|
يا من حللت العمق من وجداني |
غنّاءَ بالأزهار والريحانِ |
منْكِ انتُزِعتُ لربّما، لكنّهم |
لن ينـزعوا منّي أجلّ جنانِ |
غيري إذا انتزعوه من بستانه |
أضحى فقيرا دونما بستانِ |
وأنا الغنيّ حللته أم حلّني |
كم فيه من عنبٍ ومن رُمّانِ |
كم فيه للأفكارِ من رقراقها |
كالسلسبيلِ بعذبه أرواني |
إنّا تحاللْنا، وخابَت خطةٌ |
للفصلِ بين العبْقِ والألوانِ |
للجهل تيهٌ أنّه بقتامةٍ |
تعشى له من ذلك العينانِ |
هب ذاك حقاً، وهو محض توهّمٍ |
للروح إبصارٌ بلا أجفانِ |
ولها من الإحساسِ أنّك ثوبُها |
ثوبُ بلا كمٍّ ولا أردانِ |
يا من بروحي قد حللت غلالةً |
منسوجةً بروائع التبيانِ |
خالطتها نورا ففاضت بلسماً |
أجراه قلبي في جميع كياني |
إن خططوا نبضي جرت بك آلةٌ |
ما بين مرتفعٍ وبين الداني |
يا أنت قاموساً بلا كلماته |
لا شيءَ غير العِيِّ عند لساني |
ما ذا أقول؟ لقد قطعت مسافةً |
أبعدت عن ذاتي فلست أراني |
هل أنت زاد الوهم ممتاراً به |
قلبٌ فما للوهم والجوعانِ |
أم أنت رجعٌ للنداء بنجدةٍ |
بسراب ماءِ الوصل للظمآن |
ظمآنُ ؟ فلتشرب بديع بيانها |
لا إثم في سكرٍ من الـتّبيانِ |
وأدِرْ حوارا بين تجريديكما |
يا للْحوارِ تصوغه روحانِ |
وابن القصور على سطور نُمِّقت |
من رائعين قريحةٍ وبنانِ |
فرتاج باب القلب قد أودى به |
طرْق الرسالةِ بل وبالوجدانِ |
حلّت شغاف القلب واستولت على |
أركانه طرّا كما إيماني |
غيري له غزلٌ بقدٍّ فارعٍ |
يهتزّ مثل موائس الـمُرّانِ |
أو بالعيون اخضوضرت وازرورقت |
حسبي أنا عينان سوداوانِ |
وذكاء منطقها وعذب كلامها |
والنبل في طيبٍ لها وحنان |
سمقت بعالٍ من ذرى تفكيرها |
ترنو الحسان لها من الوديانِ |
ويهب من عبق الحروف نسيمها |
فكأنه قد هبّ من لبنانِ |
فيه شممت من المعاني ساميا |
غرناطةً تحنو على بيسانِ |
أكفف لسانُ ولا تثر متقرحاً |
من خاطري يأتزّ كالبركان |
هدهد منام الحالمين ومثلهم |
عد بي لعالم وعيِيَ الوسنانِ |
لو يعرف العذال أحوال الجوى |
عجبوا وظنوني من الهذيانِ |
قد همت في طيف بلا أصل ٍله |
إلا إذا ما كان طيف الجانِ |
ويقول أمثلهم لديّ طريقةً |
من عطفه وسواه من شَنَآنِ |
أبِلَفتةٍ وعبارتين وربّما |
ظنٍّ به قد أوحت الشّفتانِ |
وُلّهتَ حتى صرت تهذي باسمها |
لم يعلموا أنّ اسمها عنواني |
وجهلته فضللت عن ذاتي فهل |
يوما تُرى من ضِلّتي ألقاني |