|
عتْبي عليك ويبقى الود بالعتَبِ |
ما دام يقرئنا الأرواح عن كثبِ |
عتب محبٌ كذكرى الروح فطرتـَها |
فالحب والطهر فيها والحنان صبي |
كالأم تخضرّ عند اللـه دعوتُها |
وقبلة ابنٍ شدتْ من فوق كفِّ أبِ |
عتب الذي أرهقت عينيه معجزة |
من الجمال فلم ينطق من العجب |
قد أكثروا القول عما قد أحاق به |
إذ غاب عن أهله والجسم لم يغبِ |
وجودك الطاهر الإنسان حمَّلني |
من التساؤل ما يفضي إلى التعب |
لو ناب بيت عن الدنيا بأجملها |
فالحتم: عنك جميع الشعر لم يَنُبِ |
فأنت خير جميع الناس في صفة |
كماء زمزم من دون البحار حُبِي |
فاغفر عتاب حبيب جاء محتسباً |
إحساسه عندكم كالطفل غيرَ أبيّ |
خُلِقتَ فينا وكان العتب من ولد |
أحس أنك روح من دعاء نبِي |
حتى كأنِّي ولو لم تأت في زمني |
لزدْتُ فوق الذي أسلفْتُ من عتَبي |
نزلت أبصر في كفيك لي وطناً |
من الأصالة والإيمان والحدب |
أمانة الشوق في جنبيّ أحملها |
مثل السما اتسعت في صدر مضطربِ |
حُمِّلْتُها راضياً، والناس أحسبُهُمْ |
لو حُمِّلُوها، أبوْا عجْماً على عرَبِ |
يا زهرة الروح والدنيا وزينتها |
لو كان شوقي ذنباً كنت لم أتبِ |
أحاول الشعر في صمت وفي قلقٍ |
ونكهة الشعر عندي أوَّلُ التعبِ |
كالروح –يخرج- مني وهْي راضية |
مرضية ... فادخلي في جنة الأدبِ |
يحوطها ملأ الإحساس محتفلاً |
من انتصار ومن أمْل ومن طربِ |
حرفي ببابك كالطفل اليتيم رأى |
أنوار عرس كبير عند ذي حسبِ |
عذرٌ تراجعه، خوف ملامحه |
ما بين مبتعد يرجو ومقتربِ |
كالدفق فكرته، كالغصن نبضته |
ترميك مقلته في غاية النصبِ |
فاقرأ لأول مرَّاتي دمي بدلاً |
من المحابر في الأوراق والكتبِ |
هذي خطوط شراييني أنسِّقُها |
إليك في لغة بيضاء من عصبي |
أطلقت فيها سماء الروح مبتسماً |
كما يجمِّلُ وجهاً حمرة التعبِ |
سخَّرت دولة أعضائي كتجربة |
أعلنتها كزواج الأرض والسحبِ |
فادخل إلى دولتي من باب أحرفها |
واصعد لعرشك مرقاة من الرغَبِ |
إن تأمر الشمس تشرق من مغاربها |
أو تأمر البدر يبقى، يبقَ غير أبي |
هاتيكمو دولتي في طاعة وجبتْ |
على شيوخي وشباني وأيِّ صبي |
على نسائي، وأنهاري، وطير دمي |
والشمس والأرض والزيتون والعنبِ |
فاسبح، وطر، وابتسم، واغضب بغير مدى |
ترضى شعوبي وإن عاقبْتَ في الغضبِ |
وابسط جناح الضحى عاماً، وسوف أرى |
إن شئت -عمري- مساء غير ذي شجَبِ |
مادمت صاحب هذا العرش منتخباً |
سن القوانين في الأعضاء تَسْتَجِبِ |
قلِّب حروفي؛ فهذا الحرف من صغري |
وذاك شيخوختي، والبعض لم يَشِبِ |
منها بيوت وقيثار ونور تقى |
وذلك الحرف تاج خالص الذهبِ |
فليأخذ الناس منها ما يباركهم |
صدقي يرجِّعها أحلى من العُرُبِ |
دَقِّقْ!! فهذي –أراها- واحة عمرتْ |
وتلك جنة رضوان بلا كذب |
وهاك شمس، ونهر، تلك معبرة |
