على ساقية من الوجعِ كتبنا
وعلى نهرٍ من الأحزان عبرنا
وأطياف التمنّي لا زالت
تبني في قلوبنا قصوراً من رمال !
تنثر بذور الحبّ ولا تحصد في آخر المواسم
غير فجيعةٍ أزهقت عيون الأطفال
ودمرت حلم الفتية والشباب !
ما لنا ومالُ الأطماع إذ دُنستْ من أجلها حضارتنا
وفرّقتْ من العين شمل رموشها
قبل أن تنعم بدفء الشمسِ
وهي تُشرقُ على بُقع الظلام الداكنة
لتشقّ أشعتها طرقاً وعرة
غطت فضاءاتها سُحُبٌ من دُخان
ما عرفنا نوع الرمادِ فيها
هل كان لاشتعال الـ (التنّور)
ام لاشتعال جثة طفلٍ
كانت أمهُ ترقبُ بشغفٍ
لحظة حبوه وأقباله على ثديها
ليرضع لبن الغد القادمِ بعينين مستسلمتين
بخدرٍ لنومٍ .. لم يدرك أنه الأخير في ليلته..!
صنعنا من سعف النخيلِ
أوتاراً نعزف بها لحن الوطن الحزين
ومن رطبه تحلينا بالصبر والأيمان
ومن شموخه ورثنا العزة والكبرياء
يا أرض العراق
ومنبع الطفولةِ وعنفوان الشباب
عفوكَ فقد خذلناكَ حين تركنا الغربان
تنهشُ بوحشيةٍ شتلات ورودٍ زرعناها في طيبك يوماً !
عفوكَ يا عراق
حين تصرخُ
ولا أملكُ غير دمعٍ أغسلُ به
جنبات قلبٍ مشتعل
بين أوكارِ غربةٍ بائسة
تفصلني عنك جبالٌ وسهولٌ ووديان
عفوكَ يا عراق
حين تلتهم أفكاك الذئابِ نضارتك
ويتعاطون على مائدتك نخب الأجساد
ولا أكون بين رفاقي
أحملُ بين يديّ كفني
وبالمعول والفأس أفقع عين الغُزاة !
عفوك يا عراق
فلو لم تكن مثمراً
ما أداروا لك عيناً
ولا ازدادوا بك شرها وولعاً
ولا قطعوا من رحمك حلو الثمار..!
عفوكَ أيها العملاق
دفعت فاتورة الجمال
من جسدك المعروض للبيعِ علناً
ودفعنا معك فاتورة الحب
من دمنا وأرواحنا وأعمارنا لنمنع عنك كيد الكائدين
وما عرفنا..!
صدقاً ما....عرفنا..!
ميم..