أحن إليه كلما مررت من هناك،أجل هناك حيث كنا نلتقي،حيث كنا نتصالح مع الحياة،حيث كانت أحلامنا كشمّ الجبال تعانق عنان السماء،نعم في تلك الحظة تذكرته،وارتعشت شفتاي وأنا أناديه مرارا،وهمى الدمع من عينيّ مهراقا ينقش حروف اسمه على وجنتيّ،وأحسست خافقي الواجف الأسوان يهتزّ بين ضلوعي يشكو إليه وهنا أرداه وجرحا أدماه.
هل لك أن تداويني وقد عجز الأساة عن مداواتي؟
هل لك أن تسمع نداء تاهت ذبذباته في غوغاء العالم وصخبه؟
هل لك أن تريح عيونا جافاها الوسن؟
إلى متى سأظل أتفيؤ ظلالك باكية على اطلالك وقد ملّ الليل جفني الساهد وبكى البكاء عليّ؟!
كم كنت أسخر من الأطلال وواقفيها،فغدوت واحدة منهم؟
كم كنت ألوم امرأ القيس على بكائه حجرا أصم ووتدا عفى الزمان عليه،وغدوت اليوم ألام!
كم كنت أضحك حين كان الأعشى يناجي الطلول،فغدوت أناجي مقعدا كنت قد جلست عليه،أو مكانا كنت قد وقفت فيه أو طريقا كنت قد مررت منه،كنت أقول لنفسي ما تنفع الأثافي وما تفيد آثار خيمة كانت منصوبة في ذاك المكان؟!
والآن أدركت أن ما كنت أسخر منه غدا عزاء لي بعد رحيلك،وبات موئلا ألجأ إليه كلما هاجني الشوق إليك.
يا إلهي، الآن فقط أيقنت معنى أن ترسو على ضفاف الحنين تنادي وليس من مجيب،تصرخ وصدى صوتك يأتي من بعيد،من وراء تلك الفضاءات الممتدة يهمس في أعماقك إيذانا ببدء عهد الأحزان.
الآن عرفت كيف تذيب حرارة الشوق أرواحا جمدها البعد، ولا زلت أحنّ إليك،أحن إليك وأنا أدرك تماما أن نهايتي قد حانت،نعم فقد قرعت أجراس الحزن في ساحة فؤادي المفؤود معلنة عن بدء النهاية.
وأضناني حبّك،وبحّ صوتي وتقطعت أوتاره وقد مكثت دهرا أناديك،وهواء غصّ سكن صدري وأنا أحاول أن أستنشق أنفاسك،وأعتصر مخيلتي علّي أذكر نظرة من نظراتك العسجدية،أوهمسة من همساتك السحرية.
فهل لإثير الكون أن يحمل حروفي إليك؟
لا هل له أن يحمل كلمة واحدة:
أحبك