سيدتي انك تبالغين في مقامي، فمع غموض الموقف،تتمكن الرجفة، وتشتد الظلمة، ويخترق الحجب برق خاطف، يذهب بالأبصار،أقسم أن من انتشى بالفيض فاز، ومن ابتعد خسر وخاب، ذلك أنها لحظة، وما القلب، وما النور، وما كلاهما، إلا صورة فضية لرؤية يكاد ينساها الغافل في غفلته،ويتجاهلها العارف في ذروة سكرته، وإني والله من هذا وذاك بريء، وإني والله ما ادعيت كشفا،ولا اتصالا ولا وصلا، صدقيني ان الأسرار مكنونة، والأسطر مخطوطة ومحفوظة، وليس لي من الأمر شيء.
صدقيني ان للطير روحاً واحدة، وان للسبع روحاً واحدة، وان للإنسان روح واحدة، ولكل منهم أجساد بالية.
ما بال دأبك الأسباب والعلل، ما تنفكين عنها سبيلا، لكن دربي عن دربك لبعيد، ففي الظاهر يسكن الخطر، ويتوه المرء، ولا يجد السكن، وفي الباطن صدق الخبر، واليقين والمستقر.
أبعد الروح تطلبين شاهدا، حسبي منك الحيرة، حسبي منك الشك، ونظرات الارتياب.
صدقيني في المضغة الحرارة والبرودة ، وما الوهج إلا هنا، وما الغفوة إلا هنا، وما الخفوت إلا هنا ، وما الصحوة إلا هنا أيضا . ألم أقل هنا مكمن كل شيء، وليس لنا من الأمر شيء.