أتابع باستمرار و بشوق كبير هذا الحوار الشيق مع المبدع الرائع فضيلة الدكتور سمير العمري مؤسس الواحة و باني هذا الصرح الأدبي حفظه الله
لبنان» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» تعقيبات على كتب العروض» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ( و كشـفت عن ساقيها )» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: محمد نعمان الحكيمي »»»»» الأصواتيون وعِلم العَروض العربي.. عجيبٌ وأعـجب..!» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» الخِصال السّبع» بقلم مصطفى امين سلامه » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رباعيات للشاعر صلاح چاهين» بقلم سالى عبدالعزيز » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» المعاني النحوية - رأي في آيات زوال الكيان الصهيوني» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» من هو السامري - رأيي» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» دفق قلم القرآن والإنصات» بقلم نورة العتيبي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»
أهلاً بك أختي الكريمة أم فراس ، وأعتذر لك لتأخير الرد على أسئلتك المميزة والهادفة وما كان ذلك إلا لاستكمال أسئلة مضيف اللقاء كأمر تنظيمي.
أما ملاحظتك بشأن نسب المثقفين العرب فهذا أمر لا أجدني أوافقك عليه تماماً ذلك أن الأمر في نهاية المطاف تخص الفرد وملكاته بدون تبعات أخرى فصاحب العلم هو صاحب علم أياً كان نسبه وأياً كان جنسه أو جنسيته. وكذلك صاحب الخلق وصاحب التقوى وغيرذلك فهي كلها أمور فردية تتعلق بالمرء نفسه وبما يريد أن يكون.
وأما ما أحب أن أتعرض له هنا فهو تعريف المثقف. أقصد ما هي الضوابط والقواعد التي يمكن أن تحدد ثقافة المرء أو انتسابه للمثقفين. وللحق فإن اختلاط المفاهيم والمصطلحات ، وعزوف الناس عن التعمق في هذه المعاني والاكتفاء ببعض حكم عابر يكون في أغلب الأمر قولاً وصف به الشخص تفسه بأنه مثقف أو قيامه ببعض أمر بسيط يجير له الإعلام ليجعل منه أسطورة. إن كلمة مثقف باتت اليوم وفي هذا التسلط الإعلامي غير النزيه تفقد معناها وتتحول إلى قول مجرد لا يلبث إلا أن يتحول لمعنى نقيض. وعليه فإن من المهم بمكان أن نبدأ في الاهتمام بتصحيح هذه المفاهيم والمصطلحات ، وأن لا ننساق وراء أي قول إلا بما يظهر من أدلة صدقه وإنصافه واضعين في الحسبان الفروقات بين المثقف والمتعلم والأديب والمفكر والعالم وغيرها.
وربما يخطر ببالك الآن سؤال: هل هذا يعني أن الأمة تعدم المثقفين الذين يتحلون بخصائص وصفات تؤهلهم لها؟؟
والجواب بأن الأمة لا تعدم المثقفين الحقيقيين أصحاب العلم والفكر والأدب والخلق القويم ، ولكنهم للأسف قلة في هذا الزمان ، ومن المؤسف أن نجد أن الطبقة التي تستحوذ على الواجهة الإعلامية هم في جلهم من أشباه المثقفين أو ما دون ذلك. ونحن هنا في رابطة الواحة الثقافية نحمل هم الانتصار للحق ولأمثال هؤلاء المثقفين الحقيقيين المغيبين والمظلومين بأن نفتح لهم هنا منبراً إعلامياً حراً يقدمهم لمجتمعهم ويكشف عن ملكاتهم وتوظيفها في ما يخدم الصالح العام.
ربما أجدني أنتقد معك هذا الكم العجيب من المنتديات العربية التي خصصت في جلها للعبث والتسلية والتنافس في كل الأمور غير ذات الأرب ، والمؤسف أنه بمجرد نطرة واحدة لهذه المنتديات العربية نجد أن أكثرها ريادة وزيارة هي المنتديات الرياضية ثم المنتديات الفنية ثم المنتديات التي تفتح أبوابها للتراشق والتناجش والشتائم والفضائح. هي حقيقة مرة يجدر أن نعترف بها في واقعنا العربي.
ولعله من الجدير بالذكر أنه حتى المنتديات الجادة تجدها تتنافس في تجاذب أطراف كعكة واحدة إن جاز التعبير ، يبيع بعضهم على بيع بعض ، ويهدم بعضهم بناء بعض ، ويطعن بعضهم ببعض كأغراض صغيرة وشخصية والأجدر بهم أن يتوحدوا في العمل والبناء في مكان واحد وبمنهج جدي واحد وعمل مشترك وصولاً إلى تحقيق الهدف المنشود بالرقي بالأمة وتحقيق التأثير المطلوب ، فليس أفسد للعمل من تشتيت الجهود وذهاب الريح والتيه في فدافد الشبكة ، وكم نتوق إلى يوم نجد فيه جميع المخلصين من أبناء الأمة والحريصين حقاً على رقيها أن يتوحدوا في جهد واحد ومكان واحد وعمل مشترك واحد.
الأخ الحبيب د فوزي ابو دنيا
الأخوة المشاركون بالحوار والمستمعيتن له ببصيرة الأدب
تحية طيبة :
تابعت من خطوة القلم الأولى التي درجت بترحيب الأخ د فوزي للقاء الأخ الدكتور سمير العمري ، وثابرت على القراءة لكل حرف يبين لنا أهداف الواحة من ألف التأسيس إلى قافية الغاية حتى رايت أن الأهداف أكبر من أن تحاط بكلم ، وأن الرؤى تتمازج بالواقع المعاش حينا ، وتنفصل عنه لضيق تحقيق الأهداف أحايين أخرى لكن يبقى الهدف معلقا بغصن المثابرة على قطف ثماره إن لم يكن قاب ميقات الفجر فبعد إشراقة يوم جديد ، ومن خلال صارحة الطرح نتبين مدى الحرية وسعة البوح في مضارب الواحة
والشكر يبقى لكم دوما على ما قدم
وما قاله الأخ الدكتور سمير فما هو إلا أمنيات تحقق بعضها ، وبقي الآخر منها في صفحات الوجدان .
سيبقى الزمن شاهدا على عصر كنا به ومنه وله شواهد إثبات الحالة
الشكر للأخ د فوزي
على فتح شهية البيان
أخوكم محمد
صاحب البيان والخلق الرفيع الاستاذ الاديب محمد الحريرى
انتظرتك طويلا حتى اتيت لتمتعنا بزهو الحديث وفصاحة اللسان وعمق التعبير
منذ وصولى للواحة كنت اتمنى دوما ان يكون لدى جزء من بهاء حديثك
تقبل احترامى ومودتى
أجدني أعتذر لك مرة أخرى أختي الكريمة أم فراس لاضطراري التوقف عن استكمال ردي عليك لظروف خاصة وأعود الآن مستكملا بإذن الله:
أما عالم الشبكة والإنترنت فهو عالم يدعونه افتراضياً وأراه حقيقياً. عالم الشبكة هو انعكاس لواقعنا الذي نعيش فالشبكة في ذاتها لا معنى لوجودها إن لم يوجد من يستخدمها ، وهي بهذا تعكس واقع الأمم من خلال التناول الفردي كأساس والتناول الجماعي كدول. وعالم الشبكة هذا أحد أكبر النعم التي أكرمنا الله بها ، ولأنها أكبر النعم فمن المنهج الرباني أن يكون فيها كذلك أكبر النقم كابتلاء للنفوس وتمحيص للأهواء. وبهذين المفهومين نصل إلى مفهوم أكثر واقعية عن الشبكة بأنها حالة من التحرر من القيود الخارجية والتقيد بالقيم الذاتية والداخلية من ضمير وأخلاق وهمة وتقوى وغير ذلك.
