لا أرى أن أحداً يسيء للأدب العربي شعراً ونثراً إلا العرب أنفسهم. إنهم هم المفتونون بثقافة المنتصر ، وثقافة السطوة والظهور. هناك فئة لا يهمها من الأدب إلا أن يكون وسيلة للوصول إلى الشهرة ومطية للمنفعة الشخصية والظهور الإعلامي ، وهم بهذا يركبون دوماً ما يحسبونه الموجة العالية الرابحة. أما أن نتهم أمريكا والغرب بأنها تخرب شعرنا العربي فهذا وإن كان فيه بعض الوجاهة في الطرح من حيث أن الثقافة والهوية العربية مترصدة ومقصودة بالهدم وخصوصاً الشعر الذي يمثل كما نعرف ديوان العرب ويعتبر مما يميز أدبهم بأجمل وأقدم فن إنساني في الكون إلا أنني أؤكد بأن مشكلتنا ذاتية وداخلية من فئات جلها انتهازية أو منسلخة.
أما سؤالك هنا عن انتشار القصائد التي وصفتها بـ "النمط الأورو-أمريكي" والتي يطلق عليها من قبل أصحابها القصائد الحداثية فهو مما أشرنا إليه من ظهور هذه الحالة وأسبابها ، وهي موجة بدأت في الانحسار وهي إلى زوال بإذن الله ، وكان للواحة فضل التصدي لمثل هذه الموجة وطرح البديل الحقيقي والجميل بأجمل القصائد العربية الأصيلة النابعة من الوجدان والهوية.
أما الفوارق بين الشعر المقفى وشعر التقعيلة فهي أمور يعرفها النقاد والأدباء ، وما شعر التفعيلة إلا أحد روافد الشعر العربي الأصيل والذي أهم ما يميزه هو عدم الالتزام بعدد التفعيلات في كل بيت ، وكذلك التحرر قليلاً من ضوابط القافية ، وهذا نتج عنه أسلوب مختلف قليلاً في التعبير والصور والتراكيب.
وأما ما تسمى بالقصيدة النثرية فهذا مما لا أعرفه ولا أعترف به ، بل وفي التسمية من المغالطة والسذاجة ما لا يخفى على عين كل قارئ.
إن للأدب العربي جناحان هما الشعر والنثر وكل منهما له صفاته وخصائصه التي أكسبته اسمه وميزته عن غيره ولا يقبل أن نخلط بينهما ، أو أن نجعل من أي منهما هيكلاً هلامياً لا ملامح له ولا ضوابط وإلا وقعنا في إشكالية الهلامية العربية في الهوية والحالة الأدبية.
تحياتي