بسم الله الرحمن الرحيم
أخجل كلما نظرت إليها و أشعر بمدي ضآلتي ، فما عادت تساوي تلك السنوات الطوال من البحث والقراءة شيئا أمام ما تحمله في صدرها ، بل تلك الجبال الراسيات من هموم الأيام وعذابات السنين تهزأ بها نظرة سكينة أراها في عينيها .
منذ أن مدت يدها تصافحني لأول مرة أدركت عظمة روحها ، و علو هامتها . و ما خيبت الأيام حدسي ، فها هو صوتها الندي يتسلل شجيا عذبا إلى أعماق روحي ليهزها هزا ، ويدفعها دفعا للوقوف لحظة أمام مرآتي ، أمام نفسي .. أي شيء أنت ؟؟
أقرأ تلك الأبيات الجاهلية ، فأرى حيرة في العيون .. أي معنى لهذا !!
ماذا يقصد ذلك الجاهلي بالأسباب ؟؟ وتخونني ذاكرتي .
غدي .. ماذا طلب فرعون من هامان أن يصنع له ؟؟ فيأتيني صوتها رقيقا ، نديا ، لتقرأ لي تلك الآية الكريمة بكل هدوء و طمأنينة .
غدي .. قفي واقرئي تلك الآيات التي رسمتها على اللوح ، فتخفض بصرها ، لتسمعني كلام الله سلسبيلا يثلج الصدور .
أيتها العظيمة .. معلمتكِ قطرة في بحر علمك ، حجر على سفح جبلك ، فقد وهبك الله قلبا واعيا ، ولسانا ذاكرا ، وعقلا لبيبا ، فحفظت كلامه و وعيت آياته ، فأصبحت تلميذتك التي ما تنفك تشعر بالخجل كلما نظرت إليك .
أيتها العظيمة .. لا تبعثي بكلمات الشكر ، فأنت أهلها ، فقد رأيت نفسي في بريق عينيك على الحقيقة .
طالبتي .. بل معلمتي .. منك سأتعلم كيف أكون حرة ، وقد بعت نفسي زمنا طويلا. فلا حرية إلا حرية رسمها أمثالك و لا حياة إلا حياة صاغها أشباهك .