|
يا عائداً للحمى شوقاً وتحنانــــا |
بلغ سلامي إلى حيفا وبيسـانـا |
وإن مررت بيافا وهي ظامئــــةٌ |
فاسكب عليها سحاب المزن هتانا |
واعرج إلى اليم واسترحم شواطئــه |
واسمع لشكواه ثم ابثثه شكوانــا |
واجنح لعكا وغرد فوق أربعهــــا |
وانثر على تربها آساً وريحانـــا |
واهبط إلى صفد الغراء في لهـــفٍ |
والثم جبالاً خلت منا ووديانــا |
واسأل عن اللد يا ابن الشوق إن لنـا |
هناك أهلاً وأحبابــاً وخلانـا |
واستقبل المجدل المعمور في طــربٍ |
وصغ من السحر والإلهام ألحانـاً |
وبشر الرملة الحسناء أن لهــــا |
في عالم الخلد إجلالا ًوإحسـانـا |
واختر جنين فكم نشتاق رؤيتهــا |
على البعاد وكم تشتاق رؤيـانـا |
واهتف وناد من الأعماق نابلســاً |
وحــي فتيتهــا شيباً وشبانـا |
واخشع مليا برام الله من ألـــقٍ |
ومن جمالٍ إلهيٍّ بهـــا ازدانــا |
واحضر إلى جبل الزيتون متئـــداً |
وناج في قمـة التــاريخ مثوانـا |
ويمم القدس واخشع قرب مسجدها |
واطلب من الله لي عفـواً وغفرانـا |
واطو الخليل فكم قد روعت أُسداً |
واصبحت لعراك الخصم ميــدانـا |
واعرج هناك لبئر السبع متجهــاً |
فلم تزل خلف تيـه البعـد مرمانـا |
وقل لغزة فهي اليـوم شاهــدةٌ |
أنا انتفضنـا وعاهدنـا ضحايانــا |
واعجب إذا زرت في الظلماء ناصرة ً |
مروعاً تحسـب الأنــوار نيرانــا |
واحفل بكرملنا إن تلقه رغــداً |
فما لك اليــوم لم تحفـل بلقيانـا |
يا صاح صبراً وإيماناً وموعظــةً |
وهكذا فعــلت بالــحر دنيانـا |
ذكرى فلسطين ما أقسى فجيعتها |
يا يوم تهتـف بالأمجــاد ذكرانـا |
وقفتُ في جانب الأسلاك أرمقها |
علّي أطفِّيء ما في القـلب نيرانــا |
حتى ذوى الدوح واهتاجت بلابله |
وأخفق الحي مهمومــاً وأسوانـا |
وأمطر الدمع من عيني منهمــرا |
وطالمــا قـرح المظلوم أجفـانـا |
والشوق يدفعني والهجر يمنعـني |
كأنما لم نعــد أهــلا ًوجيرانـا |
فكيف أنسى دياراً كنت ساكنها |
وكيف أنكر أصحابــاً وجيرانـا |
وكيف أحيا بعيداً عنك يا وطني |
أطارد الموت أحيـانـاً وأحيـانـا |
قد كنت حضن الهوى الغالي ومهجته |
كأنك الأم نرعاهـــا وترعانــا |
وأنت مهبط أمــالي وغايتهـــا |
وفيك أعلو على الأمجــاد بنيانــا |
وأسعد النفس بالدنيا وبهجتهـــا |
وأنفق العام بعد العـام نشوانـــا |
لا عدل في الأرض ما دامت مسخرةٌ |
لأجنبي ولا الإنســان إنسانــــــــا |
بئس الحضارة والأخلاق ما زعمـوا |
وكل ما زعمــوا زوراً وبهتانـــــــا |
الله أكبر يا قوم هبوا من رقادكمُ |
يا عرب كل الورى قد بات يقظانا |
كونوا أُباةً كما كانت جدودكمُ |
يعود مجدكمُ السامي كمـا كانـــــا |
لا تورثوا الضيم للأحفاد لا تهنوا |
فتصبحوا لعنة التـاريخ أزمانــــا |
ولترفعوا راية النصر التي خفقت |
بالأمس فوق الحمى عزاً وسلطانـا |
ولتهدموا صرح إسرائيل التي غدرت |
فشردت شعبنا ظلمـاً وعدوانـــــــا |
تا الله ما وهنت يوماً عزائمكم |
إلا وفجـرتم في الأرض بركانــــا |