طلعتُ على المنازل بعد دَرْسِ
وقد صاب الديار مصابُ نَكْسِ
طلــولٌ خــاوياتٌ مقفـــــــراتٌ
رسومٌ قد عفت من بعد طَمْسِ
تعفّتـــها عهــــودٌ بائــــــــــداتٌ
بأحقـــابٍ مــن الأزمـــان نَحْس
وجادتهــا السمــاءُ ندىً وقطراً
وَطقســاً كـلّ عــامٍ بعـد طَقْسِ
كســاها الدهــرُ بعد العُرْيِ رملاً
وعرّتهـــــــا ريـــاحٌ بعـد لُبْسِ
تغيّــــرَ حالُـــها وغدت قفـــــارا
خـــواءً أوحشت من كـلّ إنسِ
سنــــونٌ أبدلت حــالاً بحـــالٍ
سنـــونٌ غيّــرت بؤسـاً ببؤسِ
لعمـري مــا أرى في القلــب إلاّ
جحيما من لظى يُشجي و يُؤسي
وآلآما تُحيــلُ القلـــبَ نــــاراً
لهيبـــا ثائـــرا يجتــــاحُ نفسي
تُـرى هل حـلّ بالإسلام عيدٌ
أم الأحزان فاضت وَسْطَ غلْس
أتَتْــنا بالمهــــالك قابضــــات
عظــامٍ لابسـاتٍ ثـوبَ عُرْسِ
شُجــوناً نازعــاتٍ مُظلمــاتٍ
حَمَلْنَ من المآسي كـلّ يأسِ
بَرَزْنَ كما القضاءِ إليك موتاً
مصائبُ بعد خطبٍ قبل تعسِ
قفا أي صـــاحبيّ على بلادٍ
سَقــاها الــذلّ كــــأساً بعدَ كأس
سقتهـا السائراتُ من المخازي
ميــاه البغض من هطلاء جبسِ
فَتُخْرِجُ من نبات الأرضِ شرّاً
قبيحُ الزرْعِ من مبغوضِ غرْسِ
ألا انظرهل ترى أجداثَ قومي
على حُلَلٍ حريرٍ في دِمقْسِ
يصفّون الكؤوسَ مشعشعاتٍ
لمــأثومٍ من الأعمـالِ رجسِ
عبيدا في ثيــاب العـــار أمسوا
بمعــدودٍ من الأثمـــان بَخْـسِ
فوا أسفي علـى قومٍ وأرضٍ
وأمصارٍ غدت في قعر حَبْسِ
رمتهـــا بالرزايا رَمْيَ حقـدٍ
ذئــابُ الخلـقِ من رومٍ وفرسِ
وشدّت حولها الأغلال غِلاّ
وبيعت في المعارضِ بَيْعَ مَكْسِ
وقد فقست فراخُ الشرّ فيها
لتُشْــرِع نابها من بعْدِ فَقْسِ
بها في غائر الأحشاء جوعٌ
لقتْـــلٍ أو لفتْـــكٍ أو لفْرسِ
تُبــدّلُ جلــدَها في كلّ عامٍ
بجلْــدٍ بــارقٍ لَيْـــن المجَسّ
أُميــْريكا و روسيّا و روما
و لندنَ و الرُّعيْديد الفرنسي
تحالفت البلاد على بلادي
تُعدُّ لمـوتها محفورَ رمسي
ببــغدادٍ هوى للعزّ صرحٌ
و جَلْجَلَ قلبها حدثٌ مؤسّي
على أعواد مشنقة الخوارج
هوى مجدٌ و أُطفأَ نورُ شمسِ
قضى أسدٌ من الآسادِ جلْدٌ
و أُغمِدَ سيفُ معمعةٍ وبأْسِ
وغيلَ الفخرُ في الظلماء غدرا
وخار العزمُ في رمحٍ و ترْسِ
ينوحُ العيدُ في الأرجاءِ حزناً
ويبكي الفرْحُ من مجروح حسّ
على صدّامَ، صدّامِ الأعادي
على رجلٍ من الأعلامٍ نُطْسِ
على الورّاد ورّاد المعالي
على جبلٍ من العظماء نُدْسِ
ألا يا عينُ جودي منك دمعا
يشقُّ بذي المشاعر كلّ يُبسِ
و يا قلبي ألا جد منك شعرا
يزلزلُ للنذالــة كلّ كُرْسي
يبثُّ العزم في الأجداث روحا
يُعيدُ إلى الرفات فخارَ أمْسِ