|
غابَ النَّهـارُ وَجُـلُّ اللَيْـلِ وَالسَّـحَرِ |
فَاهْجُـرْ فِراشَـكَ هـذا مَوْعِدُ السَّـفَرِ |
وَرْدِيُّ حُلْمِـكَ لَـوْنُ الوَرْدِ فـارَقَــهُِ |
مِنْ بَعْدِ وَمْضٍ مَضى مِنْ سـالِفِ العُمُـرِ |
فَاثَّـاقَلَ الخَطْـوُ وَالأَعْضـاءُ أَجْهَدَهـاِ |
فَصْـلٌ يُـوَدِّعُ فَصْـلاً غَيْـرَ مُعْتَـذِرِ |
وَفـي الحَيـاةِ رَبـيـعٌ لا يَـؤوبُ وَلَمْ ِ |
يَتْـرُكْ بِدَوْحِـكَ إِلاَّ مُتْعَـبَ الشَّـجَرِ |
وَكَمْ لَبِسْـتَ جَـديـداً سَـرَّ مَلْبَسُـهُِ |
وَالنَّسْـجُ نَسْـجُ عَتيـقِ الخَيْطِ وَالإِبَـرِ |
فَهَـلْ رَأَيْـتَ خُطـى الأَيَّـامِ تُلْبِسُـناِ |
ثَـوْبَ الخُلودِ نَعيمـاً أَوْ لَظى صَـقَـرِ |
وَمـا أَراكَ إِذا اسْـتَقْبَلْتَ يَـوْمَ غَـدٍِ |
إِلاَّ مُـوَدِّعَ هـذا اليَـوْمِ فَـاعْتَـبِـر |
سِـتُّونَ عاماً عَلى صَـدْغَيْـكَ راقِـدَةٌِ |
في رَحْـمِ يَـوْمٍ بِحُجْبِ الغَيْبِ مُسْـتَتِرِ |
وَلَسْـتَ تَأْمَـنُ هـذا اليَـوْمَ مُنْقَلَبـاًِ |
وَلا تُعَـمَّـرُ إِلاَّ فـي فَـمِ الخَـطَــرِ |
ما شِـئْتَ مِنْ أَمَلٍ أَوْ خِـفْتَ مِنْ أَلَـمٍِ |
هَيْهاتَ يُبْدِلُ ما فـي جُـعْبَـةِ القَـدَرِ |
وَمَنْ رَأى المَوْتَ مِفْتـاحَ الحَيـاةِ سَـعىِ |
حَتَّـى المَماتِ فَلَمْ يَقَـعُـدْ وَيَنْتَـظِـرِ |
وَمَـنْ يَجِـدُّ يَـرَ المَـأْمـولَ في غَـدِهِِ |
وَما جَنـى طالِبُ الدُّنْيا سِـوى الخُسُـرِ |
قَـدْ لا يَكونُ غَـدٌ لِلنَّاظِـريـنَ غَـداًِ |
وَمـا عَرَفْـتُ جَديـداً غَيْـرَ مُنْدَثِـرِ |
فَلُؤْلُـؤُ الفَجْـرِ وَالآفـاقُ تَحْضُـنُـهُِ |
مِنْ دَمْـعِ لَيْـلٍ عَلى الآفـاقِ مُحْتَضَـرِ |
وَحُمْـرَةُ الشَّمْسِ وَالإِشْـراقُ يَتْبَعُـهـاِ |
رَمادُ جَمْـرَتِهـا في مَغْـزَلِ القَـتَـرِ(1) |
وَمـا الجَـديـدانِ وَالأَيَّـامُ مُقْبِـلَـةٌِ |
بِكلِّ ما يَسْـلِبُ الأَلْبـابَ مِـنْ وَطَـرِ |
إِلاّ عَتيـقَـيْـنِ وَالأَيَّـامُ راحِـلَــةٌِ |
بِما تَلاشـى مَعَ الأَوْهـامِ وَالسَّـدَرِ(2) |
فَـلا يَـغُـرَّكَ يَـومٌ هَـلَّ مُبْتَسِـمـاًِ |
وَفـي مَآقيـهِ لاحَـتْ دَمْعَـةُ المَطَـرِ |
وَلا تَخَـفْ مِـنْ دُجى الظَّلْماءِ في أُفُـقٍِ |
وَالْجَـأْ إِلى الخالِـقِ الباري بِهِ اسْـتَجِرِ |
لَمْ يَبْـقَ غَيْـرُ لَيـالٍ أَوْ أَقَـلَّ فَخُـذِْ |
مِنْها التَّبَـتُّـلَ فـي اسْـتِغْفارِ مُقْتَـدِرِ |
كَمـا حَلِلْـتَ عَلـى الدُّنْيـا تُفارِقُهـاِ |
فَـرْداً عَلى مَوْعِدٍ في الغَيْـبِ مُسْـتَطَرِ |
هُـوَ الرَّحـيـلُ بِـلا زادٍ وَلا أَمَــلٍِ |
أَوِ الرَّحيـلُ مَـعَ التَّقْـوى لِمُـدَّخِـرِ |
دنيـا |
يا أَنْتَ.. ما أَنْتَ في تَعْـدادِ مَنْ رَحَلـواِ |
يا أَنْتَ.. ما أَنْتَ في تَعْـدادِ مَنْ قَدِمـواِ |
وَقادِميـنَ عَلـى الدُّنْيـا مِـنَ الأُخَـرِ |
وَما كَسَـبْتَ إِذا مـا كُنْـتَ خادِمَهـاِ |
إِلاَّ بَـقـايـا مِنَ الأَسْـمـالِ وَالوَذَرِِ(3) |
سَـحابَةُ الصَّـيْفِ لا غَيْثـاً بِصُحْبَتِهـاِ |
سِوى رَذاذٍ كَدَمْـعِ القَيْـظِ مُنْـتَـثِـرِ |
دُنْيـا.. كَبَـرْقٍ بِلا نـورٍ يُخَـلِّـفُـهُِ |
كَالرَّعْدِ دونَ صَدىً فـي مَسْمَعِ القَفَـرِ |
دُنْيـا.. إِذا أَقْبَلَـتْ تُغْريـكَ فِتْنَتُـهـاِ |
