بالأمس كانـوا …
بالأمس القريب ، كان لا يهدأ الجرسْ، أحبابا و طُلابا ليأتـوا من كل حدب و صوب. و اليوم و قد أقبل الكِبَر بليله المظلم ولاحتْ بالأفق شعيرات بيضٌ و أرستِ السفينة إلى برّ الأمان، قالوا :
(( إنه الجبل ! سنأوي إليه كي يعصمنا من الماء. وربي لن يدرَكنا الزمان و صروفه، حتى فرعون و الحرَسْ ))...
فخبا الجرس و ظلّت سكراته حتى فطس ْ!
كثيرٌ همْ لنا صَحبُ و بِضْعٌ مَنْ هوى القلبُ فبعضهمُ الصدوق لَمنْ يضمّكَ صدْرُه الرحْبُ و إنْ يَلقاك مبْتسما فلا لمآربٍ يَصْبو كماءٍ سلْسلٍ بفمٍ يسيل كلامه العذبُ و نُصحٌ كم به دُرَرا يُهيبُ بِما دعا الربُّ أخاكَ أخاكَ في يُسرٍ و حين يُباهِتُ النكْبُ ليُفدي خِلّهُ بدمٍ إذا اشتعلتْ لظى حَربُ / و بعضهمُ لَمِنْ بُعدٍ و إنْ جاءوا ففي سُؤْلٍ يَجُبُّ جَفائَهمْ حُبُّ خِفافا إنْ أتى فرَجٌ ثِقالا إنْ بدا خَطْبُ حديثُ اليومِ عِندهمُ لذا أسدٌ و ذا ذِئبُ و هَمُّ خِيارهمْ سفر يَضَلُّ بِمالهم يربو فما كسَدتْ بضاعتهم و دوما حَبُّها رطبُ!! إذا ما قلْتَ تَنصحهمْ يَردُّ صغيرهمْ : عيبُ ! / و لوْ عادتْ بنا الدنيا زمانَ بفضلنا كُنّا يقالُ لأنتمُ اللُبُّ نبيتُ الليل نَحرُسهمْ بكلّ سفينةٍ ركبُ و موجُ البحر يلطمنا و نار الشمس لا تخبوُ فلمّا البرَّ قدْ أرستْ و ضمّهمُ ثرىً خِصبُ تداعى بعضهمْ هَجرا لِمثلكَ ُيشرب النَخبُ مراكبنا بنا تمضي و ما نفَعَ الفتى شَيبُ! / نُعيب زماننا دَأبا و لوْ فُطِموا على خُلقٍ لَما أغوى بهمْ صَحبُ و لا ظلّوا الطريق و لا أصاب مَقاتلا عُجبُ و طبع النفسِ جاحدة فما تأكل ، تَقُلْ : عُشبُ! و ما لِسجيّـةٍ دامتْ و بعضُ طباعنا كسبُ و قولُ الشِعرِ مدرسةٌ فذا كسبٌ و ذا وهْبُ و طالبها لذو حظٍّ إذا ما يُسِّر الدربُ و كلّ طريقنا غيبٌ و ليس بِمُخبرٍ غيبُ هيَ الدنيا لمنْ ضحِكتْ نعيمٌ بعدهُ نَحبُ
عاشق القافية 2006