إن غياب مبدأ الثواب والعقاب ظاهراً وبشكل عام وليس مطلق يدفع المرء ليتفاعل مع الشبكة وفق ما تأمره نفسه فأهل الخير يجدون في الشبكة كل الخير وأهل الشر والسوء يجدون فيها أكثر مما يحلمون. وعليه فإن بناء منهج للتعاطي مع الشبكة مفقود إلى حد كبير في أمتنا العربية وأنا للحق وفي هذا السياق أرى أنه يجب الاهتمام بهذا الجانب من الوجهة التعليمية والتربوية ليتم تعليم الجيل الناشئ أساليب صحيحة وصحية في التعاطي مع الشبكة واستخدامها كأفضل وسائل المعلوماتية والأعلام والتواصل والإبداع.
هل استخدمنا عالم الشبكة بجدية وإيجابية؟؟ الجواب هو للأسف بأن لا. إن جل التعامل مع الشبكة من أبناء الأمة يتجه نحو الاستخدام السلبي والدنيء. يبدأ تعداد هذا الجل من أدناهم ممن لا يرى الشبكة سوى مصدر من مصادر الفحش والعري والتفحش ، مروراً بأقوام تضيع ساعات وقتها في "الشات" وفي جله ما فيه من الفساد والإفساد ، ومروراً بقوم لا هم لهم ولا غاية إلا التسلية بألعاب الشبكة المختلفة ، ومروراً أيضاً بعدد كبير لا يجيد من الشبكة أكثر من الهاكر والتعدي على أجهزة الآخرين ومواقعهم والضرر الذي يلحقونه بها ، مروراً بأقوام لا هم لهم إلا تتبع العورات ونشر الإشاعات وتزوير الحقائق وابتزاز البشر ، ومروراً بأصحاب المنتديات التافهة والتي لا نحصر ، ثم انشغال بأمور الفن والموسيقى حد الغرق ، ثم مروراً بمنتديات تنشغل بما لا يفيد ، أو في أحسن الأحوال ما لا يزيد.
وفي طيات هذا الليل الداجي تبزغ لنا بعض الفئات التي تجعل من الشبكة منهل علم ومعرفة ، وأقوام تستفيد من التقنية في نشر رسائل الخير والهدى ، ومواقع تنشر من علوم الدين من قرآن وسنة وأحاديث ، ومواقع تنشر العلوم المفيدة والنصائح الرشيدة ، ومنتديات حوارية جادة فيها الخير للأمة.
وبهذا فإننا ككل الأمم نستخدم عالم الشبكة بحرية خارجية وقيود ذاتية داخليه فمن ملك القيم والضوابط التي تمنعه عن السوء وتشغله في أمور الخير فقد فلح ، وأما من تجرد من كل خلق وتخفى وراء اسم مستعار أو حتى اسم حقيقي مجهول ليقوم بإفراغ أمراض نفسه كل في المجال الذي يغرق فيه في وحل السوء وشر المآل إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة فالله حسيب بصير خبير.
وأما نسبة الجيد إلى الرديء فلا أحسبها مبشرة ، وكم أتمنى أن يتم عمل بحث حقيقي بهذا الشأن بشكل يضمن المصداقية وعدم التجمل لنعلم حقيقة الأمر وأن تقوم جهات معينة بدراسة هذه الظاهرة التي باتت تجتاح واقعنا العربي بقوة ولا أحسبها إلا أحد أهم التحديات التي يجب أن تولى أهمية كبيرة لأن الشبكة باتت أحد أهم عوامل تشكيل وجدان أجيالنا.
الأدب هو أحد أهم علامات حضارة الأمم وقيمتها ، والأدب العربي كان دوماً ضمير الأمة وواجهتها الأجمل حتى إذا تولى أمرنا الجهال بات أمر العلم والفكر والأدب في ذبول تذوي يوماً فيوم حتى وجدنا هبوط مستويات الأدب إلى منحدرات غير مقبولة ، وفقد الأدب دوره في التوجيه والتعبئة والنصرة وبات ترفاً وزينة لمن يحب أن يتزين به.
وكان من الطبيعي في حالة هذا الفراغ الأدبي والثقافي أن يتم خلال ذلك عملية الإحلال فكان ما سمي ظلماً بموجة "الحداثة" وما هي إلا موجة تأخر وخروج عن الذات بالسقوط في التبعية وفقدان الهوية ، وكان أهم خصائص هذه المرحلة هو الحرب الشعواء على كل قيم الأدب العربي الجميلة عموماً والشعر العربي خصوصاً كونه أقدم وأجمل أنواع الفن الإنساني فطعنوا في أوزانه وعلقوا الخليل على مشنقة التخلف باعتباره عدوهم اللدود ، وتمردوا على كل شيء باعتباره رمز تخلف و"تبعية للأجداد" ليطرحوا بدلاً منها موجتهم التي هي تبعية للأغراب والأعداء واستيراد ثقافة لا توافق ديننا ولا خلقنا ولا قيمنا.
وكان من الضروري أن يتم مواجهة هذه الموجة الهدامة التي تهدف للقضاء على اللغة كأساس من خلال القضاء على قيمها الجميلة واحتقار كل قواعدها وضوابطها ، والتمرد على كل ثوابتها من باب دعوى التجديد والإبداع. وقد قام لهذه الموجة عدد كبير من كرام الأمة من أدباء وشعراء ونقاد ، وكان لرابطة الواحة دور كبير في التصدي لهذه الموجة حتى بدأت في الانحسار شيئاً فشيئاً ، ولا تزال الأمة بحاجة لجهود حقيقية أكثر لدفن هذه الموجة في أعماق أصحابها ، ولعل أهم ما يجب أن يتم هو تخليص المشهد الإعلامي العربي من أنصار هذه الموجة واستبدالهم بأهل نزاهة وإنصاف.
ما نريد من الأدب هو أن يعود ليلعب دوره الفاعل في تكوين وجدان هذه الأمة والرقي بذائقتها ومن ثم ملكاتها وأخلاقها ، ونريد من الأدب أن يكون عنصر بناء للمجتمع من خلال مزج وصفية الواقع المر بحلول أحلام الأمل الأفضل لغد أجمل. نريد من الأدب أن يشكل ضميراً حقيقياً يعكس واقعنا بشكل دقيق ، ويؤثر فيه إيجاباً وينتصر لقضايا الأمة وهموم المجتمع قبل أن يكون عزفاً ذاتي المعاني ضيق الأغراض.
إلى أين يتجه الأدب العربي؟؟ نرجو أن يكون للخير. أنا شخصياً متفائل جداً رغم كل المعوقات ورغم كل ما يلقى في الطريق من اشواك فالأمة ولادة لا تعدم الكرام والمخلصين القادرين على الرقي بالأدب وإعاد تفعيل دوره المشهود في تاريخ أمتنا العربية.
