|
ماعدت أقدر أن أكفكف أدمعي |
أو أطرد الهم المقيم بأضلعي |
أو أنفي الأرق المحاصر لهفة |
يشقى بها نضو اغتراب مفزع |
سكنت طيور الحزن قلبي ؛ فهي لا |
تشدو سوى اللحن الشجي الموجع |
وثوت بأحشائي أنينا محرقا |
ولظى تلهب بالحنين المسرع |
وكأنها سقيت تباريح الضنى |
وغذا الغناء بها انفطار مفجَّع |
أو أغرقت ألحانَها سحبٌ جرت |
في كل أفق بالظلام ملفع |
مجروحة الآهات عند زفيرها |
وشهيقها قبر يحن لمصرعي |
يا صاحبي ، رفقا ؛ فلست سوى أسى |
ضاف بمكذوب الخيال مبرقع |
أخفي عن الكون الهموم ، ولوعتي |
تئد الهدوء ، وتستبيح تضعضعي |
وأروم آفاق السنا ، فيصدني |
غسق الرؤى ملء الفضاء الموسع |
وتحيط بي أيدي الظلام عنيفة |
فتردني بإشارة من إصبع |
أصغي لقهقة الدجى وكأنني |
أرجوحة في كف طفل لايعي |
أو ريشة تلهو بها ريح النوى |
فتبيد ما قد عشت وهما أدعي |
يا صاحبي ، رفقا ؛ فلست بطائق |
ثورات بركان يقلقل مضجعي |
في جوفه نار تؤج مشاعري |
وتذيقني حمم الهلاك المنقع |
تجتاحني يأسا ؛ فهل أنا حاصد |
شوكا يطل الياس منه ويرتعي |
يا صاحبي ، أفلا تهدهد لوعتي |
وتطل من روض الوداد الممرع؟ |
أوَ لم تكت حرصا تدفق نهره |
ريان من نبع الوفاء المترع ؟ |
ما ذا عراك ؛ فلذت بالصمت الذي |
أدمى بضجته رؤاي ومسمعي؟ |
ومضي يزلزل بالسكون تأملي |
وتشتت الأصداء فيك تجمعي؟ |
أترى الصداقة أصبحت أسطورة |
في عالم قلق الدروب مفزّع؟ |
أم أن واقعنا المحَكَّم قد لايرى |
للصحبة البيضاء حق تمتع ؟ |
أم أن تضليل المنجم قد قضى |
أنْ لا لقاء برغم قرب المنبع ؟ |
كذب المنجم لو يصادف قوله |
ما أبرمته يد القضاء المودع |
يا صاحبي ، أقبل ؛ فما زال السنا |
متوهج الإشراق ، حر المطلع |
الله يصحبنا ؛ فلا تك نائيا |
يوما – إذا عز اللقاء – وكن معي !! |