|
هَا قَدْ بَلَغْتِ مِنَ الكِرَامِ مُنَاكِ |
وَرَأَيْتِ مَا قَرَّتْ بِهِ عَيْنَاكِ |
حَلَّقْتِ فِي أُفُقِ الضَّمَائِرِ قِيمَةً |
وَشَرُفْتِ بَينَ كَوَاكِبِ الأَفْلاكِ |
وَأضَاءَتِ الدُّنْيَا شُمُوسُكِ فِي الوَرَى |
وَسَقَى العَلاءُ سَنَاءَهُ بِسَنَاكِ |
وَأَتَاكِ كُلُّ مُقَدَّمٍ مُتَمَنِّيَاً |
لَوْ كَانَ أَوَّلَ سَامِعٍ لَبَّاكِ |
مِنْ كُلِّ حُرٍّ أَلْمِعِيٍّ قَدْ أَتَى |
بِنَدَى السَّحَابِ وَعِفَّةِ النُّسَّاكِ |
وَسَلِيلِ عِزٍّ نَحْوَ مَجْدِكِ قَدْ سَعَى |
مُتَلَهِّفَاً يَأْوِي إِلَى مَأْوَاكِ |
يَسْعَى فَيُدْرِكَ مِنْ فُيُوضِكِ نَفْحَةً |
تُغْنِيهِ مِمَّا جَلَّ مِنْ فَحْوَاكِ |
يَا وَاحَةَ الخَيرِ التِي لَبِنَاتُهَا |
شِيْدَتْ عَلَى التَّقْوَى وَصِدْقِ رُؤَاكِ |
يَا صَرْحَ عِلْمٍ يَا رِسَالَةَ أُمَّةٍ |
تَسْبِي بِمَنْهَجِهَا نُهَى الأَمْلاكِ |
فَكَأَنَّهَا أُذُنُ الزَّمَانِ وَعَيْنُهُ |
قَدْ كُحِّلَتْ بِالنُّورِ لا الأَحْلاكِ |
عَلْيَاءُ لا تَهْوِي بِفَصْلِ خِطَابِهَا |
قَعْسَاءُ فَوْقَ مَكَامِنِ الأَشْرَاكِ |
يَا وَاحَةً رَسَمَتْ مَعَالِمَ دَرْبِهَا |
فِي مَنْهَجٍ يَرْنُو إِلَى السُّلاكِ |
وَأَقَمْتِ لِلإِنْسَانِ دَارَ كَرَامَةٍ |
يَزْهُو بِهَا البَانِي لَهَا وَالحَاكِي |
أَزَلِيَّةُ الخَطَرَاتِ وَاثِقَةُ الخُطَى |
صُوفِيَّةُ الغَايَاتِ فِي مَسْعَاكِ |
يَا وَاحَتِي الغَنَّاءَ أَيْنَعَ زَهْرُهَا |
فَكَأَنَّ مَاءَ الزَّهْرِ عَطَّرَ فَاكِ |
طَابَتْ فَأَرْشَفَتِ السُّرُورَ كُؤُوسَهَا |
وَتَبَسَّمَتْ عَنْ ثَغْرِهَا المِضْحَاكِ |
وَسَقَتْ بُنَيَّاتِ اليَرَاعِ سُلافَةً |
لِتُنَادِمَ الأَفْكَارَ هَاتِ وَهَاكِ |
وَزَهَتْ تُغَرِّدُ بِالحُرُوفِ بَلاغَةً |
فَالطَّيرُ تُرْجِعُ سَجْعَهَا وَتُحَاكِي |
فَلَكَمْ بِهَا مِنْ مُحْكَمَاتِ قصَائِدٍ |
أَبْيَاتُهَا كَالدُّرِّ فِي الأَسْلاكِ |
وَلَكَمْ بِهَا مِنْ أَحْرُفٍ مَنْثُورَةٍ |
طِيبَاً تَضَوَّعَ بَيْنَ زَهْرٍ زَاكِ |
فَغِرَاسُهَا أَدَبُ الكِرَامِ وَفِكْرُهُمْ |
وَحَصَادُهَا وَرْدٌ بِلا أَشْواكِ |
أَدَبٌ أَضَاءَ المَشْرِقَينِ وَزَانَهُ |
فِكْرٌ يُطَاوِلُ غَايَةَ الإِدْرَاكِ |
يَا وَاحَةَ النُّجَبَاءِ أَنْتِ رَجَاؤُنَا |
إِيَّاكِ عَنْ دَرْبِ الهُدَى إِيَّاكِ |
يَا وَاحَتِي قَدْ طَابَ دَرْبُكِ لِلعُلا |
فَامْضِي وَرَبُّكِ بِالرِّضَا يَرْعَاكِ |
هَذَا فُؤَادِي فِي يَدَيكِ أَبُثُّهُ |
مَا يُوقِظُ الآمَالَ مِنْ نَجْوَاكِ |
فَأَنَا السَّمِيرُ وَلا أُرِيدُ تَفَضُّلاً |
وَأَنَا الأَسِيرُ وَلا أُرِيدُ فِكَاكِي |
إِنْ كَانَ عَادَاكِ القَلِيلُ بِحِقْدِهِمْ |
فلتفخري كَثْرَاً بِمَنْ وَالاكِ |
مَا أَبْهَجَ الدُّنْيَا لَدَيْكِ وَقَدْ صَفَتْ |
رَغْماً لِكُلِّ مُخَاتِلٍ أَفَّاكِ |
وَاليَومَ قَدْرُكِ شَدَّ صَهْوَةَ هِمَّتِي |
يَا وَاحَتِي فِي القَلْبِ مَا أَحْلاكِ |