تقبلي التحية
كل الشكر والتقدير لكل من ساهم فى هذا الحوار البناء
شكر لأستاذنا سمير العمرى ولحديثه المتابعين له فى شغف واستمتاع
وشكر للأستاذ فوزى الذى أتاح لنا فرصة التعرف عن قرب من شخصية رائعة مثل د. سمير
ولأشعر بسعادة لأنتمائى للواحة التى بمثابة البيت الثانى أو لربما الأول لنا
أدامكم الله رمزاً للأمة العربية فكراً وخلقاً د. سمير
أهلاً بك أخي الكريم وبمرورك ، وإن كنت أرى في أسلوبك ما لا يحمل نهج الأسئلة التي تنتظر إجابات كما تفرضه طبيعة مثل هذه اللقاءات التي تهدف للتواصل والتعارف لا التحامل والتخالف ، ولكني سأجيبك على أية حال وأرجو أن يوفقني الله بالرد بما يزيح عن نفسك ما تجد مما بدا هنا واضحا.
ولعلني قبل أن أبدأ بالرد أشير إلى استغرابي من تصريحك بأنك كنت تود أن تكون آخر المشاركين فإذا بك تسارع لتكون أولهم وليس هذا مما يزعج على أية حال.
ولعلني أبدأ بالرد على تعليقاتك ولا أقول أسئلتك بأنه يسعدني بداية أن يجوز "تنظيري" على تقديرك ، ثم لأقول نعم صدقت فهو تنظير لأهداف أكبر من حجم صرح أدبي.
أما أنه تنظير فهو كذلك ولا أراه يعيب كما توحي كلماتك فكل شيء في هذا الكون يبدأ بالتنظير ثم يمر بمرحلة التطوير ثم يبدأ التدبير فالتطبيق. ما قدمته أنا هنا إذاً هو حلم يجتهد في أن يتكامل ويتسم بالشمولية لبناء واقع أفضل والرقي بأجيال الأمة وفق معطيات تقوم على أسس هذه النظريات التي لا أدعي أنني ابتدعتها بحال وإنما هي الهمة والعزيمة والحث إلى تطبيق ما هدانا إليه الله ربنا وما أوصانا به نبينا من دستور متكامل لحياة كريمة عزيزة ذات معنى وذات هدف.
هل التنظير عيب؟؟ وهل هو ترف أو غير ضروري؟؟ الجواب أخي الكريم بأن لا ، بل هو ضرورة قامت عليه حضارات كثيرة سابقة ، وتقوم عليه حضارات راهنة ، بل وقام عليه دين الله تعالى بكلمة اقرأ وافعل ولا تفعل. إن أهمية التنظير تكمن في أنه لا يمكن لتطبيق أن يقوم دون قواعد منظمة وضوابط واضحة وأهداف موضوعة قابلة للتطبيق,
هل غاية جهدنا في الواحة التنظير؟؟
كلا ، إنما هي البداية التي اعتمدناها وبدأت تؤتي ثمارها في بعض ما خططنا له والقادم يعد بالكثير منها. يكفي دليلاً على أننا لم نكتف بالتنظير ما تم تحقيقه خلال فترة قصيرة قياساً بوجود هذا الصرح الكبير بوصفك أنت وشهادة الجميع من محب ومن مبغض وهذا لم يأت من فراغ. ويكفي دليلاً هذا التطور المنهجي في طبيعة العمل وتنفيذ المشاريع وإعادة تقييمها وتطويرها إلى الأفضل في حركة دائبة وعملية كالعكوف على تطوير مدرسة الواحة الأدبية لتكون قادرة بشكل فعلي على تخريج أفواج من الموهوبين من الأدباء في فنون الأدب المختلفة بشكل رسمي ومعتمد بشهادات رسمية وبشكل جاد ومنصف. يكفي دليلاً تطوير الموسوعة الأدبية للواحة لتصبح أكثر شمولاً وتبسيطاً ولتكون مرجعاً لكل طلاب العلم على الشبكة ، ويكفي دليلاً بداية بلورة اتحاد أدباء الواحة الذي نرجو به بإذن الله تعالى أن يكون أرقى اتحاد أدبي يتميز بالمصداقية والجدية والنزاهة ، وأن يكون أعضاؤه من أفضل أدباء هذا العصر. هناك يا أخي الكثير والكثير والكثير من المشاريع المعلنة وتلك التي لما تعلن ، وربما يكفي أن أشير أخيراً إلى أننا حالياً في طور تأسيس دار الواحة للنشر والتوزيع تقام لخدمة الفكر الجاد والأدب الجميل الهادف وتسعى لخدمة أعضاء الرابطة ونشر إبداعاتهم بوسائل مختلفة وأساليب موافقة ولا تسعى في كل هذا للربحية ولا المتاجرة الرخيصة.
هل ترى أن الواحة لم تقدم أكثر من التنظير وأن جل ما نقول لم يطبق؟؟
أجيب نعم كلامك صحيح أخي ، ولكن لكي تدرك كنه الأمر ومعالم التوجه فإني أحب أن أوضح لك وللأخوة جميعاً بأن رسالة الواحة ليست رسالة مرحلية بل أريد لها أن تكون رسالة خالدة تعيش على التاريخ دليلاً على بداية الصحوة الحقيقية في هذا الزمان. إنها بذرة البداية نغرسها في أرض الوجدان العربي وفي النفوس الخصبة لكرام الأمة والأباة الغيورين على الدين والوطن لتنمو بثقة ورسوخ وإن استغرق هذا النمو أجيالاً. إنني حين وضعت منهج هذه الرسالة ووضعت أسس هذا الصرح ما كنت أحسبني سأرى من ذلك في حياتي شيئاً وما كنت أنتظر أن أرى شيئاً ، ولكنني قلت كما قيل غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون. وإن كنا ابتلينا بأن نكون أهل زمان غرس لنا الحنظل فإنني أردت أن نغرس معاً لأبنائنا وأجيال أمتنا أشجار خير باسقة كنخيل العراق متى رجمت وهبت خير الثمر. وإني والله لا أبالغ بأنني ورغم كل المنغصات والمعضلات التي نجدها شأن أية رسالة صادقة تحارب من أهلها قبل غيرهم ويؤذى أهلها ويساء إليهم أقول بأنني رغم كل هذا وجدت السعادة والثقة بأن الأمة بخير لأنني ما كان يخطر ببالي يوماً أن أجد بداية التطبيق الحقيقي للتنظير الذي أشرت إليه ، وما كنت أظن يوماً بأنني سأرى مثلاً أن رابطة الواحة الثقافية ستتجسد واقعاً في حياتي بهذه الفروع التي تتابع ، وهذا الحرص من الكثير الكريم من أهل الهمة والذمة على النهوض للتحدي والمثابرة على مواجهة الواقع المرير وبداية مرحلة التطبيق الذي سيستغرق أجيالاً إن أراد الله لهذه الرسالة أن تعيش وإنا لنرجوه تعالى وهو أعلم بما في نفوسنا من حمل هذه الرسالة أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه فإن كان فيها خير فليوفقنا لها ولتعش سامقة شامخة ، وإن رأى فيها غير ذلك فلا أبقاها الله يوماً واحدا.
