|
ألو .. هل تُجِيبُ النِّدا يَا حَبِيبِي |
أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟ |
أَتَسمَعُ نَبضِي و تَنأَىَ بَعِيداً |
و قَد كُنتَ بَهجَةَ صُبحِ الغَرِيبِ ؟ |
لِمَ اليومَ أَعرَضتَ عَنِّي ، و أُذْنِي |
تَتُوقُ لصوتِكَ يُطفِي لَهِيبِي ؟ |
و كُنتُ إذا ما بَثَثتُكَ حُزنِي |
تقولُ فِداكَ العُيونُ حَبِيبِي |
و تُهرَعُ للصَّوتِ قَبلَ النِّداءِ |
و قبلَ أقول ألا مِن مُجِيبِ |
أحقاً رَحلتَ كَمَا يدَّعُونَ |
و شَمسُكَ قد آَذَنَت بِالمَغِيبِ ؟ |
فَمَن ذا سَيُشرِقُ لِي كُلَّ صُبحٍ |
و مَن ذا سَيَصدَحُ كَالعَندَلِيبِ ؟ |
و مَن ذا سَيَسكُبُ فِي مِسمَعَيَّ |
أَرِيجَ الصَّباحِ و سِحرَ الطُّيوبِ ؟ |
و مَن ذا سَيَأخُذُنِي فِي الحَنَايَا |
يُخَفِّفُ أَعبَاءَ يَومٍ عَصِيبِ ؟ |
يَقُولُونَ ضَمَّكَ قَبرٌ صَغيرٌ |
و قد كُنتَ نَسرَ الفَضَاءِ الرَّحِيبِ |
جَنَاحَاكَ مِثلُ جَنَاحَيهِ مُدَّا |
بِخَيرٍ عَلَى الأُفْقِ رَغمَ المَشِيبِ |
و سَاقَاكَ نَهرا لُجَينٍ أُرِيقَا |
عَطاءً و جُوداً بِكُلِّ الدُّرُوبِ |
يَمِينُكَ بَيضَاءُ تُورِقُ فُلاًّ |
و يُسرَاكَ تَقطُرُ عَذبَ الحَلِيبِ |
و وَجهُكَ مِثلُ نُصُوعِ المَرَايَا |
و قَلبُكَ غَضٌّ كَعُشبٍ رَطِيبِ |
أَبِي : كيفَ أَرثِيكَ يا نَبضَ قَلبِي |
أَيَا لَيتَ تَفدِيكَ كُلُّ القُلُوبِ |
أَيَا لَيتَ أَنِّي قُبِرتُ فِداءً |
لِمَن كَانَ عِندَ السَّقامِ طَبِيبِي |
و مَن أَطعَمَتْنِي يَدَاهُ الحَنَانَ |
و مَن دَاعَبَتْنِي بِحُبٍّ عَجِيبِ |
عَجِبتُ لِطَودٍ يُصَارِعُ مَوتاً |
فَلَم يَشكُ مِن عِلَّةٍ أو شُحُوبِ |
فَلَمَّا أَتَى أَمرُ رَبِّ قَدِيرٍ |
أَنَاخَ الرِّكَابَ بِقَلبٍ مُنِيبِ |
و أَعجَبُ مِن بَيتِنَا لو أَعُودُ |
و يَسأَلُنِي صَمتُهُ عَن حَبِيبِي |
و يَنظُرُ لي بَابُهُ فِي ذُهُولٍ |
كَنَظرَةِ طِفلٍ يَتِيمٍ كَئِيبِ |
يَقُولُ مَضَى مَن تَحَرَّقَ شَوقاً |
لِلُقيا البَعيدِ و لُقيا القَرِيبِ |
و لم يُغْلِقنِّي إذا جَنَّ ليلٌ |
أو افتَرَّ صُبحٌ بِوَجهِ الغَرِيبِ |
سَيَشتَاطُ عُكَّازُك الغضُّ غيظاً |
و يَبكِيكَ في جَيئَةٍ أو ذُهُوبِ |
و رُكنٍ تَرَكتَ لَهُ الذِّكرَيَاتِ |
سَيَذكُرُ وِردَكَ وقتَ الغرُوبِ |
و مَكتَبةٍ كَانَ نَبضُكَ فِيهَا |
تَنُوءُ بِكُتْبِ الفِرَاقِ الرَّهِيبِ |
فَمَن ذا سَيَمسَحُ عَنهَا الغُبَارَ |
إذا ما تَرَاكَمَ مِثلَ الكَثِيبِ |
أبي : إنَّ سَلوَايَ أَنَّكَ مِتَّ |
لتحيى هناكَ جِوارَ الحَبِيبِ |
و أَنَّكَ لَبَّيتَ دَعوَةَ رَبِّي |
بِقَلبٍ نَدِيٍّ و صَدرٍ رَحِيبِ |
سَأَبكِيكَ أَبكِيكَ مَا دُمتُ حياً |
و أَلقاكَ أَلقاكَ عَمَّا قريبِ |
فيا رَبُّ كُن بالحَبِيبِ رحيماً |
و يا جنَّةَ الخُلدِ سُكنى فطِيبي |