |
و جرتْ دموعُ العينِ في الأرجاء |
حملَ الصباحَ على أكفِّ جراحِه |
يرتاحُ من حربٍ على الضُّعفاء |
و صغيرةٌ نامَت بحضنٍ دافئٍ |
ألفته حضناً باردَ الصعداء |
نادتْ على صدرٍ ترقّدَ بارداً |
و بكتْ غذاءَ الروحِ و الأعضاء |
و أنينُ شيخٍ طاعنٍ متهالكٍ |
والروح يلفظُها بغيرِ عناء |
بغدادُ قد صارت تسيلُ جريحةً |
و كأنها ديباجةٌ حمراء |
الحربُ أفضت من عميقِ مواجعٍ |
يا ويحها من فتنةٍ عمياء |
كانت لروما مثل ثلجٍ باردٍ |
و لفارسٍ كانت من الرمضاء |
ووقودها الضعفاءُ في سكراتها |
و الدمعُ سالَ و صار مثل الماء |
تختال فوق روابضٍ و مقابرٍ |
ملؤ الثَريا في الأديم النائي |
------------------------------ |
----------------------------- |
جاوزتُ قرطبةَ الجريحةَ مشفقاً |
و اليوم في بغدادِ دمعُ رثائي |
بغدادُ ما سقطتْ هنا لكنّها |
سقطتْ دمشقٌ في يدِ الأعداء |
و جنود مصرٍ قد تهاووا كالدمى |
يا ويل قاهرة من الأنواء |
صارت خيولُ الرومِ تملأُ أرضَنا |
و غدَت خيولُ الفرسِ كالحرباء |
في كل يومٍ ترتدي أثوابَها |
حتى تواري سحنةَ الجُّبناء |
أصدافُها لما قسَت وتبدَّلت |
في عابثٍ أدهى من الدهماء |
و بيوتها صارت بيوتُ أذلةٍ |
ماتت بها الآباء والأبناء |
ما راعهم من لومةٍ في قابلٍ |
في قتل اطفالٍ و سفكِ دماء |
او خالطوا دمع الأسى في عارضٍ |
يبكي سخياً خابَ فيه رجائي |
يا ليت شعري قد بدت كلماته |
ترسو عميقا في سطور شقائي |
و كتبت شعري فوق قنديل خبا |
و قضى النسيم على ربيع ضِيائي |
و تراجعت فوق الدموع أناملي |
و تيتمت أنشودتي الحسناء |
-------------------------- |
-------------------------- |
لكنّ فجري قد بدت لمحاته |
في قلب ليل يرتوي بضياء |
قل للبواسل قد بدت أعلامها |
فوق النسور محاطة بسماء |
أرخت الى الآتين طوق محبتي |
ترجو بغير هشاشة الضعفاء |
الفجر من صوت الأنين لقادم |
و له من الأحضان سقف بناء |
فتأهبوا للثأر في أكماتها |
فالحقُّ شوككٌ في ألى الأعداء |