بهذا التوضيح أخي الكريم تجد أن ما تم تحقيقه "على قلته" خلال أربع سنوات من مسيرة رابطة الواحة الثقافية هو فوق ما كنا نتوقع وهذا من فضل الله وتوفيقه ، وأن ما نطلق من مشاريع تحتاج إلى سنوات كثيرة وقبلها إلى أياد طاهرة ونفوس نقية وعزائم كبيرة وصبر أكيد. وثق أخي الكريم بأن القادم أجمل وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض وأن الزبد والغثاء فيذهب جفاء.
ثم هل باتت أهداف الواحة أكبر من صرح أدبي؟؟
أقول نعم ، رابطة الواحة الثقافية هي حلم راودني وراود كل كريم أبي يحب أن ينتصر لأمته من خلال الرقي بكل مشاهدها ، وأنا ما أسستها لتكون صرحاً أدبياً فحسب ، ولا منبراً فكرياً فقط ، بل أردتها أخي الكريم أن تكون الوطن الحلم الذي نبنيه معاً بما نراه من حق وصدق وبدون أن نتعرض لضغوط الواقع أو حدود الأقطار أو قصور القدرات. أردت أن ننطلق في آفاق العزة والكرامة بحرية الواعين وبالتزام الأحرار ليؤسسوا لهذا الوطن الحلم في النفوس ثم يجسدونه في الواقع من خلال القنوات التربوية في الأبناء والتعليمية في الطلاب والإعلامية في المجتمع والأسرة والأدبية بالكلمة والقيمة والفكرية بالتنظير الهادف والتحليل المنصف والتوجيه البناء.
إن ما أؤمن به أخي الكريم عادل هو أن نبني أوطاننا على أساس متين سبقنا فيه أجدادنا في عصور الدولة الإسلامية المزهرة في بلدك العراق وفي حاضرة الرشيد التي يهدمها اليوم تتار هذا العصر كما تكالب عليها تتار العصر السحيق. وأجدادنا حين بنوا هذا الوطن بنوه على أساس متين من تحكيم شرع الله تعالى بقدر الاستطاعة ثم اعتمدوا له ركيزتين أساسيتين رفعتا الدولة إلى قيادة الكون وهما الفكر والأدب. إنهما الجناحان اللذان يمكن بهما أن تحلق أوطاننا في جسد واحد وقلب واحد وهمة واحدة في آفاق تستحقها ، وما ارتفع بنيان أمة إلا حين قدمت العلماء والمفكرين والأدباء ليسهموا معاً في تأطير مناهج وأساليب النهضة الحقيقية القائمة على نشر العلم وتصحيح المفاهيم من خلال فكر رشيد وتوظيف الأدب ليكون أهم عوامل تشكيل وجدان الأمة وعكس مستوى حضارتها.
بهذا المفهوم يمكن النظر لرابطة الواحة على أساس أنها كيان أكبر من مجرد صرح أدبي أو صرح فكري أو أية جزئية منفردة وإنما هي كما أسلفت حالة من النهوض الجماعي والاهتمام بكل مشاهد الأمة والتعامل معها بإيجابية كأمر يخص كل فرد فينا وبأسلوب أن نشعل شمعة بدل أن نلعن الظلام ، وبأسلوب أن أشتغل بإبراء ذمتي تجاة أمتى لا أن أنشغل بغيري وأندب حظي.
هكذا أردنا رابطة الواحة الثقافية أخي الكريم ، وهكذا تعاهدنا عليها بعد ذلك مع كرام كبار من أبناء هذه الأمة يؤمنون بما نؤمن به ويسعون بهمة وذمة في أن نجعل من هذه الرسالة مسيرة لتصحيح الأمة لا نستعجل منها الحصاد ، ولا نرجو منها عرضاً قريباً أو مصالح ضيقة ، فلتأخذ هذه الرسالة وقتها حتى وإن ورثتها أجيال قادمة فإنما هي بذرة نريدها أن تنمو أشجاراً باسقة ، ولن نألو جهداً في تعهدها ورعايتها كل بما يجد في نفسه وما يستطيع من قدرة. هي حلم كبير أخي لكريم عادل ولا أحسبك تصادر حقنا في أن نحلم حتى وإن رأيت أننا واهمون فما بدأت الأمور الكبيرة إلا بحلم راود خيال ذي همة.
هذه رد أولي وأحب أن أرد على كل ما ورد في مداخلاتك فأرجو فضلا لا أمراً أن تقرأ ما كتبت هنا بنفس صافية وقلب واع وأن لا ترد حتى أكمل ردودي على ما أثرت من نقاط وآراء.
وفقنا الله وإياك ، وسأعود في غد إن شاء الله تعالى.
أعود مستكملاً بعون الله ما بدأت أمس من رد شاكراً الصبر والتفهم.
ربما يتبادر للنفس السؤال الوجيه ، لم لم يتم تطبيق الكثير من هذا الحلم الكبير ، وما الذي يمنع أن يتم إنجاز كل هذا أو جله في هذه الفترة التي مرت بها رابطة الواحة الثقافية؟؟
أجيب مستعبناً بالله بأن ما تحقق كما أسلفت في هذا الوقت القصير ليس بالأمر الذي يمكن تجاهله وأو تحقيره ذلك أن هناك من يحتفل بأقل من بعض ما تم تحقيقه بأعظم مما يوصف ، ولكننا لا نلتفت إلى مثل هذا ولا نقنع بما دون السحاب ونحاسب أنفسنا حساباً عسيراً كي نكون في رحلة رقي دائم نحو كل ما هو سامق وهادف ومفيد. وعليه فإننا لا ننظر إلى ما تم تحقيقه قدر نظرنا لما نريد تحقيقه وبهذا المفهوم نعترف بأنا لما نزل في بداية الطريق.
وأما البحث في معوقات تحقيق الأكثر والأفضل فهي متعددة الجوانب لعل أهم أسبابها في تقديري وبحكم تجربتي في هذه المسيرة ما يلي:
1- جدية الرسالة وشموليتها ورؤيتها الممتدة تجعل الكثير من أبناء الأمة ممن نأمل أن يحملون هذا الهم ويظهرون له الهمة يترددون ويتوجسون كترسبات لحالة القهر والعجز التي تمر بها الأمة وأفقدت الجميع الثقة بالقدرة على تجاوز المرحلة أو القدرة على التأثير على هذا الواقع المرير ، وهذه الحالة اليائسة تجعل العدد الكبير منهم في حالة عزوف إما بصمت وإما بسخرية وتحقير لما يتم طرحه أو محاولة تحقيقه.
2- طغيان الذاتية على طبقة المثقفين من أبناء الأمة من علماء ومفكرين وأدباء واهتمامهم فقط بما يجدون منه المكسب الشخصي والمردود السريع واعتبار ما يكسبونه لأنفسهم من شهرة ومال وجاه هو جل ما يخدمون به الأمة بل ويرى بعضهم أنه الصادق في خدمة الأمة رغم أن كل ما يقوم به يدور في إطار المصالح الشخصية الضيقة والأغراض القريبة.