بِبـارِقٍ مِـنْ وِصـالٍ دائِـمٍ نَضِــرِ |
لا تَأْمَـنِ الهَجْـرَ فـي أَحْضانِ غانِيَـةٍِ |
تَأْتي وَتَمْضي.. فَلَـمْ تَمْكُثْ وَلَـمْ تَـزُرِ |
دُنْيـاكَ إِنْ تَخْـدِمِ الدَّيَّـانَ خـادِمَـةٌِ |
وَإِنْ عَصَـيْتَ عَنـاءٌ غَيْـرُ مُؤْتَـجَـرِ |
وَأَنْتَ لَوْ تَمْلِكِ الدُّنْيـا وَما جَمَـعَـتِْ |
كَقابِضِ المـاءِ.. لَمْ تُمْسِـكْ وَلَمْ تَـذَرِ |
سَـكينَةُ النَّفْسِ كَنْـزٌ لِلْقَنـوعِ وَكَـمِْ |
يُسْـتَعْبَـدُ العَبْـدُ في أَطْماعِـهِ الكُثُـرِ |
أَيْنَ الأَمانـي.. مَـدارُ الفُـلْكِ مَرْكَبُهـاِ |
أَيْـنَ الرُّكـونُ لِعَيْـشٍ راغِـدٍ غَضِـرِ |
أَيْنَ الشَّـبابُ.. وَهَلْ أَبْقى سِـوى زَبَـدٍِ |
عَلى مَدامِـعَ مِـنْ ذِكْـرى بِمُنْحَـدَرِ |
أَيْنَ الصِّحابُ.. دُروبُ الجِـدِّ تَجْمَعُهُـمِْ |
طَوْراً..وَطَوْراً ضُـروبُ الهَـزْلِ وَالهَـذَرِ |
قَـدْ فَرَّقَـتْنـا بِدُنْيـانـا مَسـالِكُهـاِ |
وَالكُلُّ مـاضٍ عَنِ الدُّنْيـا إِلـى الحُفَـرِ |
وَلَسْتَ تَجْنـي سِـوى ما أَنْتَ زارِعُـهُِ |
فَأَحْسِـنِ البَذْرَ تَحْصِـدْ طَيِّـبَ الثَّمَـرِ |
وَلا يَطيبُ سِـوى ما صَـحَّ مِنْ عَمَـلٍِ |
إِذا تَطَـهَّـرَ بِالإيـمـانِ مِـنْ وَضَـرِ |
هنـاء |
وَأَنْـعُـمُ اللهِ فَـوْقَ الحَصْـرِ سـابِغَـةٌِ |
إِنْ أَوْحَشَتْ غُرْبَتـي بِالحُـبِّ نَـوَّرَهـاِ |
ربٌّ يُنـيـرُ دُجـى الظَّـلْمـاءِ بِالقَمَـرِ |
وَالحُـبُّ تِـرْيـاقُ قَلْبـي مِنْ مَواجِعِـهِِ |
وَفـي حَياتـي "هَـنـاءٌ" دونَمـا كَـدَرِ |
هِيَ الرَّفيـقَـةُ في الحِرْمـانِِ مِنْ بَلَـديِ |
كَنـورِ بَـدْرٍ بِجَـوْفِ اللَيْـلِ مُنْتَشِــرِ |
تُثَبِّـتُ الخَطْـوَ فـي دَرْبٍ بِلا أُفُــقٍِ |
في رِحْلَـةِ العُمْـرِ عَبْرَ السَّـهْلِ وَالوَعِـرِ |
أَهْـدَتْ إِلَيَّ مِنَ الإيـمـانِ مُعْـجِـزَةًِ |
كَوابِلٍ فَـجَّـرَ الأَمْـواهَ فـي الصَّـحَرِ |
وَمِـنْ طُمَأْنينَـةٍ فـي النّفْسِ عـامِـرَةٍِ |
بَـرْدَ السَّـكينَةِ نَبْـعـاً عابِـقَ الزَّخَـرِ |
وَأَرْغَمَتْ مِحْنَـةَ التَّشْريـدِ صـابِـرَةًِ |
عَلـى العَـوادي بِلا مَـنٍّ وَلا ضَـجَـرِ |
فَأَتْعَبَـتْ عَاشِـقاً تَعْـصيـهِ ريشَـتُـهُِ |
مَهْمـا تَلأْلأَ صِدْقُ العِشْـقِ في الصُّـوَرِ |
وَلا يَفـي حَقَّـهـا إِبْـداعُ ذي قَلَـمٍٍِ |
وَلَوْ وَشـى حَـرْفَـهُ بِالتِّـِبْـرِ وَالدُّرَرِ |
إِنْ تَطْلُبِ الهَـدْيَ تَطْرُقْ بابَ رَحْمَـتِـهِ ِ |
أَوْ تَطْـلُبِ الحَـقَّ بِالقُرْآنِ تَسْـتَـنِـرِ |
وَزادُهـا العِلْـمُ بِالتَّقْـوى تُحَصِّنُــهُِ |
ذِكْـراً وَشُكْراً وَتَسْبيحاً بِلا خَـتَـرِ(4) |
فَأَيْـنَ أَنْـتَ وَمـا تَرْوي بِقـافِيَــةٍِ |
مِنْ نَبْعَـةٍ يَرْتَـوي مِنْها شَـذى الزَّهَـرِ |
تَسْـقي البُذورَ حَناناً سـاغَ مَشْـرَبُـهُِ |
مِـنْ قَـلْـبِ أُمٍّ رِواءً غَـيْـرَ مُعْتَكِـرِ |
وَقَـدْ رَأَيْـتُ مَعَ الأَحْفـادِ ما وَصَلَتِْ |
بِـهِ المَـحَـبَّـةَ لِلأَوْلادِ في الصِّـغَـرِ |
وَأُشْـهِـدُ اللهَ أَنّـي فـي أُمومَتِـهـاِ |
عايَشْتُ ما ثَبَّـتَ المَعْصومُ فـي الأَثَـرِ |
جَنَّـاتُ عَدْنٍ لَدى أَقْدامِهـا وُضِعَـتِْ |
