مع تماسيحه التي عبرت المحيطات عبر إلينا هذا الرسام ،
أحضر ألوانه و خشبته و فرشاته ،
وبدأ يخط للوحة إطارها ،
رسم الحبل و الجلاد و هما ينتظران ، فسطع خارج الإطار ضوء يؤثث فوضى اللوحة . رسم عيوناً غاض دمعها و عينين داميتين ، و في أسفل اللوحة رسم جسراً عجوزاً طالما أوصل ما بين النقيضين ، رسمه و هو يتهادى صخوراً تتبعثر لتفوح من اللوحة رائحة ( العفونة ) ، و التي انتشرت بعد تفتت الصخور من بقايا طحالب أدمنت الالتصاق بدعائم الجسر .
وقبل أن يوقع الرسام على لوحته أراد أن يضع الظل لكل ما رسم ؛ فتبعثرت الألوان و ارتبكت الفرشاة على غير عادتها و أقام الفرات مآتم الجسر خارج الاطار .
*
*
*
و ما تزال اللوحة بعد كل هذه السنين منتصبة على عيدان المرسم ،
و الرسام يبكي إنسانيته التي سرقها من عمق ذاته القاسية ،
و الغد المفجوع .... أحرق المرسم .