ابنة اليتم
كحبات جمان تساقطت دموعها وهي بين ذراعي أضمها إلى صدري ، تستمع لوجيب قلبي المكلوم بنبضاته الرتيبة ، وفي عينيها كبرياء حزين ، وارتعاشة جسدها الدافىء تعتصر مني الفؤاد وسؤال لا يفتر على الشفاة يتردد بأسى ، ألن تعود ؟؟ سؤال يمزق مني الحشا وتنساب دموعي لتختلط على وجنتيها بدموعها ، ويصيب شفتي شلل فلا تنطقان .
أي عينين هاتين اللتين لا أستطيع النظر فيهما أهو الفرار خوفا من الإجابة أم أن السؤال ألجم مني اللسان ، أم أني عجزت عن الجواب ..
يا طفلة اليتم بم أجيب وقد انطوى الصدر على ألم الفجيعة ، وضاع مني كل احتمال ، أضمها إلى صدري وكلما هممت بالكلام تبعثرت الحروف ، ألملمها تنبعث باختناق الصوت عشوائية فتضيع مني ، ويدي العمياء تتلمس ظلام خصلات الشعر المنسكب على منكبها الصغير الذي حمل هم اليتم فأثقله ، أهدىء منها الروع بصمت الألم .
تعانقني .. تتعلق بعنقي أهدهدها ، أمنحها الأمان ، فينفلت الصوت المكبوت ببكاء مر اليتم ، تشهق الدمعات ، بألم جرَّح الروح مني ، والصبر يعاندني فلا يأتي ، ولا زالت الكلمات تحتار كيف تجيب السؤال .
خدر البكاء تسلل إلى الجسد الصغير ، ليتراخى بين ذراعي ، تغفو براءة الطفولة المكلومة باليتم على صدري ، تتحرر الكلمات ، بصوت بحَّهُ وشيج البكاء ، أخاطبها بإحساس من تاقت للأمومة صابرة على الحرمان .
أيا ابنتي صبرا ، قد جعل ربي فيك لي عوضا عن الضنى ، فاقبليني أما بعد رحيلها ، هو قدر الرحمن بنا ، فلا تحزني يا طفلة أفزعتها النوائب ، فصدري لك الأمان .
كم تاقت النفس لطفل يسكن الحشا ، أنتظره بشوق أضمه إلى روحي ، أسهر ليلي أراعيه ، أمضي نهاري أناغيه ، ولكن شاءت الأقدار أن لا يأتي ، فكوني للحشا مهجة ، واجعلي قلبي لك سكنا ، أذود عنك بؤس اليتم ، أمنحك الحب والحنان .
تململت بين ذراعي ، فتحت عينيها تنظر إلى وجهي كأنها سمعت همس الروح مني .