وَفـي العُقـوقِ فَحيـحُ النَّارِ فَاحْتَـذِرِ |
حرمـان |
وَلا أُمَـيِّـزُ إِنْسـانـاً بِمَـرْتَـبَــةٍِ |
وَقَـدْ حُـرِمْتُ جِوارَ الأُمِّ مُغْـتَـرِبـاًِ |
وَأَحْمَدُ اللهَ حَمْـدَ العَبْـدِ لا الضَّجِـرِ(5) |
حُرِمْتُ مِنْ حَمْلِ جُثْمـانٍ عَلى كَتِـفٍِ |
وَمِـنْ مُواسـاةِ مَحْـزونٍ وَمُصْطَـبِـرِ |
وَمِـنْ تِـلاوَةِ ذِكْـرٍ يَـوْمَ وَدَّعَـهـاِ |
ما انْهَـلَّ منْبَثِـقـاً مِنْ أَعْيُـنِ الصُّبُـرِ |
أَنَّـى يَفيهـا دُعـاءٌ كُلَّمـا ذُكِـرَتِْ |
بَعْضَ السَّـخاءِ عَطـاءً غَيْـرَ مُنْبَـتِـرِ |
تُعْطيكَ إِنْ أخَـذَتْ تُعْطيكَ إِنْ حُرِمَـتِْ |
تُعْطيـكَ في الصِّغَـرِ تُعْطيكَ في الكِبَـرِ |
فَاغْنَـمْ مِنَ العَيْشِ بِـرَّاً لا تُعَـوِّضُـهُِ |
دُنْيـا التُّـرابِِ وَلَيْسَ التِّبْـرُ كَالعَـفَـرِ |
وَقَدْ حَمَلْتُ أَبـي في القَلْبِ أُسْـمِعُـهُ ِ |
تِـلاوَةَ القَلْـبِ بَعْـضَ الآيِ وَالسُّـوَرِ |
إِذْ وَدَّعَ الأَهْـلَ إِلاَّ عَيْـنَ مُغْـتَـرِبٍِ |
زاغَتْ إِلـى أُفُـقٍ بِالدَّمْعِ مُخْتَـمِـرِ(6) |
إِنْ يَنْبَجِسْ أَغْـرَقَ الأَجْفـانَ في حِمَـمٍِ |
أَوْ يَنْحَبِسْ أَلْهَـبَ الأَجْفـانَ بِالشَّـرَرِ |
أَرادَ دَمْعـي عَزيـزاً في النَّوائِـبِ مَـنِْ |
يَبْكيـهِ صَـبْري بِمَسْـفوحٍ وَمُنْهَمِـرِ |
فَما سَـمِعْـتُ وَصايـا غالَبَـتْ فَمَـهُِ |
بِالشُّكْرِ وَالصَّبْرِ في النُّعْمى وَفي الغُمَـرِ(7) |
وَما لَثِـمْـتُ يَـداً بِالدَّاءِ مُثْـقَـلَـةًِ |
وَلا حَضَنْـتُـهُ في الأَكْـفـانِ بِالبَصَـرِ |
وفـي يَـدَيَّ رُعـاشٌ لَـنْ يُفارِقَهـاِ |
إِلاّ لَـدى راقِـدٍ في اللَحْـدِ مُنْتَـظِـرِ |
غـابَ الأَحِبَّـةُ.. في جَنْبَـيَّ مَرْقَـدُهُمِْ |
وَفي الشَّـآمِ وَفي الأَحْـزانِ وَالحَسَـرِ(8) |
وَفـي تَبـاريـحِ جُرْحٍ لا أُضَـمِّـدُهُِ |
مَهْمـا تَقـادَمَ إِنْ تَنْـكَـأْهُ يَنْفَـجِـرِ |
وَالشَّامُ -كَالجُرْحِ وَالأَحْبابِ- شـاهِدَةٌِ |
عَلى دُعـائِيَ فَـوْقَ الحُجْـبِ والسُّـتُرِ |
وَقَـدْ رَأَيْـتُ طُغاةَ الأَرْضِ قَدْ حُجِبـواِ |
عَـنْ وَجْـهِ رَبِّكَ.. وَالنِّيـرانُ في سَـعَرِ |
غربـة |
وَرُبَّ طِفْـلٍ غَـدا فـي غَيْبَتـي رَجُلاًِ |
وَرُبَّ بِنْـتٍ غَـدَتْ أُمّـاً أُعانِـقُـهـاِ |
في نَبْـضِ قَلْـبٍ بِطولِ البُعْـدِ مُنْفَطِـرِ |
وَالعَيْشُ في غُرْبَـةٍ قَـدْ مَزَّقَـتْ أُسَـراًِ |
كَالعَيْشِ مِنْ غُرْبَـةِ الأَحْرارِ في الأُسُـرِ(9) |
وَقَدْ تَوالَـتْ جِـراحُ الغُرْبَتَيْـنِ مَعـاً ِ |
في مَهْجَعي ما غَفَتْ عَيْنـي وَفي سَـهَري |
وَجُرْحُ "عَكَّـا" عَلى الأَهْدابِ أَحْمِلُـهُِ |
مُذْ مَزَّقَ الأَرْضَ ذو الأَنْيابِ وَالظُّفُـرِ(10) |
وَلِلرَّضيـعِ شَـريـداً عَنْ مَرابِعِـهـا ِ |
قَـلْـبٌ تَفَطَّـرَ إِنْ تَلْمَسْـهُ يَنْصَهِـرِ |
سِـتُّونَ عامـاً.. عَروسُ البَحْرِ سـاهِرَةٌِ |
في جُنْـحٍ لَيْـلٍ ثَقيـلٍ غَيْـرِ مُنْحَسِـرِ |
وَالشَّمْسُ غارِقَـةٌ في رَمْـلِ سـاحِلِهـاِ |
كَدَمْـعِ بَحْـرٍ مِنَ الأَحْـزانِ مُعْتَصَـرِ |
إِلاَّ الشُّموخُ عَلـى أَسْـوارِ قَلْعَتِـهـاِ |
إِلاَّ وَصـايـا صَـلاح الدِّيـن كَالدُّرَرِ |