3- استمرار الحالة الأزلية من صراع الخير والشر بين من يحرص على البناء ومن يحرص على الهدم والتخريب حسداً من عند أنفسهم ورغبة في أن يظهروا على حساب فشل الآخرين لا على حساب عطائهم وجهدهم وتميزهم.
4- عدم توفر آلة إعلامية غير الشبكة العنكبوتية والتي لا تغطي التواصل مع أمتنا العربية بالشكل الكافي ، ثم ما يترتب على ذلك من انعكاسات الاستخدام السيء للشبكة من قبل العديد في فضاء مفتوح يتخفى أمثال هؤلاء وراء أسمائهم المستعارة ويتجرأون على الحق وقد فقدوا الرقيب والضمير فتدفع الواحة ثمن أخلاقيات الشبكة سواء من حيث المفسدين والمغرضين أو من حيث الباحثين عن مجد أنفسهم والتصفيق لحرفهم.
5- السبب الأهم في رأي المتواضع هو ضيق ذات اليد وعدم توفر التمويل الكافي للمشاريع ، ولعلني أضرب هنا مثلاً بأمر حدث يوم بدأ معنا بعض الكرام المفاوضات بشأن إطلاق قناة الواحة الفضائية والتي قطعنا في المفاوضات بشأنها شوطاً كبيراً حتى إذا علمنا أن ذلك سيكون على حساب ثوابتنا ومبادئنا المتجردة للحق وللخير رفضنا ذلك لأننا لن نبيع يوماً ما نؤمن به من أجل أية إغراءات وإن عظمت. لو كنا نملك المال الكافي لهذا المشروع مثلاً لكنا حينها أبطالاً بنظر الجميع ولكن لو تأملت هذا جيداً أخي عادل لوجدت أن هذه البطولة لن تكون للفكر ولا للأدب ولا للخلق الكريم بل للمال وللمال فقط ، فهل بات ضيق ذات اليد سبباً لتحقيري وتحقير حلمي وجهدي؟؟ وهل لو بعت نفسي وهذه الرسالة لمن أراد أن يشتريها يوماً ممن وضعت يدك في يده ، أو هل إن بعت نفسي والرسالة من أجل أن يكون للواحة قناتها كمشروع كبير سأكون حينها في نظرك بطلاً؟؟
إننا بحاجة أخي الكريم لكي نتخلص من هوى النفس ونصدق الله جهدنا ولا نلتفت للصغائر وننشغل بها أو نترك للمغرضين تكدير النفوس وبث الريبة في الصدور ، ونحن أيضاً بحاجة إلى أصحاب قيم ثابتة ومبادئ سامية تحرص بصدق على إبراء الذمة وخدمة الأمة لا يضرها من خذلها ولا يشغلها ما يفعل غيرها ، ونحن بحاجة حقيقية للتمويل وهو أمر لم أتطرق له يوماً خشية الظن السوء والارتياب ولكنني أطرحه اليوم أمامكم لكي تكون المصارحة حقيقية ، وأقول بل ونقول كلنا في رابطة الواحة الثقافية: إننا على قدر كل التحديات وكل مشروع أطلقناه أو سنطلقه مهما كان كبيراً فوفروا للرابطة المال الحر الذي لا يشتري ذمتها ثم حاسبونا على كل أمر.
أشكر لك هنا تحيتك ولك مني مثلها وأكثر ، وأتقبل رأيك بكل رحابة صدر ، ولا أحترم رأيك في أن تقول ما قلت أو حتى أكثر وإن كنت أعتب عليك أن لا تجد في كل قولي الكثير إلا هذه الجملة كي توقفك وتدفعك لهذا التعليق بهذا الأسلوب.
وأجيبك أخي الكريم بأنك قد جانبت الحقائق المعورفة تاريخياً إذ تقرر بأن لا أديب ولا كاتب ادعى لنفسه الريادة فقد حدث هذا وكثيراً ، وجانبك الحق حين أصدرت حكمك بأنني ادعيت الريادة لنفسي ، ولعلمي بأنك أحد من يرجع إليهم في علوم البيان أعيدك لذات الجملة التي اقتبستها لتنظر فيها أخي الكريم بشيء من الإنصاف ثم تخبر إن كنت قد فعلت ذلك. لعلك تعرف أن كل من هب ودب يتحدث عن "تجربته الأدبية" ويسهب في وصفها ومدحها وهو لما يكتب بضع قصائد أو بضع عشرات من الأسطر ، ولعلك تعلم كم من الأشخاص يصر على أن يصف نفسه بالشاعر ولا تجد نصاً له دون أن يقول (... للشاعر فلان) ، وأنا هنا لم أفعل هذا ولا ذاك بل كنت أجيب على سؤال موجه لي كضيف في هذا اللقاء عن تجربتي الشعرية ، وقد بدأت جملتي كما ترى بأنني لا أوافق حتى على أن تسمى محاولاتي بالتجربة الشعرية بعد رغم أنني كتبت مئات القصائد وما يربو على عشرة آلاف بيت شعري وغير ذلك من الفنون الأدبية ذلك أنني أؤمن يقيناً قاطعاً بأنني لا أستحق هذا الأمر بعد وبأنني يجب أن أبذل المزيد من الجهد والعطاء في هذا الأمر لأكون أحد وأكرر أحد رواد التجربة الأدبية والتي أتمنى وأكرر أتمنى من الله أن يوفقني لهذا.
إن ما قلته أخي الكريم عن ثقة وقناعة لم يكن إلا عكس ما قلت عني ، ولم يكن الأمر أكثر من رد على سؤال موجه إلي فاستكثرت على نفسي ما لم يستكثره الجل الجليل ممن عرفني أو قرأ لي منذ بدايات شبابي وأنا هنا لا أجبرك أن تصدق ما أقول ، ولا أن تعود لتقرأ ما قيل ويقال حتى اللحظة عن أدائي الأدبي والذي أقسم بالله تعالى أنني لست راضياً عنه بعد. لقد احترمت رأيك أخي ولم أصادر حقك في أن تراني كيف شئت ولكن أتمنى أن لا تصادر أنت حقي في طموح مشروع لي ولك ولكل من يقول ويفعل ، هو حلم قد يتحقق وقد لا يتحقق فلا تغضب من حلمي أخي.
أما في قولك أن هذا نوع من التجني على النفس فقد رأيته صادقاً ولامس في نفسي ما غفلت عنه ، فإنني بقولي هذا الذي جاء بعفويته قد جنيت على نفسي حين حملتها ما لا تطيق ربما ، ولأنني بهذا إنما ألبت علي نفوس من لا يحمل لي الود. بل وخطر ببالي أن ماذا لو أسهبت فيما قيل لي من أعلام أدباء الأمة ومثقفيها مما أحرص على أن لا أخبر به أحداً تهذيباً لنفسي وتواضعاً لله تعالى فهو صاحب الفضل والمنة ولك الحمد في الأولى والآخرة. ومهما يكن من أمر فإنني أعتذر عن هذا القول.
سأواصل الرد بعد قليل فأرجو أن تحتملني مرة أخرى حتى أنتهي.
