من يقرأ لأديبتنا المبدعة حوراء آل بورنوا لابد أن يستحضر الرافعي بعالمه ، فهي تعيشه واقعا ، وتتحول الكلمات بين يديها إلى عجينة تشكل من خلالها ما تريد ، ورغم أن هذا النص استرسال واستسلام للشعور دون أن تريد منه أن تتبع قاعدة فنية أو منهج شكلي بنائي ، إلا أنها لم تنفصل عنه..
ويصدق فيه قول الشاعر :
|
تزين معانيه ألفاظه |
وألفاظه زائنات المعاني |
|
|
وإذا أسقطنا مفهوم البلاغة عند القدامى على هذا النص في انه التعبير الصادق عن إحساس صادق ، فإننا نجد النص في القمة من هذا المفهوم، وإذا نظرنا إلى البلاغة وفقا للنقد الجديد ، وفي أنه ليس في صدق الإحساس أو في صدق التعبير أو جمال الأسلوب وإفصاحه عن شخصية الكاتب ، فإن النص في القمة من ذلك ، وما ذلك إلا انطلاقا من أن الكاتبة خلقت معادلا موضوعيا للإحساس الذي ترغب في التعبير عنه ، وقد جسمت إحساسها ، حتى إذا ما اكتمل هذا المعادل الموضوعي استطاعت أن تثير في القارئ الإحساس الذي تهدف إلى إثارته فيه، وإن كانت تعبر عن أحاسيس نفسية ، عنونتها بالثرثرة ..
، ويبقى أن أقول إنني درجت منذ زمن على أن أنسى أو أحيد المبدع خارج حدود النص ، ولكنني مع هذا النص لم أستطع أن أحيد مبدعته ، فأصبحت الحقيقة الكائنة التي تتضاءل إلى جانبها الحقائق كلها أن النص مثل كاتبته خير تمثيل ، فقد وضعت فيه عصارة نفسها الشفافة ، وعبرت عن مكنونات روحها خير تعبير ، فتعانق الصدق الواقعي مع التألق الفني .
ولأنني لا أريد أن أخدش الإحساس في النص ، فإنني لا أحبذ الدخول في تفاصيل المعاني ؛ حتى لا أكون من الطاعنين بمعاني الوفاء الشفاف ، وينطفئ في فمي سؤال أسيف : ما حدود الصبر إن كان له حدود ؟
ولا أقول إلا إنه كلما استعرت جمرة القلب حبا ، يومئ القلب للبنان ، ولكن لا يجب أن نقبع في تجاويف ذاكرة لا نطيق اللجوء إليها ، بل نسمو على الوهم وإن جار الحب ، حتى لا نقع في مكابرة تستبينا ، وتلح وتمعن في عالم يدعونه الانتظار على قارعة الزمن المر !!!
الفاضلة المبدعة حوراء : نص في القمة من الإبداع ، وقد صدقت مقولة أستاذنا الدكتور السمان فيه ، وهو يسبقنا دائما إلى الجميل وإن كان هذا الجميل قد قد من حزن.
دومي مبدعة