أَرْضٌ سَـبى عِفَّـةَ التَّاريخِ غـاصِبُهـاِ |
وَالحَقَّ وَالأَمْـنَ حَـوْلَ البَحْـرِ وَالنَّهَـرِ |
وَكُلَّمـا أَشْـرَقَـتْ آمـالُ عَوْدَتِنــاِ |
تَغْـتالُهـا ذِلَّـةُ التَّسْـليمِ فـي صَغَـرِ |
نادَتْـكَ مَكَّـةُ وَالبَيْـتُ العَتيـقُ بِهـاِ |
وَحِـبُّ طِيبَـةَ نادى كُلَّ معْتَـمِـرِ(11) |
مَتـى سَـتَنْصُـرُ أولى القِبْلَتَيْـنِ مَتـىِ |
وَأَنْتَ إِنْ تَـرْجُـمِ الشَّـيْطانَ يَنْدَحِـرِِ |
وَالشَّـامُ في دَمْعَتي وَالشَّـامُ في كَبِـديِ |
وَفي اشْـتِياقٍ كَجُـرْحِ الشَّـامِ مُسْـتَعِرِ |
وَالشَّـامُ في بُؤْبُؤِ العَـيْنَيْـنِ سـاكِنُهـاِ |
وَالأَهْلُ في القَلْبِ مَهْما طالَ بي سَـفَري |
فَعِشْـتُ أَعْزِفُ لَحْنَ الشَّـوْقِ مُصْطَبِراًِ |
حَتَّى بَكى الصَّـبْرُ كَالأَشْـواقِ في وَتَري |
وَغاصِـبُ الأَرْضِ شَـيْطانٌ تُقاتِـلُـهُِ |
في كُلِّ عُـرْفٍ مِـنَ الأَعْـرافِ مُعْتَبَـرِ |
وَلا يُجـاهِـدُ طـاغـوتٌ بِلا رَشَــدٍِ |
فَحَـطِّـمِ السِّـجْنَ وَالأَغْلالَ تَنْتَصِـرِ |
وَأَرْجِعِ الطُّهْـرَ لِلأَمْـواهِ فـي بَـرَدىِ |
وَفي فِلِسْـطيـنَ لِلْكُثْبـانِ وَالغُـدُرِ(12) |
عصـام |
وَإِنْ رَأَيْـتَ دُعـاةَ الحَقِّ كُـنْ مَعَهُـمِْ |
وَقَدْ صَحِبْتُ كَريـمَ النَّفْسِ فـي زَمَـنٍِ |
بَكُلِّ صِـنْـفٍ مِـنَ الآثـامِ مُعْتَفِــرِ |
"عِصـامُ" كانَ هُوَ الرَّبَّـانَ مَنْهَـجُـهُِ |
في لُجَّـةِ المَـوْجِ كَالأَلْواحِ وَالدُّسُـرِ(13) |
للهِ شُـكْري عَلى ما عِشْـتُ أَشْـهَـدُهُِ |
دَرْبـاً سَـديداً وَيَنْبوعـاً مِنَ العِـبَـرِ |
مَـنْ عَـزَّ بِاللهِ كـانَ العِـزُّ شـيمَتَـهُِ |
وَفي رِعايَـةِ رَبِّ العَـرْشِ لَمْ يُضَـرِ(14) |
وَمَـنْ تَواضَـعَ كانَ العِلْـمُ مَـرْكَبَـهُِ |
وَالجَهْلُ مَرْكَبُ ذي كِبْـرٍ وَذي صَـعَـرِ |
وَذو الجَهـالَـةِ لَمْ تُؤْمَـنْ إِسـاءَتُـهُِ |
وَذو البَصيـرَةِ إِنْ تَنْـصَـحْهُ يَعْـتَبِـرِ |
وَالدِّيـنُ يَحْضُنُ دُنْيـا المُـؤْمِنيـنَ وَفيِ |
عَمـارَةِ الأَرْضِ تَقْـوى اللهِ فَاعْتَـمِـرِ |
وَإِنْ زَهِـدْتَ فَلا تَـزْهَـدْ بِتَـقْـنِيَـةٍِ |
وَارْفَـعْ أَذانَـكَ في حَقْـلٍ وَمُخْتَـبَـرِ |
وَكَـمْ فَقـيـرٍ عَفيفِ النَّفْـسِ تَغْبِطُـهُِ |
وَكَـمْ ثَـرِيٍّ لِعِـزِّ النَّفْسِ مُفْـتَـقِـرِ |
وَلَسْـتَ تُمْسِكُ مِنْ دُنْيـاكَ مِقْوَدَهـاِ |
إِلاَّ بِحَـبْـلٍ مِـنَ الرَّحْمـنِ لا البَشَـرِ |
وَعَدْلُ ربِّـكَ يَجْـزي كُلَّ مُجْـتَـرِمٍِ |
مُسْتَنْسِرٍ مِنْ بُغاثِ الأَرْضِ ذي أَشَـرِ(15) |
إِنْ ماتَ صـارَ لِخِـزْيٍ غَيْـرِ مُحْتَـذَرِِ |
أَوْ عاشَ عانـى عَذابَ الخِـزْيِ وَالحَذِرِ |
وَلا تَسـامُحَ وَالإِنْسـانُ مُضْـطَـهَـدٌِ |
وَلا مُغيـثَ سِـوى الإِسْـلامِ فَانْتَصِـرِ |
وَفيـهِ ما رُمْـتَ مِنْ عَـدْلٍ وَمِنْ قِيَـمٍِ |
فيـهِ الجِهـادُ وَفيـهِ الأمْنُ في وَزَرِ(16) |
فَدَعْ سَـفيهاً يَرى في الجُبْـنِ حِكْمَتَـهُِ |
وَاطْلُبْ حَكيماً جَريءَ القَلْبِ وَاسْتَشِـرِ |
وَاعْمَـلْ وَكُنْ شـامِخـاً في كُلِّ مُقْتَحَمٍ ِ |
وَالجِسْرَ بَيْنَ يَدَيْ جيلِ الهُدى الجَسِـرِ(17) |
وَذاكَ مِنْ بَعْـضِ مـا الأُسْـتاذُ عَلَّمَنـيِ |