لك التقدير
قد أفاجئك أخي الكريم بأن نعم ، يمكن لإنسان نابغة أو حتى أقل من نابغة أن يؤطر لصرح أدبي ، ويمكن لبعض أولئك النوابغ من تفوق منهم أن يرفع بنيان صرح أدبي ، ولكن لا يمكن أي إنسان ولو كان نبياً أن يبني أمة دون وجود الآخرين ليس لقصوره حينها بل لضرورة وجودهم ، فكيف بعبد من عباد الله الضعفاء أن يقيم بنيان أمة ويعيد صياغة أجيالها؟؟
ورغم هذا الرد الذي فرضه السياق إلا أنني أشهد الله بأنني لا ولم أفكر يوماً في أن أكون متفرداً في هذه المسيرة ، وربما لو كنت قرأت بعض ما كتبت أخي هنا وفي مواضع أخرى من أنني من بادر إلى أخوة رأيتهم كباراً كراماً أن يتقدموا لقيادة هذه المسيرة وعاهدت أن أكون في صفوف المؤخرة مكانة وفي صفوف التصدي مكانا. وأما بناء صرح الواحة سواء أكان كما تراه صرحاً أدبياً أو كما يراه سواك صرح بناء أمة فلم يكن أبداً كما وصفت.
لقد تم تأسيس هذا الصرح الكبير بعد أن تخلى من قدمناهم عن مسؤوليتهم وتعالى بعضهم الآخر فأراد الله فضلاً منه ومنة أن أفوز دونهم بشرف أن بادرت إلى هذا العمل الكبير لا أفعله لنفسي بل لأجل أمة أراها أجدر بأن تستيقظ وتنهض من كيوتها من خلال توجيه الرسالة للمثقفين والكرام والأباة من أبنائها بفتح هذا الصرح وتوجيه الدعوات لهم أن هلموا إلى خيرنا. وها أنت ترى أخي الكريم أن صرح الواحة مفتوح لكل كريم جواد وكل أبي معطاء ولم يغلق يوماً في وجه ساع لخير أو راغب في خير ، ولم نقم يوماً بإعلاق الواحة أمام الزوار ونفتحها أمام الأعضاء كي نجبر الزوار على التسجيل والتباهي بعدد الأعضاء أو بهذا أو ذاك. ويعلم من يعلم ما قمنا به في البحث عن الكرام والحث على العطاء وإبراء الذمة ، بل ويعلم من يعلم أننا لطالما استنفذنا جهودنا وحرصنا على التعلق بأثواب كل من حسبناه كريماً أو من راهنا عليه لخدمة الأمة فكنا نبذل له الود ونبتذل له النفس استرضاء واستجلاباً فيفهم من هذا من يفهم خيراً فيصدق ويفهم من يفهم من هذا غير ذلك فيدبر وقد صعر الخد وأضمر الحقد. وها هي أبواب الواحة مفتوحة على مصراعيها لكل باغ للخير وقد وقف على بوابتها مناد ينادي: يا باغي الخير أقبل فإن لك فيها المكان والمكانة ، ويا باغي الشر أقصر فإن لك في غيرها بدائل ودلائل.
أما أن تسألني أخي الكريم أين هم وأين دورهم فهذا بحق مما يجدر بي أن أسأله أنا لك أيها الكريم الأبي ولأمثالك من أبناء الأمة الذين يحلمون بغد مشرق ورقي أكيد وعزة قعساء؟؟
أنا من ينادي بأعلى الصوت أين أنتم وأين دوركم؟؟
هل ينتظر أحدكم أن يدعى ويستعطف ليبرئ ذمته ويقوم بدوره؟؟ أنا لا أستنكف أن أفعل فهلموا.
هل يريد أحدكم أن يرفع ويقدم ويشار إليه بالبنان؟؟ لن نستنكف في الواحة أن نفعل ، ونعد كل كريم بالمكان والمكانة متى تحلى بالجهد والأمانة ، ونعد بالقدر الكبير متى وجدنا منه القدرة الأثيرة.
هل يريد أحدكم أن يجني لنفسه من غرس يده؟؟ هو لكم فقم بالدور تجد المنصب والحمد في الأولى من العباد وفي الآخرة من رب العباد فالله لا يتر أحداً عمله.
هل يريد أحدكم أن يشارك في الأمر؟؟ أقبل بالخير يا كل من يحرص على الوفاء بما يجب عليه ، ويسعى للتحدق بما أنعم الله عليه ، وشارك بكل صدق وصفاء سريرة وسيكون لك ما لنا وعليك ما علينا.
أما من يجد أن دوره هو أن يوضع على رأسه تاج الوقار وأن ينعم بالمديح وأن يتقلب في مجد الدعة ، أو من يجد أن غاية جهده هو الطعن في كل شيء شخصاً كان أو جهداً ، وينشغل بالرتوش الهامشية ويتشاغل عن الصورة الكلية ، أو من يجد أن دوره ينحصر في تسفيه وتحقير غيره فلن يجد له في الواحة مكاناً لأنه ببساطة لا يلبي حينها متطلبات العمل المراد ولا يفيدنا أن يزيد عندنا عدد الأعضاء أو ينقص أو يزيد هذا الأمر أو ينقص ، فمن ينشغل بالأمور الكبار وأهداف الواحة العظيمة لا يجد رغبة ولا وقتاً للولوج إلى ما سواها.
أشيد بسؤالك وأشدد عليه متبنياً ذات السؤال: أين أنتم أيها الكرام ، وأين دوركم؟؟ وأين تحبون أن تضعوا أنفسكم؟؟
إن هذا الاتهام بالذات يا أخي هو اتهام باطل يشهد بذلك كل منصف وصادق ونزيه. إن كنت تتهمني بأنني طمست جهد أحد أو حتى جحدت دور أحد أياً كان وأياً فعل فأنت هنا بنيت حكماً يحتاج للمراجعة.
