بين أغصان الحنين أوجدتُ لنفسي ثغرةً في وريقةٍ صغيرة , زاوجتُ ما بينها و بين حبيبات أحلامي الغضّة الطريّة , بسطتُ فوق رأسي ستارةً زرقاء تحمل لون السماء , كدَّستُ تحتها كل مفردات الدفءِ و النقاء , أبهرتْ سرائر الناظرين كأجمل لوحة بقيتْ غافيةً تحت أمطار بكرٍ لامعة.
هززتُ يوماً جذعَ الهوى , فسقطتْ من أشجاره ثمارٌ ثكلى تشبه دمعاتٍ تراشقت من فم غيمةٍ نائية لا لون لها , و لا تتلف بأمطارها إلّا سحباً حملتْ بها بكر أحلامها.
سقوف الخير لا تدرِكُ أنَّها صارتْ مصدر سعادةٍ لذاتي التي تكوّرت كطفلةٍ بين جدرانٍ تحمي رئتين أصبحت أنا منهما , و ليَ في كلّ منهما مفتاحٌ يُفضي إلى حجيرةٍ أولها روحي و آخرها نبضٌ مختنق يصارع جاذبية الواقع .. ينطلق بي إلى عالمٍ حلمتُ بهِ و أتخمتهُ ببكرِ أحلامي.. يحلّق بجناحين مكتمليّ النضج , يحميني بين وبر ريشٍ ناصع البياض كروحه المعطاءة..
علّمني ذلك الرجل كيف أهّذب مشاعري و كيف ألبسُ طوق الكبرياء و كيف أغوص في عمق بحرٍ دون أن أغرق بأملاحه .. زرع فيَّ برعماً استنفرت من أجله رطوبة الأرض و السماء تسمو بهِ و معهُ إلى جنّةٍ عرضها روحه و طولها من طول انتظاره لمفتاحٍ أضاع سلاسل أحلامها و هو يعارك أوجاع الجراح !
بين يديه المعجونتين بدفء العالم أجمع ستستقيم مواطن أوجاعي و تقفزُ من أجل عينيه كل جوانحي
تنادي باسمه . هو سيّد الواقع و الخيال .. هو مزيجٌ من الوجع اللذيذ , تصالحٌ بين الطبيعة , بين الصيف و الشتاء ,
بين الأرض و الفضاء , بين البحر و اليابسة ..
و بيني و بين نفسي أنا..
سأورقُ بذرةً صافيةً و أتلولبُ طلوعاً نحو جنّةٍ خضراء حيث..يسكن..(هو) و أحلامي ..!
منى الخالدي
26\03\2007