تَـرْويـهِ لي سـيرَةٌ مِنْ أَطْهَـر السِّـيَرِ |
وَما سَـمِعْـت مَـقـالاً لا يُجَـسِّـدُهُِ |
صِدْقُ الفِعـالِ يُـرَبِّـي خيـرَةَ الزُّمَـرِ |
مُذْ كُنْتُ أُكْبِـرُهُ فـي الشَّـامِ يَخْطُبُهـاِ |
فَالحَـقُّ يَصْـدَعُ وَالطَّاغـوتُ في قَهَـرِ |
ما هـانَ يَـوْماً وَلا هانَـتْ عَريكَـتُـهُِ |
لِمـا تَتـالـى مِـنَ الأَحْقـادِ وَالنُّـذُرِ |
وَفـي النَّوائِـبِ قَدْ حارَ الحَكيـمُ بِهـاِ |
تَـراهُ يَشْـمَخُ مِثْلَ الطَّـوْدِ لَـمْ يَحَـرِ |
وَذي "الشَّهيدَةُ" في العَلْيـاءِ راضِـيَـةٌِ |
عَنْ قَلْبِ زَوْجٍ عَظيمِ الحُزْنِ لَمْ يَخُـرِ(18) |
جَريـمَـةٌ هَزَّتِ الدُّنْيـا بَشـاعَتُـهـاِ |
وَفي المَدامِـعِ لَـمْ يَجْـزَعْ مِنَ الغِيَـرِ(19) |
وَفـي الثَّمـانيـنَ حَوْلاً لا يُطاوِعُـهـاِ |
إِنْ تَشْـكُ مِنْ ثِقَـلِ الأَعْبـاءِ يَنْتَـهِـرِ |
وَما ذَكَـرْتُ كَثـيـراً مِـنْ خَلائِقِــهِِ |
أَخـاً كَبـيـراً وَإِنْسـانـاً بِلا كِـبِـرِ |
وَلِلْكِـرامِ سَـجايـا لا يُحـاطُ بِـهـاِ |
فـي مُسْـهَبٍ جـادَ بنيـاناً وَمُخْتَصَـرِ |
مُعَلِّـمُ الجيـلِ فَاسْـتَبْشِـرْ بِصَحْوَتِـهِِ |
وَلِلْمُعَـلِّـمِ فَضْـلٌ ظاهِــرُ الأَثَــرِ |
ضيـاع |
جيـلُ الجِهـادِ أَتى صُـهْيونَ فَارْتَعَدَتِْ |
جيـلٌ يُنـادي مِنَ الأَقْصـى وَرَوَّعَـهُِ |
صَـدى اسْـتِغاثاتِ أَهْلِ البَدْوِ وَالحَضَـرِ |
مِنْ كُلِّ قَـوْمٍٍ هُـدى الإِسْلامِ حَرَّرَهُـمِْ |
مِنْ كُلِّ شَـعْبٍ عَلى التَّاريـخِ مُفْتَخِـرِ |
غَـدَوْا مُشـاعاً لِمُحْتَـلٍّّ وَطـاغِيَـةٍِ |
فَأَصْـبَحَتْ ذِمَّـةُ التَّـاريـخِ في هَـدَرِ |
وَالأَرْضُ في قَبْضَـةِ الطُّغْيـانِ يَحْرِقُهـاِ |
أَحْفادُ "نيـرو" بِحُمْـقٍ أَسْوَدٍ نَغِـرِ(20) |
ما بَيْنَ عـادٍ عَلى الإِنْسـانِ في صَـلَفٍِ |
وَعاقِـرٍ مِنْ جُـذورِ الأَرْضِ مُنْقَعِـرِ(21) |
بَـيْـنَ السَّـجيـنِ وَشَـيْطانٍ يُعَذِّبُـهُِ |
فَلا تُضـاهيـهِ أَفْـعـى مَرْتَـعٍ قَـذِرِ |
بَيْـنَ المَواجِـعِ أَشْـباحاً بِمَخْمَـصَـةٍِ |
والعُمْيِ وَالصُّمِّ صَرْعى اللَهْـوِ وَالبَطَـرِ |
بَيْـنَ القُصـورِ وَقَـدْ ضَجَّت بَعَرْبَـدَةٍِ |
تَزْهو بِمَن يَمْنَـحُ الأَسْمالَ لِلضُّمُـرِ(22) |
وَرَقْصَـةِ المَـوْتِ في أَكْـواخِِ مَنْ مُنِحواِ |
تَخيطُ أكفانَهُـمْ مِنْ مِنْحَـةِ المَـعِـرِ(23) |
نَـرى الطُّفولَـةَ عَيْنـاً دونَ مَحْجِرِهـاِ |
وَغائِـرَ العَيْـنِ مِنْ سُكْرٍ وَمِنْ دَعَـرِ(24) |
نَـرى العِظـامَ مِـنَ الأَجْسـادِ ناتِئَـةًِ |
نَـرى التَّعَـرِّيَ نَهْـجاً غَيْـرَ مُنْزَجِـرِ |
وذا التَّحَـلُّلُ مِـنْ دينٍ وَمِنْ خُـلُـقٍِ |
يُحَـرّرِِ الفِسْـقَ مِنْ عَقْـلٍ وَمِنْ خَفَـرِ |
يُلْغي الحَيـاءَ.. فُجـوراً لا يَميـدُ بِـهِِ |
تَكْبيـرُ طُهْـرٍ مَعَ الحَسْـناءِ مُنْفَـجِـرِ |
يُلْغي الضَّميـرَ.. فَلا إِبْـداعَ أَشْـعَلَـهُ ِ |
لِيُشْـعِـلَ الثَّـأْرَ في قَلْـبٍ مِنَ الحَجَـرِ |
وَمـا التَّنَكُّـرُ لِلإِبـداعِِ إِنْ حَفِظَـتِْ |
دُروبَـهُ قِـيَـمٌ تَسْـمو بِمُبْـتَـكِـرِ |
سِـوى الشُّـذوذِ عَنِ الأَذْواقِ في أَدَبٍِ |
لَـوْ يَعْقِـلِ الذَّوْقُ مـا قالـوهُ يَنْتَحِـرِ |
