هو موفق الدين ابو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن على بن ابى سعيد
المعروف ب (ابن اللباد) والمشهور باسم عبد اللطيف البغدادى
عراقى المولد فى 558-629هـ والوفاة ايضا فى 1162-1231هـ
تتلمذ البغدادى فى الموصل على ايدى شيخ بغداد كمال الدين الانبارى وتلميذه الوجيه الواسطى ثم درس الطب والفلسفة وكذلك النحو وعلم الكلام فى بغداد
وتتلمذ فيها على يد أمين الدولة ابن التلميذ وعاد الى الموصل فأخذ الرياضيات والفقه من الكمال بن يونس وبعد ذلك أخذ من بعض العلماء فى دمشق ثم ذهب الى مصر فأخذ من ابى القاسم الشعراوى وابن العميد وموسى بن ميمون وابى القاسم الشارعى
وفى عام 604 هـ - 1207م ذهب الى القدس وقام بالتدريس فى المسجد الاقصى ثم رحل الى دمشق وقام بالتدريس فى المدرسة العزيزية ثم رحل الى حلب ثم الى اذربيجان وبلاد كثيرة قبل عودته الى حلب لاستئناف تدريسه الطب بها ثم ذهب بها الى الحجاز لاداء فريضة الحج فمات فى بغداد اثناء هذه الرحلة قبل تحقق الهدف منها .
تأثر البغدادى فى سنوات عمره الاولى بابن سينا ثم انصرف عنه الى القدامى وأسف لضياع وقته فى دراسة ابن سينا وعندها انتقد شر انتقاد كما تأثر بأرسطو ومدح جابر بن حيان وابن وحشية لكنه انتقض جالينوس وصحح بعض كتاباته وكتابات ابن سينا وعارض ايضا اخوان الصفا .
وفى عالم الطب والعلوم كان الاطباء الغرب فى نهاية القرن الثانى عشر الميلادى يتكلمون عن تشريح الهيكل العظمى بناء على ماكتبه جالينوس حتى ظهور موفق الدين عبد اللطيف البغدادى فكان اول من ارشد الى مواطن الضعف فى وصف جالينوس وقد اكتشف ان الفك السفلى يتركب من عظمة واحدة فقط .
تمكن البغدادى من تمييز انواع كسور الجمجة ووصفها بدقة ويدل هذا أوضح دلالة على ممارسته العملية لجراحات الجمجة فى العصر الاسلامى كما اهتم اهتماما خاصا بالدراسات العملية وأكد اهمية توافرها بجوار الدراسة النظريو كما تميز بالجرأة العملية ويتضح هذا من نقده لآراء جالينوس ومن قبله ابن سينا بأدلته العلمية وكان يقول ( ان الحس اصدق من جالينوس )
تحدث مؤرخوا العلم عن الفكر العلمى عند البغدادى ودار حديثهم عن تميزه بالالتزام بالمنهج العلمى وعن شجاعته فى الحق بعد نظره فى الظواهر العلمية والانسانية وبراعته فى الوصف العلمى وامانته العلمية والحيطة والحذر فى تلقى المعلومات والمعارف وسلاسة اسلوبه فى الكتابة فهو اسلوب بسيط موجز خال من المحسنات البديعية وبعيد عن اى الاهتمام بالالفاظ على حساب المعنى ..
انتقده جمال الدين القفطى المؤرخ فى كتابه (اخبار العلماء باخبار الحكماء) انتقادا لاذعا ورماه بالجهل التام وبكل نقيضة لكن يبدوا ان هذا كان لغرض شخصى فى نفس القفطى إذ استنكر هذا التحامل على البغدادى والحط من قدره كثير من المؤرخين منهم مؤخ الطب ابن ابى اصيبعة وابن مكتوم وابو الفلاح ابن العماد الحنبلى
حيث ذكر ابن ابى اصيبعة فى عيون الابناء ان للبغدادى 173 مصنع فى علوم متنوعة مثل اللغة والفقه والادب والتوحيد والتاريخ والتعليم والطب والحيوان والحساب والعلوم والمعادن والفلسفة والمنطق والسياسة
ومن عناوين كتبه الافادة والاعتبار فى الامور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر شرح اربعين حديثاطبيا فى آلات التنفس وافعالها , النخبة وهو خلاصة الامراض الحادة , الكفاية فى التشريح , غريب الحديث, المدهش فى اخبار الحيوانات , الحكمة العلائية
ومن وصاياه أوصيك ألا تأخذ العلوم من الكتب وان وثق بنفسك من قوة الفهم
* ينبغى للانسان ان يقرأ التواريخ وان يطلع على السير وتجارب الامم فيصير بذلك كأنه فى عمره القصير قد ادرك الامم السابقة وعاصرهم وعاشرهم .
* ينبغى ان تكون سيرتك سيرة الصدر الاول فاقرأ سيرة النبى صلى الله عليه وسلم وتتبع افعاله واحواله واقتفى آثاره وتشبه به ماامكنك وبقدر طاقتك
اذا خلوت من التعلم والتفكير فحرك لسانك بذكر الله وبتسابيحه وخاصة قبل النوم
* لا تتألم اذا أعرضت عنك الدنيا وأياك والهذر والكلام فيما لايعنى واياك والسكوت فى محل الكلام
* العلماء لا يموتون ابدا وانهم يخلدون فى اعمالهم ومؤلفاتهم وأثارهم الباقية وعلمهم النافع
* ينبغى ان تحاسب نفسك كل ليلة اذا آويت الى منامك
* اذا قرأت كتابا فاحرص كل الحرص على تملك معناه
* اياك والغلط فى الخطاب والجفاء فى المناظرة
هكذا كان البغدادى
وهكذا ايضا سيظل عالما كبيرا له بصمته وعلامته على مدى التاريخ
منقول