وذلك الطفل مغسول بما اللعبِ |
فجنتي كفك اليمنى، وجارتها |
يسراك، والشمس من عينيك لم تغبِ |
والنهر ثانية العينين، معبرتي |
رضاك، والطفل قلبي في لقاك ربي |
أمامك الحرف: لا أبواب تفتحها |
لكنّه ابنٌ وفي شوق لحضن أبِ |
عاديّة باؤه والنون إن بعدتْ |
عيناك عنِّي، وإلا فهو قرب نبي |
صلّى عليك دمي في الحرف، تسمعه |
فرد "آمين".. يا رباه فلتُجِبِ |
حدِّث عيون انبهاري في نقاوتها |
تلميذة سئلت في الدرس لم تجبِ |
وكيف يملك ذو الأنفاس فكرته |
إن كان مبتدئاً في حضرة العجبِ |
هذي حروفي فما لم ترضَ أبعده |
وحيث ترضى فهذا غاية الأدبِ |
ناديت نبضك باسم اللـه في أملٍ |
فاجذب بكلمة "يا ابني" القلب ينجذبِ |
أشفقت ألفاً على ألفٍ فكيف ترى |
في القول إلا مُدى أنفاس مضطربِ |
كذّبتُ عيني، ولم أَنْسَقْ ورا أُذُني |
إذ قالتا: ملَك بادٍ بلا حُجُبِ |
يا قلبُ، إنك لا تغنيه من سكنٍ |
فالنبض شاب من الأحزان والكربِ |
لو كان إنساً فليس الحال مختلفاٌ |
هل كان من غير جنس الإنس أيُّ نبي |
أولانيَ القلب عصياناً، وأشهد أنْ |
لو تاب قلبي من العصيان لم أتبِ |
زوّجْته كلمتي في مهدها فأبت |
وكنت إلا اندفاق الشعر فيه أبي ّ |
وعلّلت خوفها عندي شكايتُها |
فكنت سامحتها من قلب محتسبِ |
قالت: هو الملك الإنسان، كيف ترى |
أن تدخل القصر ذات الفقر في الأدبِ |
دعني؛ فلست بذات الحسن أعجبهُ |
وأنت لست خبير الشعر بالسحبِ |
وأقنعتني، وعلمي أن رغبتها |
فوق البحار التي كالسحر تدفع بي |
عانقتها وهتفنا بين جمهرة |
من الأحبّة محفوفين بالطربِ |
يكفي الرعية نور المدح في ملكٍ |
حتى وإن لم يصل أذْنيه أو يُجِبِ |
وآخر الخوف يبقى إذ يقابله |
حرفي وحيداً، بلا حبري ولا نسبي |
ما زلت أذكر صوت النبض يسألني |
ألا أجسده حرفاً، ولم أُجِبِ |
أرسلته دافئاً كالماء، أو نشطاً |
كالخيل جاز دمي كالنار في الحطبِ |
يخاااف حرفي وقوف الفرد عند أبي |
فلتستعيني برب الصبر يا كتبي |
إما تبسم عن رضوانه انبثقتْ |
شمس!! وأيٌّ دنا للشمس لم يَذُبِ |
وليس يمكنه حرفي معيشتَهُ |
إن صار وجه أبي الغالي إلى الغضبِ |
خوفي أسجِّلهُ، والناس تقبله |
أو ليس يقبله غيري، فلست نبي |
ما زلت أهتف بين الناس يسمعني |
قلبي فيضحك من قلبي بصوت صبي |
يتلو ابتسامته في الصدر فانبجست |
عيون صوتي تهز الدار بالعجبِ |
((محمدٌ حسنُ السمانُ)) قد هتفتْ |
بها شعوبي، فيا أياميَ اعتشبي.. |
وسائلي أسرتي: خيراً؟؟! فأخبرهم: |
"كاليوم وضّأَ سمع الكون صوت أبي |
وأيقظ الطهرَ تبريكُ الجمال له |
وظل نور الرجا في حضنة السحبِ |
وغيّرت –وقتها- الدنيا الشموسَ بما |
رأته في عينه اليمنى بلا حجبِ |
وسار من عينه اليسرى إلى نهَرٍ |
دفْقٌ جميلٌ، فأنهى دفقَه العصبي ّ |
وعاد صوت الربا يزهو برقصتهِ |