والفـنّ يُذْبَـحُ ذَبْحـاً في مَسـارِحِهِمِْ |
في اللَحْنِ لِلْبُجَـرِ وَالرَّقْصِ لِلْعُجَـرِ(25) |
بِئْسَ التَّـبَـجُّحُ بِالإِغْـواءِ مَفْسَـدَةًِ |
في لَوْثَةِ الفِسْـقِ أَوْ في سَكْرَةِ الخَمِـرِ(26) |
تَحـارُ في عُصْـبَةِ الإِفْسـادِ فَلْسَـفَةٌِ |
فيهـا الكَثيـرُ عَدا الإِلْحـادِ وَالعَهَـرِ |
فَفيـمَ يُمْسَـخُ إِرْثُ الأَقْـدَميـنَ إِلىِ |
كُفْرٍ وَعُهْـرٍ لَدى مُسْـتَكْبِرٍ نَـمِـرِ(27) |
هُـوَ التَّفَـلْسُـفِ هَزْلاً دونَ فَلْسَـفَةٍِ |
في عُرْفِـهِ حَوَلُ العَيْـنَـيْـنِ كَالحَـوَرِ |
حَبـا "الحَداثَـةَ وَالتَّنْـويـرَ" عِلَّـتَـهُ ِ |
مِنْ عُقْـمِ فِكْـرٍ عَلى التَّغْريبِ مُقْتَصِـرِ |
وَمـا تَّشَـبَّثَ بِالتَّغْـريـبِ ذو نَظَـرٍِ |
يَـرى عَـواقِبَ بانَتْ عِنْدَ مُخْتَبِــرِ |
ذاكَ التَّحَـجُّـرُ لا تَـأْمَـنْ بوائِـقَـهُِ |
مِنْ صُنْعِ عَقْلٍ صَريعِ العَجْزِ مُقْتَسَـرِ(28) |
ذاكَ التَّخَلُّفُ عَـنْ عِلْـمٍ وَتَقْـنِـيَـةٍِ |
وَكُلِّ فَـنٍّ أَصـيلٍ غَيْرِ مُبْتَسَــرِ(29) |
وَعَـنْ تُـراثٍ عَـريقٍ غَيْـرِ مُتَّـهَـمٍِ |
مِنْ جُهْدِ مُجْتَهِـدٍ أَوْ نَقْـدِ ذي نَظَـرِ |
وَعَـنْ ثَوابِـتِ وَحْـيٍ لا يُـزَعْزِعُهـاِ |
صُراخُ عَبْدٍ يُغَطِّي الشَّمْسَ بِالخُمُـرِ(30) |
فواجـع |
مَنْ يَهْجُـرِ العُرْوَةَ الوُثْقـى وَمَنْهَجَـهـاِ |
وَمَـنْ يُدَنِّسْ عَـزيـزاً عِنْـدَ أُمَّـتِـهِِ |
يَقْطَـعْ وَشـائِجَـهُ عَنْهـا وَيَنْبَـتِـرِ |
وَمَنْ يُمَزِّقْ عُرى المـاضـي بِحاضِـرِهِِ |
يَطْعَـنْ بِمُسْـتَقْبَـلٍ حُـرٍّّ وَمُزْدَهِـرِ |
وَالأَرْضُ كَالأَهْلِ بَيْنَ المَشْـرِقَيْنِ غَـدَتِْ |
أَشْـلاءَ مِنْ جَسَـدٍ دامٍ وَمُنْشَـطِـرِ |
فيهـا ضَـحايـا عَـدُوٍّ غادِرٍ شَـرِسٍِ |
فيهـا الجِهـادُ سَـجينٌ دونَمـا عُـذُرِ |
فيهـا الكَريـمُ لَدى الأَشْـرارِ مُرْتَهَـنٌِ |
وَلَيْسَ فيهِـمْ كَـريـمٌ غَيـرُ مُحْتَقَـرِ |
فيهـا سِـياطٌ دَمُ الأَحْـرارِ يُثْـمِلُهـاِ |
نَخْـبَ التَّذَلُّـلِ لِلأَعْـداءِ فـي خَـوَرِ |
فيهـا الصِّـغارُ طَواغيـتٌ كَسَـيِّدِهِمِْ |
وَما تَسـاوَتْ نُيـوبُ الذِّئْـبِ وَالهِـرَرِ |
فيهـا فِلِسْـطينُ تَنْعى بِانْتِفـاضَـتِهـاِ |
مُـتـاجِـراً بِـدَمِ الثُّـوَّارِ وَالحَـجَـرِ |
يَـبَـيْـعُ مُخْتَلِسـاً ما لَيْسَ يَمْلِـكُـهُِ |
وَالسُّوقُ سوقُ سَـفيهٍ بَيِّـنِ العَـرَرِ(31) |
فيهـا "الهَـوانُ مَعَ التَّطْويعِ" مَكْـرُمَـةٌِ |
تُهْدي "السَّـلامَ مَعَ التَّطْبيعِ" لِلْغُـدَرِ(32) |
وَالسِّـلْمُ يُطْلَـبُ بِاسْـتِجْداءِ قاتِلِهِـمْ ِ |
فَلا "خِيـارَ" سِـوى اسْتِسْلامِ مُنْدَحِـرِ |
فيهـا البُطولَـةُ في شـاشـانَ ثائِـرَةٌِ |
وَفي العَداءِ تَنـادَتْ عُصْـبَةُ المِـئَـرِ(33) |
فيهـا مَغـاوِرُ بِالأَفْـغـانِ سـامِقَـةٌِ |
تَحَدَّتِ القَصْـفَ لِلإِنْسـانِ وَالصَّخَـرِ |
فيهـا العِراقُ نَخيـلٌ شـامِـخٌ أَبَـداًِ |
وَالهـونُ ضاجَعَ حُـكَّاماً عَلى السُّـرُرِ |
وأَرْزُ لُبْـنـانَ تَحْتَ القَصْفِ مُحْتَـرِقٌِ |
ما بَيْـنَ لِصٍّ وَسِـمْسـارٍ وَمُتَّـجِـرِ |
وَشِـرْعَةُ الغـابِ لِلْعُـدوانِ حاضِنَـةٌِ |
بِمَجْلِسٍ لِضُـروبِ الفَـتْـكِ مُحْتَكِـرِ |