وأبدأ بالسؤال كيف يمكن طمس جهد أحد؟؟ إن المعنى الذي تقصده ربما هو ما يدور في خلدك بما لا يتعدى ملتقى الرابطة والذي أكدت دائماً بأنه البداية ولا يمثل من الجهد المطلوب والمأمول لرابطة الواحة إلا أقل القليل يتعلق بمشاركات الأعضاء في النشر في الرابطة. فهل قمنا مثلاً بطمس مشاركات أي عضو كتب حرفاً مفيداً؟؟ هل قمنا بحذف عدد مشاركاته أو رفض مشاركاته؟؟ هل قمنا بإغلاق أبواب الواحة في وجه من تحامل على الواحة لأسباب تخصه أو لظروف فرضت بخصوصيتها وهم قلة قليلة على أية حال؟؟ هل قمنا بالإعلان يوماً بأننا ننكر جهد أحد حتى لو كان بسيطاً؟؟ ألم تطلع بنفسك غير مرة في لوحات شرف نزجي فيها العرفان والشكر والمتنان لكل من نرى منه جهداً أو ندرك منه وفاء؟؟
يعلم الجميع أننا في الواحة منذ انطلقت نحتفي بكل كريم وفي نقي تقي معطاء صاحب همة وذمة وصاحب قدر وقدرة ، وما كنا يوماً إلا من نسارع للاحتفال والاحتفاء بكل سامق وأصيل نفسح له المكان وننزله المكانة ، وأنا قبل أن اشهد أحداً أشهدك أنت وأنا أعلم أنك صادق ومنصف إن كنا في الواحة جحدناك حقاً أو طمسنا لك جهداً. أتذكر أخي يوم أتيتنا والأخوة الكرام ممن تعرف؟؟ أتذكر كم استغرق بك الوقت لتجدنا نسعى إليك ونحتفل بك ونرفعك حيث رأينا مكانك؟؟ ألم نفسح لك المجال ونرفع لك المكانة في كل مرة؟؟ هل نسيت أيضاً أننا رصدنا أصحابي وأصحابك فكان لهم نفس التقدير والحفاوة حتى إذا غيبت الظروف أحدهم لم ننسه وسله إن كنت نسيته أو تجاهلته حتى وقت قريب جداً. ثم ألا ترى ما وصل إليه من أخلص وثابر من أخ فاضل كبير وأخت نقية وفية هذا بات مديراً لأهم مشاريع الواحة ووعدناه بالأكثر ، وهذه الفاضلة باتت أماً للواحة وهي تعلم أننا عرضنا عليها الكثير فرفضته بالإيثار وأحبت أن تعمل في صمت. بل سل إن شئت من انتسب للواحة خلال الفترة القليلة السابقة وانظر إن كنا أكرمناهم وهم الكرماء أم أننا تجاهلناهم وجحدناهم؟؟
ثم كيف تتجاهل أخي الكريم ما بات يوماً حديث الجميع من أكبر تشكيل إداري في الشبكة والذي ما كان إلا لتجسيد مبدأ المشاركة وتعويدهم على حمل المسؤوليات وللأسف فقد أخلف الجل عهدهم الذي قطعوه فهل هذا ذنب الواحة أم ذنبهم؟؟ ثم كيف تتجاهل هذا العدد الكبير الكثير من أعلام الواحة ممن لا يمكن حصرهم وهم أهل همة وذمة تبوؤا المناصب وقاموا بالدور وما يخفى على أحد في الشبكة مكانهم؟؟
إن من الإنصاف أخي أن لا نحكم على مثل هذه الأمور من خلال مواقف شخصية وظروف ضيقة والتي لن أخوض فيها علناً والتي مهما عظمت في عينك فهي في حساب رسالة كبيرة صغيرة وصغيرة جداً. وأهم ما يجب أن يعلمه المرء أن للحقوق واجبات ولا يكون جزاء الإحسان إلا الإحسان ، وأن من لا يفي العهد ويخلص الود لا يحق له أن يعاتب أو يحاسب. وبهذا المفهوم فأنا أرى عتابك هذا وإن جاء في غير مكانه وحول اللقاء معي إلى محاكمة منك على بعض ما تجد مني أو من الواحة وكان أجدر بك أخي الكريم أن تتبع السبل الصحيحة التي تثبت حسن النية هو دليل ود لأن العتاب كما أسلفت لا يكون إلا محب وحريص ، أليس كذلك أخي؟؟
ثم وأخيراً فإني أسألك سؤالاً لا أنتظر إجابته أيضاً: أنت عراقي يا أخي وتفتخر بذلك ونفتخر نحن بك وبالعراق ، فهل لو قمت بمحاربة من اعتدى على وطنك الذي تحبه وتعيش فيه وله تلام وتعنف وتتهم بالسوء وبالجحود والغدر أم العكس؟؟ هل توافق من يتهمون الذائدين عن عزة وكرامة العراق من المجاهدين بأنهم مفسدون وأنهم أشرار لأنهم يحاربون ويقتلون من جاؤوا بدعوى الحرص والخير والنصرة فتسببوا في أكبر فتنة في التاريخ ارتكبوا أكبر مجزرة عرفتها البشرية؟؟
وبهذا ، هل تلوم شخصاً يذود عن وطنه الذي يحبه ويعيش فيه من كل ساع للفتنة ، داع للخلاف مهما ادعى من خير وحرص؟؟ لا أحسبك إلا تدرك الشخص الوحيد الذي أعني بهذا الكلام وأما غيره فوالله إنا لترحب به وإن آذى وإن جحد.
لا أزال أطمع في تفهمك وصبرك ريثما أعود بما تبقى من رد أخير.
تحياتي
الحقيقة أخي الكريم عادل وجدت هنا صعوبة في فهم مضمون ما تقول لتناقضات صارخة هنا. أنت هنا تؤكد أنك أفدت من الواحة وتراها مشروع حلم ناجح وبأنك تعلمت منها الكثير ، ويحمل كلامك معنى أن الواحة غير ذلك وأنها تتقوض أو تنهدم فهل جاءت الواحة من فراغ ، وهل وصلت إلى ما وصلت إليه إلا بمنهج أساسي واضح سارت عليه منذ البداية ولا تزال حريصة على أن تسير إليه فتسدد وتقارب بما تراه الأنسب لمسيرتها؟؟ هل كل ما تراه اليوم سواء من حيث التنظير كما قلت أو من حيث التدبير والتطبيق هو محض هراء وأمر لا قيمة له لأنه لم يسر وفق هواك أنت؟؟ هل تستخف برأي العدد الكبير ممن يرون في الواحة غير ما ترى ويعملون في صمت ومثابرة على حمل رسالتها وإبراء الذمة؟؟ أعلم منك أخي عادل غير هذا وأثق بأنك لا تغمط حقا.
ثم أنت تقول بأنك حريص على الواحة وحريص على رقيها وأنك هنا لما يفيد وينفع ، فهل مما يفيد وينفع ويعبر على الحرص أن تغمز وتلمز أولاً بمعرفتي بما في نفسك وأنا والله لا أعرف ما في نفسك ، ثم تطعن وتضع من قدر الواحة ودورها وتأتي لتكشف ما تظنه عورات للواحة أمام الملأ فهل هذا من الحرص والنفع؟؟ هل الحريص على وطنه يفضح ما يظنه مما يسيء إليه؟؟ وهل النصيحة أمام الملأ نصيحة؟؟ وهل بهذا تظن بأن المتابعين سيصدقون حينها بأنك تريد الحق والصدق والنصح والحرص؟؟ أقبل بحكمك يا من عرفناه حكيماً. ثم إن كان لديك بعد كل ما قدمت من نصح فإني أرحب به جداً بل وأرحب بالقدح واللوم متى أريد منه الخير ومتى اتبع السبل المناسبة لذلك ، وأنا هنا وأمام الجميع أرحب بحوارات خاصة بيني وبينك أو إن شئت بمشاركة بعض ركائز الواحة وستجد منا حينها أذناً واعية وقلباً متفهماً ، وسنقوم بتوضيح كل الأمور لك بشكل يرضيك ويمسح عنك كدر نفسك علينا. نثق بأنك تريد الخير ونؤكد أننا نريده فكن على قدر ما نعرفك به.
ثم أخيراً تتحدث وكأن الأمر هنا حوار ثنائي بيني وبينك أو لنقل محاكمة منك لي قبلتها تودداً وأجبت على كل ما قلت فيها بما ألهمني ربي من الحق ، ولكن أخي الكريم نحن هنا في لقاء فرض علي وما أردت أن أكون أول من يستضاف فيه ، وهو لقاء أول للقاءات كثيرة مستمرة ستتبع مع كرام الأمة وكبارها بإذن الله ، وهذا بالطبع يعني أن الأمر هنا ليس حوراً ثنائياً أو محاسبة أو معاتبة ، بل هو لقاء له ضوابطه والتي من أهمها أن لا نصادر حق الآخرين في المشاركة بأسئلتهم ، ولا أحسبك تقصد أن تفسد اللقاء فأنت أكبر من هذا في نظرنا.
