المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مصطفى عراقي
زيارةٌ
==============
وها هي ذي حمامة البوح تبث هديلها بعد أن أوت إلى ركن ركين على الكتف الحانية تلتقط أنفاسها ، وتبث لواعجها بعد رحلة مضنية !
وهاهو ذا هديلها يمتزج بأنين حروفٍ متعبة نازفة ، لم تحظ بما حظيت به حمامة البوح إذ لم يلق له إلا خاصرة الريحِ القلقة المضطربة ملجأ !
ويعززهما المشهدُ بثالثٍ لم يجد له ملجأ ولا مغارةً ولا مدَّخلا يلجأ إليه
سألاه بإشفاق وحنو : من أنت أيها الشريد الجالس على عتبات الصمت تبعثرك الريح من كل مكان وإلى كل مكان، بلا نصير؟
فيأتيهما الصوت واهنا :
- أنا بوحٍ روح مضرجة !
وراحا يتأملانها وهي ترسم رغم كل شيء بقوس قزحٍ ، ورحيق دمها لوحات نزفها ونزفهما!
وكان الغياب بقسوته يطل عليهم جميعا وعلينا
اعتراهما الخوف وهجمت عليهما الوحشة ، قالا :
- نلجأ إلى الشوق !
ولكن الشوق خذلهم بلا شفقة ولا رحمة ، بل راح يبدد مدخرات القلب تبديدا
قال أحدهما (وأظنه الأنين):
- لا أرى نجاتنا إلا في مناجاة الحروف
فقالت حمامة البوح :
- ولكن الريح القاسية العاتية قد بعثرتها ووزعتها على أوطان الجوى
فقال بإيمان:
- وما يدريكِ لعل مناجاتنا لها تجمع لنا أسرارها المفتتة ، وضياءها المتناثر
أختاه
لا يَكنِ الأنين أكثر إيمانا بحروفك منك
ولا تجعلي للغياب والريح عليكِ ولا علينا سبيلا
أختاه:
ومعذرة لتطفلي على مائدة لوحاتك العامرة
عزائي أن من دعاني هنا أنين الحنين
وأن من بلغني دعوته حمامة البوح بهديلها الصادق الحزين
ودمت بنعمة من الله وفضل
ودامت حروفك النضيرة المنيرة