إِنْ يُغْمِضِ العَيْـنَ يُغْمِضْهـا بِمَذبَحَـةٍِ |
وَالنَّـابُ يَغْرِسُـهُ في جُـرْحِ مُحْتَضِـرِ |
قَـدِ انْتَضَتْ دَوْلَةُ الإِجْرامِ أَسْـلِحَـةً ِ |
إِنْ تُلْـقِ سَـيْفَكَ لَمْ تُنْصَفْ وَلَمْ تُجَـرِ |
فَبِئْسَ رَهْطٌ غَدَوْا في ذَيْلِـهـا خَدَمـاًِ |
عَوْنـاً عَلى قَوْمِهِمْ عَوْناً عَلى الذَّمِـرِ(34) |
مَن يَمْشِ في رَكْبِ أََمْريكا عَلى دَخَـنٍِ |
هَيْهاتَ يَحْمي حِمى الصِّـدِّيقِ أَوْ عُمَـرِ |
يَسـيرُ في الفِتْنَـةِ الكُبْرى "مُقـامَـرَةً"ِ |
وَلِلدِّفـاعِ عَنِ الأَهْـليـنَ لَـمْ يَسِـرِ |
يَرى البَسـالَـةَ طَيْشـاً أَوْ "مُغامَـرَةً"ِ |
وَمِشْـعَلاً كاشِـفاً سَـوْءاتِ مُؤْتَمِـرِ |
يَـرى المُقـاوِمَ "إِرْهـابـاً" تُحارِبُـهُِ |
مَحـاوِرُ الشَّـرِّ وَالأَتْبـاعُ مِـنْ دُبُـرِ |
يَقودُهُمْ نَفَـرٌ "بيـضٌ" غَـدَوْا هَمَجـاًِ |
وَخَلْفَ أَذْيالِهِـمْ سِـرْبٌ مِنَ "السُّـمُرِ" |
شـادوا "حَضارَةَ حُفَّـارِ القُبـورِ" فَهُمِْ |
عارٌ عَلى قَوْمِهِـمْ عارٌ عَلى البَشَـرِ(35) |
فَلا حَضـارَةَ وَالإِنْسـانُ فـي ضَـرَمٍِ |
وَلا تَقَانَـةَ إِنْ تُطْفِـئ سَـنى السَّـحَرِ |
وَلا تَقـدُّمَ وَالآهــاتُ شــاكِيَـةٌِ |
فَدونَكَ الغـابُ إِنْ يَقْبَلْ بِذي دَخَـرِ(36) |
فَـواجِـعٌ تُنْـزِلُ الإِنْسـانَ مَنْـزِلَـةًِ |
دونَ الخَفـافيشِ وَالحِيتـانِ وَالحُـمُـرِ |
فَواجِـعٌ زادَهـا اسْـتِمْراءُ عَلْقَمِهـاِ |
وَلا سَـلامَـةَ إِنْ نَرْكُـنْ وَلَـمْ نَثُـرِ |
نخبـة |
هَيْهاتَ تَصْنَـعُ حُكَّامـاً عُروشُـهُـمُِ |
قَـوْمٌ رَأَوْا هامِشَ التَّـاريـخِ يَلْفِظُهُـمِْ |
وَوَصْمَةَ العـارِ تَغْشـاهُمْ مَدى العُصُـرِ |
في السِّلْمِ أَمْسَـوْا بِلا هـامٍ وَلا هِمَـمٍِ |
إِلاَّ عَلى العُزْلِِ وَالأَحْرارِ والخُـفَـرِ(37) |
في الحَـرْبِ صاروا طَراطيـراً بِمَهْزَلَـةٍِ |
وَمَنْ يُقّبِّـلْ يَدَ الجَـلاَّدِ يُحْتَـقِـرِ(38) |
لا تَحْسَـبَنَّ رَقيـقَ الذُّلِّ قَدْ أَمِـنـواِ |
مِنْ سُـخْطِ ذي الجَبَروتِ الحَقِّ وَانْتَظِـرِ |
وَكَـمْ شَـكَوْنا شُـعوباً لا يُحَرِّكُهـاِ |
فَتْـكُ العَـدُوِّ فَلَمْ تَصْرُخْ وَلَمْ تَـثُـرِ |
وَما شَـكَوْنا صُنوفَ الفَتْـكِ تَقْمَعُهـاِ |
وَاليَأْسَ مِنْ نُخَبٍ أَمْسَتْ عَلى دَجَـرِ(39) |
كَأَنَّ نُخْبَتَـنـا مِـنْ غَيْـرِ أُمَّـتِـنـاِ |
وَلَوْ صَدَقْنـا فَقَـدْ نَشْـكو مِنَ العَـوَرِ |
تَخْتـالُُ في بُرْجِهـا العاجِـيِّ عَجْرَفَـةًِ |
وَالبُـرْجُ مِـنْ خَشَـبٍ بِالوَحْلِ مُتَّـزِرِ |
فَيَفْخَـرُ العَجْـزُ في حُكْمٍ وَفي نُخَـبٍِ |
فَخْرَ الطَّواويسِ وَالأَثْـوابُ مِـنْ وَبَـرِ |
أَيْنَ الزَّعاماتُ فـي الأَرْزاءِ تُرْشِـدُنـاِ |
لا فـي احْتِفالٍ وَتَصْريـحٍ وَمُؤْتَـمَـرِ |
أَيْـنَ المَهـاراتُ في تَخْطيـطِ نَهْضَتِنـاِ |
لا في مَـزاعِـمِ دَجَّـالٍ وَمُبْتَـهِـرِ(40) |
أَيْـنَ التَّفَـوُّقُ فـي فَـنٍّ وَتَقْنِيَــةٍِ |
وَثَـوْرَةُ العِـلْـمِ وَالآدابِ وَالفِـكَـرِ |
قَـوْمٌ غَـدَوْا عالَةً لا نُخْبَـةً سَـبَقَتِْ |
رَغْـمَ الجَـوائِـزِ وَالتَّصْفيـقِ وَالفَخَـرِ |