أرجو أن يكون في ما قدمنا ما تفهمه على أنك هنا تخلط بين الواحة وبيني ، واللقاء هنا معي كشخص ، وليس عن الواحة ككيان وعليه فإني أرحب بك هنا لتقول في ما تشاء وتطعن في شخصي بما تريد وسنقبل بما تقول برحابة صدر وتفهم ، ولكن ليتك أخي فضلاً لا أمراً أن لا تتطرق إلى الواحة في هذا اللقاء على ذات الوعد الذي قطعت بأن نرتب لحوار آخر بيننا وبوجود ركائز الواحة فنأخذ من نصحك ونسمع لرأيك.
أما أنك أزعجت فلا بل نشكرك على تواصلك الكريم ، وأما العودة فكما أسلفت لك من أننا نرحب بعودتك دائماً ولكن هنا لقاء مع شخص سمير العمري فعد بهذا متى شئت على الرحب والسعة.
وأما أن تنصح بنكران الذات وتقديم الآخرين على النفس فهو مما سنلتفت إليه بإذن الله تعالى وأعيد النظر في أمري لأنني أراني حتى اللحظة وبشهادة الكرام من أعضاء الواحة أقوم بهذا مجتهداً ، ولا أجدني أقدم نفسي عليهم بقول ولا بتصرف ، فأنا حين يتعلق الأمر بشخصي لا أجعل مني هالة كما يفعل الآخرون في منتديات أخرى ، وأقسم بالله بأنني لم أقم مثلاً بتثبيت قصيدة لي ، ولم أقم يوماً بتخصيص قسم خاص بي مثلاً ، بل حتى حينما خصصت لبعض أعضاء الواحة دواوين خاصة جعلت نفسي في آخر القائمة وقدمتهم جميعاً على نفسي ، ثم إنني أراني أهتم بكل صغير وكبير في الواحة وأرد على كل من يشارك ويكتب حتى أولئك الذي لا يرد عليهم أحد ، ولو نظرت إلى عدد مشاركاتي في الواحة في هذه اللحظة لوجدت أن عدد مواضيعي 412 وعدد ردودي 11780 وأعتقد أن في هذا ما يكفي دليلاً لتقديمي الآخرين على نفسي فإن لم يقنعك ذلك فسل من نقدمهم للمهمات التي يعلو بها المرء لا عن قصور بل عن تقدير وإكبار ، ولعلك لو أعملت الذاكرة بصفاء قلب تتذكر كم كان حرصي على تقديم الآخرين ومحاولتي الدائبة التراجع والترجل كي ينطلق للأمام غيري ممن يتصدرون لقيادة هذا الصرح.
وإن لم يقنعك كل هذا فماذا تسمي تحويلي موقعي الشخصي لهذا الصرح العظيم وجعلته وقفاً لله تعالى ، ولم أخصص فيه أي شيء لي شخصياً فأنا في حقيقة الأمر وكما يرى الجميع واحد من الأعضاء أكتب كما يكتبون وأرد كما يردون ومتى خيرت بين أمري وأمر غيري قدمت أمر غيري وآثرت رضاه على رضاي وهواه على هواي.
أما نكران الذات كقائد لهذه المسيرة فهو مما لا يكون لأن في ذلك إضرار بالرسالة وبالمسيرة ، وإنما في هذا الأمر يتميز المرء بجهده وعطائه. أنت ذكرت أخي مثلاً ما لا نجحده ولا نستهين به من مشاركة في بناء بعض لبنات في صرح الواحة وأنت تعلم أنك تعني مشاركاتك في النشر والردود بما بلغ حتى اليوم 2474 ولو أنك قمت بحساب بسيط أخي الكريم تجد أن معدل مواضيعك إلى ردودك أعلى من معدل مواضيعي إلى ردودي وهذا يعكس أيضاً أنني أكثر منك إيثاراً ونكراناً للذات وتقديماً للآخرين.
ماذا لو تحدثت عن نكران الذات في تكريس كل حياتي للواحة ورسالتها بحيث أنني أتعامل معها كحياة كاملة وليست مجرد ترف أقوم به في وقت الفراغ. ماذا عن انقطاعي عن كل ما حولي وانشغالي التام بهذه الرسالة أتابع كل دقائقها ولا أجد حتى وقتاً لراحة أو لاسترخاء لا أبخل عليها بجهد ولا وقت ولا مال ولا علم ولا عزيمة ، وأتحمل بسببها ما يأتيني من شرور الناس وأذى الحاقدين وطعن المغرضين مؤمناً بأن أصحاب الرسالات مبتلون وأن أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ماذا أخي عن استقالتي من عملي وتفرغي لخدمة الأمة من خلال هذه الرسالة تفرغاً تماً واثقاً جازما؟؟ هل تريد بعد كل هذا من دليل على ما أشعر به من نكران الذات وتقديم كل كريم ليكون في المكانة التي يستحقها؟؟ أم هل ترى أخي عادل في تصدري لحمل المسؤولية وامتطاء صهوة العزم والعز فارساً أرجو أن أنتصر لأمتي يوم أخلد الكثير عدم نكران للذات؟؟ بئس النكران حينها.
ثم تقول أخي الكريم متمنياً بأن ترى تواضعاً أكبر وأقول بكل الود والصدق:
أما أن تتواضع همتي فلا ورب المشارق والمغارب حتى يسترد الله أمانته ، وأما أن يتواضع طموحي فلا ورب العرش العظيم حتى ألقى وجه ربي الكريم وقد أبرأت أمامه ذمتي وحدثت بنعمته علي بما يرضيه عنا.
وأما أن تتواضع نفسي فلعل الله أن يجعلك سبباً لنعمة تهذيبها ، وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي ، وأنا والله لست بخيركم قلتها من قبل وأقولها الآن وسأقولها ما حييت ، لست بخيركم ففيكم من هو أعلم مني ، وفيكم من هو أكرم مني ، وفيكم من هو أتقى ، وفيكم من هو أحكم وأرشد ، وفيكم من هو أهدى وأسدى ، ولكنني رجل أنعم الله عليه بالكثير فضلاً وامتنانا وما أوتيت ما أوتيت على علم عندي ، وابتلاني بنفس أبية عزيزة تأبى إلا أن تحلق في أفاق العزة والكرامة والهمة بما يرضيه ، فطهرني أخي الكريم من نزغ الشيطان وغلبة الهوى ، وازجرني وقد رأيت مني الكبر والأثرة لتكون نعمة الله علي ، أعدني إلى درب الهدى والتواضع ، وارشقني بما تجد يدك وما يجد لسانك لتغسل بها نفسي وتذكرها بأنها أمام الله عبداً ذليلاً وبين الأخوان محباً رفيقاً ... لست ملكاً وإنما أنا بشر يجتهد فيخطئ ويصيب ، ونفس قد يغرها زخرف الدنيا ، فطهرني من أمراض نفسي بما تراها ولكن بالله عليك لا تسلبني همة النصير ولا تصادر حقي المشروع في الحلم.
تقبل التحية والامتنان.