يرعاه نور الضحى بالضوء والحدَبِ |
وأنبتَ الزمنُ الإحساسَ في دمنا |
بأن ذلك فتحٌ جدَّ للعربِ |
فكل عام وأنت الحب نبصره |
من السلامة والإيمان والأدبِ |
من دفقة النهر والطهر السعيد ومن |
ضحْكات عينيك بالأقمار والشهبِ |
من رقصة الزهر في كفيك معلنةً |
نوعاً من الخلدِ لا يلوي إلى عطبِ |
من رغبة الكون إذ يعلو ابتسامك أن |
يبدِّل الجوهر الكونيّ بالأهبِ |
عيد سعيد يصوغ الروح أغنية |
تهتز بين فروع النخل والرطب |
تبقى طوال المسا كالحفل ساهرة |
وفي النهار أحب الطير والجنب |
كالطفل يرهقه ما كان من لعب |
لكنه جدّ في إغراءة اللـعب |
كالشكر بسمتها، كالذكر رغبتها |
كالفكر نظرتها، كالبكر في الطرب |
كالعشق لفتتها كالعتق رقصتها |
كالعرق دفقتها،كالعمر في أرب |
كالبحر في صفة، كالبرّ في صفة |
كالدر في صفة، كالنهر والسحبِ |
ترتاح، راحتها ذكراك، وادّكرت |
تنساح، ساحتها لقياك عن كثبِ |
تقتات من أملي ما فوق محتملي |
حتى اشتكت جملي في دمع منغلبِ |
ماذا أقول لها؟ والقول ماثلها |
في رقة الشوق والإيمان والطلبِ |
باتت مسومة في قصدها ثقةً |
تتلو معلقة في حضرة الرغب |
ماذا أقول لها والـ"ـعيد" جمّلها |
كأنها في اسوداد الحزن لم تشبِ |
ماذا .. وفكري استعاذاتٌ ترتلني |
ألا أمانعها في مدحها لأبي |
بوركت ياصاحبي ! لا لن أمانعها |
مهما بلغت الرضا منه.. |
إني حزمت مواويلي وما نسجت |
يدي إليه عسى يرضى.. ولي سببي |
فيا صياغتها ذوبي مسالمة |
في عِبرة الشعر تبقى زينة الكتب |
وخلدي مدني في السطر أو مدني |
في قلب أكرم من يحيون في العرب |
وبلغيه عن الإحساس أمنية |
بيضاء مثل حمام البرج في العزبِ\ |
"لو أن روحي زيادات لبسمته |
لكنت قدمتها في منتهى الأدب |
فالروح تهتز في الآفاق أدعية |
كالطير صُفَّتْ بإعجاز وإن تَجُبِ |
روحي التي نشطت كالماء فاندفقت |
في الأرض فاعتشبت..يا جسم فاعتشبي |
أبطلت عادة حزني وهو كان أنا |
وابني وبنتي وأمي في المسا وأبي |
طعامه بدني، والشرب محض دمي |
ورزقه حرقة من زرقة العصبِ |
وأمس في موعد اللقيا بدا شبحٌ |
ويدَّعي أنه حزني، ومن نسبي |
أنكرته فبكى كم حسرة، وحكى: |
"قد أنكرتنيَ روح الحزن والكربِ |
في عيد ميلادكم قد أُعجِبَتْ لغتي |
بنكهة الفرح في عينيك! يا عجبي!! |
وأمس غنَّت كأن السعد والدها |
والأنس أم لها "يا خير منقلبِ!! |
إني انتبذت من الأهلين في خلدي |
وكان في نشوتي من دونهم حُجُبي |
طعمت من كفك اليُمنى نقاوتها |
وهزَّ يسراك قلبي هزَّ مرتغبِ |
وعدت أحمل شعري مؤمناً حسناً |
لا زال في مهده –وهو الحكيم- صبي |
قالوا: بعدت، وطول الشعر حملنا |
من الملالة إحساسات مجتنبِ |
فردّد الشعر ما في القلب من قسَمٍ |
أذاب جسمي وأفكاري ولم يَذُبِ |
"واللـه!! واللـه إني قد كفانيَ أنْ |
مارست شعريَ إرضاء لقلب أبي" |