إِلاَّ لَفيـفـاً مِـنَ الرُّوَّادِ فَـرَّقَـهُـمِْ |
"تَهْجيـرُ أَدْمِـغَـةٍ" وَالبَطْـشُ بِالخِيَـرِ |
وَإِنْ تُسَـوِّغْ لَهُمْ إِثْـمـاً وَمَظْلِـمَـةً ِ |
فَالزَّيـفُ بـادٍ عَلى الأَقْـلامِ وَالزُّبُـرِ |
قـلـم |
فَواجِـعٌ أَحْـرَقَـتْ مَنْ عاشَ في خَـدَرٍِ |
فَواجِـعٌ مَزَّقَـتْ قَلْـبـي وَأَضْـلُعَـهُ ِ |
وَكَـلَّ يَـوْمٍ مِنَ الأَيَّـامِ مِنْ عُمُـري |
أَرى الطَّـواغيـتَ أَجْسـاداً مُحَنَّطَـةًِ |
أَرى التَّماثيلَ مِنْ شَـمْعٍ وَمِنْ مَـدَرِ(41) |
أَرى المَقـابِـرَ وَالدِّيـدانَ عابِـثَــةًِ |
فيهـا بِكَوْمَـةِ عَظْـمٍ فاسِـدٍ نَـخِـرِ |
فَلا أُهـادِنُ طـاغـوتـاً إِلـى أَمَـدٍ ِ |
وَلا أُسـاوِمَ طاغوتـاً عَلـى مَـذَرِ(42) |
وَلَنْ يَزيـغَ مَـعَ الأَهْـوالِ بـي بَصَـرٌِ |
في مِحْنَـةِ المُرْهِبـاتِ السُّـودِ وَالحُمُـرِ |
وَلن تَميـلَ مَـعَ الإِغْـراءِ بـي قَـدَمٌ |
وَإِنْ تَسابَقَتِ الأَقْـدامُ فـي غَـرَرِ(43) |
وَعِشْـتُ أَنْشُـرُ مـا يَنْصَبُّ مِنْ قَلَـمٍِ |
بِالصِّـدْقِ مُلْتَـزِمٍ بِالحَـقِّ مُـؤْتَــزِرِ |
فَلا أُزَيِّـنُ أَشْــعـاراً بِمَـلْحَـمَـةٍِ |
بِالوَهْـمِ في أَمَـلٍ وَالإِفْـكِ في خَـبَـرِ |
وَلا أُزَيِّـفُ نَصْـراً فـي القُعـودِ بِلاِ |
عَـزْمٍ وَلا عَـمَـلٍ كَالواهِـمِ السَّـكِرِ |
وَلا يُجـاهِـدُ حَقَّـاً في شَـريعَتِـنـاِ |
إِلاَّ صَدوقٌ فَلَـمْ يَشْـطُـطْ وَلَمْ يَـذَرِ |
وَلَسْـتُ أَطْلُـبُ زُلْـفى مِثْلَ مُنْتَـفِـعٍِ |
كَفـاهُ لَعْـقُ صُـحونِ الحاكِمِ البَطِـرِ |
فَكَـمْ كِتـابٍ وَفيـهِ الوِزْرُ مَحْـبَـرَةٌِ |
وَكَمْ لِسانٍ يُرائـي باطِلَ الفُـجُـرِ(44) |
وَلا يَـقيـكَ الأَذى ذُلٌّ لِطـاغِـيَـةٍِ |
وَعِـزَّةُ النَّفْسِ لا تُغْنـيكَ عَـنْ حَـذَرِ |
وَلَسْـتُ أَقْبَـلُ بِالإِحْبـاطِ في قَـلَـمٍِ |
وَلا بِتـَثْبيـطِ مَكَّـارٍ ومُهْتَـصَـرِ(45) |
وَكَـمْ تَبَـدَّلَ حـالٌ كُنْـتُ أَحْسَـبُهُِ |
كَالرَّاسِـيـاتِ مِـنَ الأَوْتـادِ وَالجُـدُرِ |
إِلاَّ اليَقـينُ.. فَلا يَنْفَـكُّ يَعْـصِـمُنـيِ |
في كُلِّ مُنْـزَلَـقٍ مِـنْ كُلِّ ذي ضَـرَرِ |
مَنْ خاطَبَ الأَهْـلَ فَلْتَصْدُقْ سَـريرَتُـهُِ |
وَكُلُُّ ذي قَلَمٍ لَـمْ يَـنْـجُ مِـنْ عَثَـرِ |
وَقَـدْ تَدَفَّـقَ نَـزْفٌ مِنْ مَـواجِعِـنـاِ |
عَبْرَ المِدادِ نَعـى الأَمْواتَ في الخُـدُرِ(46) |
كَمـا تَدَفَّـقَـتِ الآمـالُ مُشْـرِقَـةًِ |
بُشْـرى بِجـيـلٍ بِعَـوْنِ اللهِ مُنْتَصِـرِ |
وَعِـزَّةُ النَّـفْسِ بِالإِسْـلامِ راسِـخَـةٌِ |
كَنِعْمَـةِ الشُّـكْرِ في يُسْـرٍ وَفي عُسُـرِ |
وَهـاكَ سِـتُّونَ عامـاً بَعْدَ مَغْـرِبِهـاِ |
كَأَنَّهـا وَمْضَـةٌ في مُنْتَـهـى القِصَـرِ |
إِنْ كُنْتَ تَذْكُرُ نَـزْراً مِنْ مَشـاهِدِهـاِ |
فَفي تَقَلُّـبِـهـا ذِكْـرى لِمُـدَّكِـرِ |
فَاطْلُبْ بِرَحْمَتِـهِ اِلرِّضْـوانَ مُبْـتَهِـلاًِ |
ما مِنْ ذُنـوبِكَ ذَنْـبٌ غَيْـرُ مُغْتَـفَـرِ |
آمَـنْـتَ بِاللهِ لَـمْ تُشْـرِكُ بِـهِ أَبَـداًِ |
وَإِنْ زَلَلْـتَ هُوَ التَّـوَّابُ فَـاعْـتَـذَرِ |
وَذا رَجـاؤُكَ رَبُّ العَـرْشِ يَعْـرِفُـهُِ |
فَالعَفْـوُ إِنْ نِلْـتَ عَفْواً غايَـةُ الظَّفَـرِ |